أم الرجـال !!!
حاجة القرى؛ حاجة المقاومين؛ حاجة العجائز؛ الحجة «أم هادي» المتشحة بالسواد التي لم تخلعه منذ ست سنوات مضت على إستشهاد فلذة كبدها وباكورة أولادها «هادي» أو "المحسّر" كما تسميه. تبكيه كل يوم من أيامها «إستشهد هادي والمقاومين كلهم هادي» هذا ما تعزي نفسها به حجة المقاومين.
معها تتعرف على وجه من وجوه الحرب القاسية التي عاشها لبنان في تموز 2006. ومعها تعرف كيف كانت يوميات الصامدين في قراهم من عجائز وأطفال ومقاومين.
بسؤالك الصامدون في تلك القرية عن يوميات صمودهم وأسبابه فيقولون لك «الحجة أم هادي» أما المقاومون يأخذونك إلى المرأة التي ردت عنهم بسواعدها شبح الجوع، وأشعرتهم وكأن أمهاتهم كنَّ بقربهم. «هؤلاء أولادي، كل واحد فيهم هادي، قاومت معهم وفيهم» هكذا تصف ما قامت به أم المجاهدين...
مع بدء الحرب، ونزوح العائلات هرباً من وحشية المعتدي، قصدت أم هادي "الشباب" وقالت لهم «أنا ما بسامحكم إلا إذا تركتوني، أنا باقية لخدمتكم».
من مؤنها وما تيسر لها "طبخت" لهم، «كنت أخبز كل يومين»، الطائرات الإسرائيلية فوق الرؤوس، "الصاج" جاهزة دائماً
إشتد القصف، الطيران لم يغادر الأجواء، أم هادي تجمع الماعز في جزءٍ من الحظيرة، وتفرش الجزء الآخر بـ "الحصير" وأجلست ضيوفها لإتقاء خطر الصواريخ التي لا ملجأ منها سوى رحمة الله.
من ماعزها أتت بالحليب لضيوفها العجزة والمقاومين معاً، صنعت لهم اللبن واللبنة والجبن البلدي، من الحديقة خلطت الزعتر، وخبزت لهم مناقيش الصباح وخبز المرقوق على صديقها المناضل "الصاج"، ومن "قنّ" دجاجها جلبت البيض البلدي، وطهت لحم بعض الدجاج، والكمونة، والأرز المطبوخ، والبرغل... «الحمد لله ما نقصنا شي» «الهمّ كان كبير، بس حلو كتير» هذا ما تردده أم الرجال...
كانت أم هادي كعادتها تصنع الخبز على باب الحظيرة في ظلال تينتها حين سقط الصاروخ الأول وعلا صراخ الضيوف، فنادتهم «ما حدا منكم يطلع لبرا أنا بخير» لم تكمل نداءها حتى سقط الصاروخ الثاني «بس كمان ما صابني الحمد لله» هذا ما ترويه أم المقاومين...
أم الرجال... حجة المقاومين... حجة الصامدين... «الحجة أم هادي أصبحت محجة القرية» هذا ما يصفها به "شباب الضيعة"....
مواقع النشر (المفضلة)