انتشرت في الآونة الأخيرة وبصورة كبيرة عمليات التجميل الجراحية بين الجنسين في العالم العربي، حيث شهدت العديد من مستشفيات التجميل إقبالا متزايداً من النساء والرجال من مختلف الفئات العمرية لإجراء عمليات جراحية تجميلية، في سعى محموم منهم إلى تحقيق قدر من الجمال المتوهم في مخيلاتهم، بغض النظر عن النتائج الوخيمة دينياً واجتماعياً ونفسياً وأخلاقياً المترتبة على مثل هذا المسلك.
والملاحظ أن هذه الظاهرة أطلت برأسها بعد شيوعها في الدول الغربية مشكِّلة موضة وهوساً لدى كثير من الناس، حيث باتوا في سعي لتحسين صورهم متناسين أن الله عز وجل خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأن لكل إنسان سمته الذي يخصه، وشكله الذي يميزه، فليس ثمة معيار ثابت للجمال.
وليس هناك قالب له تصب عليه الوجوه لتخرج بمقياس واحد للجمال، فضلاً عن أن الجمال نفسه أمر نسبي يتفاوت الناس في النظر إليه بحسب أذواقهم وميولاتهم.
والأدهى والأمرّ في هذه الظاهرة أن المستشفيات باتت تتنافس في توفير الأجهزة المتطورة والتقنيات الحديثة لتواكب طلبات التجميل المزعوم وملأت وسائل الإعلام ترويجاً لإمكاناته في تغيير الوجوه وتنضير الأجساد ضاربة على وتر حساس عند ذوي النفوس الضعيفة
ودخل الكمبيوتر بتقنياته الحديثة في هذا المجال بحيث يعطي صورة أولية وافتراضية لشكل الشخص وكيف سيكون بعد إجراء العملية التجميلية عليه، في أمر يشبه إلى حد بعيد ''الكتلوجات'' التي تعرض المنتجات المصنعة. وهذا الأمر تطاله المخادعة للواقع فمهما كانت مهارة الطبيب فلن يكون بمقدرته تحقيق الصورة الافتراضية في الكمبيوتر مع الواقع نظراً لما قد يحصل للمريض من تغيرات تبعاً لتغير مظهره.
وهذا يعود على المريض بنتائج سلبية لعدم وصوله للصورة التي يتمناها مضافاً إليها ما يمكن أن يحدث من أخطاء أثناء العمليات الجراحية.
وللإعلام دور كبير في ازدياد معدل إجراء تلك العمليات بترويج لبرامج التجميل عبر وسائله المختلفة كالتلفاز وغيره معددة مزايا التجميل وفوائده دون التطرق إلى المضاعفات والأضرار التي تحدثها هذه الجرحات التجميلية، الأمر الذي يدفع كثيراً من النساء للركض وراء موضة الجراحة التجميلية بدون معرفة مضارها ومدى فاعليتها وإنما هو تقليد ومحاكاة دون ما حاجة أو ضرورة مغيرين لخلق الله تعالى!
ويلزم هنا أن نشير إلى خطورة هذا المسلك، فعلى الجهات الرسمية وأجهزة الإعلام والمشايخ ايضاح مضار هذه العمليات وخطورتها وأن يبينوا للناس الفرق بين العمليات التجميلية الضرورية الجائزة لإزالة ضرر واقع على المريض وبين العمليات التحسينية المحرمة شرعا كتحويل الأنثى إلى ذكر والذكر إلى أنثى فهو عبث بخلق الله (لعن الله المغيّرات لخلق الله والمتشبهات بالرجال والمتشبهين بالنساء).
وعلينا أن لا ننسى التذكير بأن النفس أولى بالتجميل بمحاسن الأخلاق والأرواح أجدر بأن تتزيا بمكارم الفضائل.
مواقع النشر (المفضلة)