منذ أن نُعيَ على وجه الدنيا نتلقى توجيهات بدءاً من الآباء ثم الإخوان الكبار ثم المدرسة والمعلمين ثم القرناء وكذلك الطلاب الذين سبقونا أو الذين درسوا المادة قبلنا.
في هذا العصر أصبح الإنسان يتلقى نصائح أكثر من الإنسان الذي في العقود السابقة فاللوحات تتواجد في كثير من الأماكن والمطويات توضع في استقبال المؤسسات والبرامج التلفزيونية تلتقي بالكثير من الخبراء وهناك من يعطي النصائح مجاناً ويظن أنه عارف الكثير من الأمور وهناك جهات استشارية تبيع نصائحها كالمحامين والأطباء.
لكن ما هي الطريقة الصحيحة لأخذ النصيحة؟ فما يصلح لزيد قد لا يصلح لعمر وما يصلح لك لا يصلح لأخيك، أول سؤال لمعرفة الإجابة لهذا التساؤل أن تدرك ظروفك وقدراتك والمكاسب التي قد تحصل عليها إذا عملت بتلك النصيحة فالنصيحة قد تؤدي للشيء الذي تريد وقد لا تؤدي للشيء الذي تريد فالأساس هو أنت وما تقدر عليه وما تميل إليه وهل تستطيع تطبيقها فالأشياء المفيدة لا تنتهي وقبل ذلك محتوى النصيحة هل هو صحيح فالنصيحة في أبسط صورها رأي وقد يكون هذا الرأي خطأ وقد يكون هذا الرأي طريقة كيدية لتوريطك كما فعل الشيطان مع سيدنا آدم ومن المعلوم أن هناك نوعية بالنسبة لك لا يمكن أن يفضلوا أن تكون أحسن منهم كالمنافسين والأقران والأشخاص الذين بينهم تحاسد أو سابق تنازع.
كذلك هل الشخص الذي طلبت منه النصيحة هل لديه ما تبحث عنه أو ما يساعدك فقد يكون متميزاً في مجاله وليس في الناحية التي تطرقها فالبعض يأخذ رأي لاعب الكرة لمجرد أنه نجم في أموره الاجتماعية أو الشخصية البحتة، أيضاً قد لا يكون الشخص المتميز له رأي محدد في موضوعك فلا تحرجه، أيضاً لأتقدم النصيحة إلا لمن يطلبها فذلك أدبك مع أخيك المسلم كما قال عليه السلام (وإذا استنصحك فأنصحه) أي إذا طلب منك النصيحة ولعمري هذا يقلل من الفضول والتدخل فيما لا يعني، أيضاً ملاحظة الحكمة والتوازن في النصيحة بحسب حال الشخص وعلى درجات فالشخص الشغوف بالكمال قد يعطي شخصاً متوسط الإنتاج نصيحة تثبطه فلكل شخص طريقته وسرعته الخاصة.
بعد المشورة لا تلقي اللوم على أحد فأنت مع نفسك تشاورها وعقلك هو الذي يختار من ما توفر له من آراء وبعد أن تستقر على رأي تستخير الله فالاستخارة هي مشاورة مخصوصة وبطريقة معينة القصد منها مراجعة نهائية بالاستعانة بخالقك يعقبها التوجه نحو أحد أمرين والانصراف عن الآخر.
لقد رأينا طلبة أخذوا بكلام أي شخص ثم قاموا بسحب ملفاتهم من الجامعة مع أنهم ربما استطاعوا الدراسة والمواصلة لو حاولوا بما يكفي ورأينا صديقات النساء أُعطين نصائح للمرأة التي تعرفها أو تظن أنها صديقتها ثم خربت بيتها بهذه النصائح ورأينا نساء سمعن كلاماً غير صحيح من أمهاتهن أخذنه على أنه نصائح ينبغي العمل بها فدخلن في مشاكل كثيرة مع أزواجهن.
هل أدركت ممن ينبغي أن تُستقَى النصيحة وأنه لا بد أن ننقي كل ما يرد إلى أذهاننا
مواقع النشر (المفضلة)