هنا اترك لكم أمثلة على أبيات فيها صور شعرية نشرحها لكم ونتذوقها
ونحاول الاستفادة منها بإذن الله :
البيت الاول :
قال أحمد شوقي
(من البحر الوافر):
مدحت المالكين فزدت فخرا // وحين مدحتك اقتدت السحابا
فشوقي خلق صورة من سحاب جامد ، وراع له نفخت فيه الحياة عندما مدح الشاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبذلك نقل الدهشة من قلمه لنفس المرء وهو يتخيل السحاب يقوده الشاعر ويحوله لكائن حي بفضل مدح النبي صلى الله عليه وسلم وما نتج عنه من علو قدر الشاعر بتركيب تلك الصورة
البيت الثاني :
قال الشاعر عبدالرحيم محمود
(من مجزوء المديد)
أي رمل أنت سيدتي= كلما أمشي عليه مَحا
فالشاعر يتعجب ويرسم حالته مع حبيبته التي يبني معها حبا في كل مرة يكون قصرا من الرمل يندثر بعد مرور دقائق فراق ، ويتكرر البناء والهدم فهو يشبهها برمل الشاطيء الذي مهما سار عليه الماشون فإن آثار خطواتهم تمحى بمجرد أن تأتي للشط موجة ، والموج يتكرر فلا يبقى أثر للماشين على الشط ، صورة لليأس من نجاح الحب مع تلك الحبيبة صاحبة النفس التي تتلاعب بعواطف الناس ولا تتصف بصدق الشعور
البيت الثالث
وقول احدى الشعراء المولدين
(من مجزوء الرجز ) :
إنسانة فتانة =بدر الدجى منها خجل
فإذا زنت عيني بها=فالبدموع تغتسلْ
يقول الشاعر ان الحبيبة يخجل منها البدر
ولا شك في هكذا معنى نحسب ان الانسانة الفتانة ان نورها ساطع
ووجهها منير وإلا لما استحى منها البدر ..
ثم في البيت الثاني ..يقول الشاعرانه ينظر إليها
ويعتبر ذلك زنا العين !! ..ولوجوب الغسل بعد الجماع
فإنه يقول ان عينه تغتسل بالدمع ..وهكذا يكون المعنى والتشبيه بارعا
وطريف وكوميدي بعض الشيء
البيت الرابع :
بيت جميل بثينة
(من البحر الطويل )
خليلي فيما عشتما هل رأيتما=قتيلا بكى من حب قاتله قبلي؟
وهذا البيت الجميل هو الصورة المتضادة الصادمة ، فهو يصور حبيبا قتل حبيبه عشقا فهو رغم قتله عشقا يستمر في حبه والصورة الصادمة في حب من اعتاد الناس كراهيته ، ومثل تلك الصور موجودة في كتاب الله تعالى كما في قوله : ففروا إلى الله . وهذا المعنىيجعل له قدرة على الوصول لمكان أعمق داخل نفس المخاطب
البيت الخامس :
بيت للمتنبي ( من البحر الخفيف )
أتراها لكثرة العشاق =تحسب الدمع خلقة في المآقي ؟
المأقي هي العيون..
تصوير لنفس امرأة جذابة جميلة نرجسية تحب أن تبكي عيون محبيها وتجمع في ألبوم صورها صورهم الباكية ، فهي تعتقد أن جمالها له هدف وحيد هو زرع الحزن في القلوب وجعل الأعين تذرف دموع احتراق تلك القلوب
ولما ترى جميع الناس حولها يبكون حينما يرونها لانهم يصبحون مفتونين بها من مجرد النظر ..فهي تحسب ان دموعهم جزء من خلقتهم ..فلا تشعر بهم ولا تتأثر
وكأن امر مألوف بالنسبة لها !!!
البيت السادس :
بيت لأبي نواس
من البحر الكامل
وأخفت أهل الشرك حتى أنه =لتخافك النطف التي لم تخلقِ
نلاحظ مبالغة ابو نواس حيث يريد ان يقول
انه حتى نطف المشركين وابنائهم الذين لم يخلقوا يخافون من هارون الرشيد لشدة فتكه بهم.
والمبالغة هنا هي نسبة شيء إلى مالا ينسب له وهي صورة صادمة لذهن السامع أو القاريء ولذلك هي تتعمق بداخله وتؤتي أكلها عند الممدوح وتجعله يجزل العطاء بسبب دهشة المخاطب
البيت السابع:
من شعر ظميان غدير
البحر الكامل :
بحديثها انسى وأذكر شقوتي=قل كيف ذكرني الذي أنساني ؟؟
يندرج هذا ضمن الصورة الصادمة التي تنسب الشيء لما لا يجوز نسبته له وهي صورة بليغة تجعل الدائرة مقفلة مما ينتج عنها صورة ضوئية بذهن المخاطب تجعله يتوقف كثيرا ليتساءل أي رسام أو نحات هذا ؟
البيت الثامن:
البيت لأبي تمام
والبيت من البحر الكامل
فيه فائدة بلاغية وقصة مشهورة:
إقدام عمرو في سماحة حاتم = في حلم أحنف في ذكاء إياس ِ
وقصته أن أبا تمام دخل على الخليفة المعتصم وأنشده قصيدته التي مطلعها :
ما في وقوفك ساعة من باس= نقضي ذمام الاربع الأدراس
حتى بلغ قوله :
إقدام عمرو في سماحة حاتم= في حلم أحنف في ذكاء أياس
فقال له الوزير : أتشبه أمير المؤمنين بأجلاف العرب ؟
فأطرق ساعة ثم قال :
لا تنكروا ضربي له من دونه= مثلا شرودا من الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره= مثلا من المشكاة والنبراس
وهذا دليل على ان العظيم قد يشبه بشيء اقل منه
فالله سبحانه وتعالى يشبه ُ نوره بنور المشكاة
البيت التاسع
قول الشاعر
من البحر الخفيف:
ظبية أسكرت نبيذ كؤوسي=وتجلت إذ أشرقت في شعاع
صورة معكوسة او ما يسمى بتشبيه مقلوب
فبدلا من أن تسكر بالكؤوس سكرت الكؤوس بها ،
وبدلا أن تستضيء بالشمس استضاءت بها الشمس
وتلك من أبدع صور الخيال الذي يعمق تأثير الكتابة فيمن يخاطب بها
مواقع النشر (المفضلة)