[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الأمة الحيرى على مفترق الطرق والتي آن لها أن تعرف الطريق وتميز بين العدو والصديق وبين الضلال والهداية والحق والباطل
إلى الشباب الظامئ للمجد التليد المتطلع إلى النصر والفوز والسيادة والعزة والكرامة
إلى ورثة الرسالات وأصحاب المبادئ وحملة الهداية والنور إلى أتباع محمد صلى الله عليه وسلم وقادة الدرب وقادة المسيرة الخيرة وأصحاب العزائم ورجال الصدق والعهد
إلى كل مسلم يؤمن بالسيادة في الدنيا والسعادة في الآخرة إلى التواقين لنصرة دين الله المعدين أنفسهم لحمل رايته والدفاع عن بيضته
إلى طلاب الحقيقة والباحثين عن الصواب والمتحمسين للعمل لأمتهم وجيلهم
أبعث سلامي لكم ورحمة الله وبركاته
في هذه اللحظة التاريخية التي يتصاعد فيها صدى التحولات العالمية حتى يصم الآذان تغيب الأحلام وتنبعث من تحت الركام التاريخي الطويل أمتنا .. عارية الصدر في وجه تحديات جسام وأمم تتسابق لتحصيل أسباب المنعة والقوة والتفوق ..
ورغم أن المشهد يبدو مظلما للوهلة الأولى فإن المدرك للحركة لتاريخ يعلم أن فجر كل نهضة يسبقه ليل طويل وكما انطلقت أمم الأرض جميعها تنطلق أمتنا اليوم وهي ولا شك قادرة على تحصيل أسباب القوة والمنعة ولو بعد حين
تلك هي الآمال والأحلام لذا فإنا بلادي الحبيبة تتقدم بمشروع النهضة لتجيب على التساؤلات وتحدد الاحتياجات وتبعث الأمل من خلال رسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأخيرة التي وضحت خيوط المؤامرة التي تدعو للصدام وللصراع وللطائفية التي تخدم المغرضين لهذه الدولة ولهذه الأمة فلقد حرص على المحبة والتعاون والبحث عن كل سبيل لتنمية هذا المجتمع وجعله نواة تقتدي بها كافة الدول الإسلامية ومنها تتكاتف الأيادي وتبزغ حضارة الإسلام من جديد وتسود العالم نحو السلام والعدل والإصلاح في الأرض .. ومما يجدر بنا أن نشير إليه بل ونشكر هذه الخطوة زيارة شيخ الشيعة حسن الصفار للقصيم فهي تعد خطوة مهمة تهدف للالتقاء والارتقاء والتجمع حول نهضة هذه الدولة وفيها تتضح رجاحة العقول نحو حوار ومحبة وفكر للبناء ولا يشك أحدنا أن فيها رد لكل من يدعي ويحاول أن لا يكون هنالك إلتقاء بين النهر والبحر ..
وإن تحدثنا عن الذاكرة التاريخية للمجتمعات البشرية قديما وحديثا سنجد ان هنالك كم هائل من الصراعات أولها الصراعات الدينية بين الأقوام والأمم وتأتي في ذاكرتي تلك الهجمة الشرسة على أمتنا أمة الإسلام من خلال الحروب الصليبية التي أججتها الكنائس المسيحية والتي دامت فترة طويلة تمتد آثارها إلى يومنا هذا ولعل أبرزها خطاب الرئيس الأمريكي عندما أخطأ ونطق بأنها حرب صليبية وهو يريدها حرب على الإرهاب ..
والحرب اليوم لا تدور بين الأساطيل والطائرات فحسب وإنما هي حرب نفسية موجهة لاستلاب العقول والقلوب تتسم بأنها أشد ضراوة وأخطر تأثيراً تلك الحرب التي تأخذ مسارها على خارطة العالم ولا تتوقف آناء الليل وأطراف النهار لتفتح المذياع أو التلفاز أو لتذهب للشبكة العنكبوتية ولننظر إلى هذا الفضاء الفسيح الذي يطاردك
فاليوم نجد حرب دينية دموية شوهت جمال الكرة الأرضية وغيرت معالم الجمال فيها ولا أسقط حق الحروب الحضارية التي سيكون لها أشكال مختلفة وعلى مساحات كبيرة .. لكن يسعدني أن يكون لديننا كلمته حول الصراعات الدينية والصراعات المذهبية فديننا يقبل بالاختلاف في وجهات النظر ولا يعني هذا أن يعترف بشرعية الأديان والمذاهب المختلفة بل هو التسليم للإرادة الإلهية والمشيئة الكونية في جعل هذه الأديان مختلفة وصدق الله سبحانه (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا ما رحم ربك ))
ولعل التدين الذي يشكل السبب الرئيسي حول الصراعات والحروب في القديم والحديث من وجهة نظر الإسلام يقوم على الاختيار والاقتناع فلا إكراه في الدين فهذه الآية تدل على حرية إعتناق واعتقاد الدين وعدم الإجبار على الدخول في الإسلام ويعتبر هذا من اهم ما يدعو له الإسلام وهو تحرير الإنسان من عبادة العبادة لعبادة رب العباد ويكفينا فخرا أن يكون ديننا هو أول دين في تاريخ البشرية يعلن مبدأ أساسي من مبادئ الحياة الاجتماعية الذي لم يعرف إلا من بعد أكثر من ألف سنة
ففي عصرنا الحالي نجد تقلص العالم وذلك يرجع للثورة العلمية والتقنية والتكنولوجية إلى قسم صغير قرب بين الأمم والثقافات والحضارات فلقد هدمت الحدود الجغرافيا والجدران الثقافية وصغرت الكرة الأرضية إلى القرية الصغير ...
فألزم هذا الجميع على أن يجدوا حلا ينجيهم من هذا المأزق الذي جعلهم مضطرون إلى أن يعيشوا جنبا إلى جنب مع بني جنسهم على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم وثقافاتهم فكان هذا الحل هو لغة السلام والتسامح هذا بين الأديان الكبرى .. فكيف بمن يجتمعون على لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وحتى عن اختلفوا فالاختلاف يجب أن يتمحور حول الإسلام وأن يجتمع المختلفين على قول الله ورسوله ليتحاكموا حوله .. لهذا لا يعني الاعتراف بوجود الإتلاف وحق الجميع فيه سقوط الحوار والدعوة بالتي هي أحسن
ومما يستحسن في الاختلاف أنه يجعل المختلفين ينظر كل واحد منهم إلى نفسه وأنه صاحب فضل وقيمة وحق وأن يمارس كل واحد منهم حقه في الإقناع والاقتناع وأن يعبر عن ما يقتنع به بحرية ..
وكتاب الله يبين لنا الوسائل والأساليب في الإقناع التي يجب أن يتحلى بها المسلم في دعوته فقال تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )
ومن تفكر قليلا لوجد ان الرسول صلى الله عليه وسلم في المجتمع المدني هو أول من أسس المجتمع ألتعددي فنجد في ذلك العصر المبادئ والقيم الأخلاقية القائمة على التسامح والعدل والحرية الدينية فلم يكن هنالك أي شكل من أشكال الصراع في بنيته او تركيبه
ولكن كل هذا الصراع الفكري والثقافي بدأ في القرن الأول ونجم عن هذا ظهور الفرق وهذا امر تستوجبه التعددية الفكرية وما يهمنا الآن أن تدرس هذه التعددات الطائفية وفق البحث العلمي والعبرة بالتاريخ وأن لا يسمح بالامتداد لحاضر المسلمين ومستقبلهم ونتمنى ان تصهر من الناحية العلمية ويترك حسابها إلى الله كما قال تعالى ( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون )
ولعل فكرة الالتقاء بين رموز وأعلام ورواد الإصلاح والخير بين المذاهب واحترام توجهات كل منهما للآخر هي بداية الترميم للبناء الجميل فالخلق والحوار الحسن هو محاولة جوهرية لكسر شوكة التعصب وجمع كلمة الأمة على أصول عقيدتها والمبادئ الأساسية في دينها وهي اللبنة الأولى لنبذ وقطع فتيل الصراع الذي يجول أولا في النفوس الصغيرة والذي يحاول إشعاله أعداء هذه الأمة فنحن نواجه تحدي وظروف صعبة تواجهنا في بناء حضارتنا وعلى قدر مواجهتنا لهذه الظروف تكون استجابتنا إما ناجحة في التغلب على هذه الصراعات فنكون حينها يدا واحدة للإصلاح وللرقي أو استجابة فاشلة إذا عجزنا عن التغلب على هذه المصاعب فنكون حينها في صراع وتصارع بين من قل فقههم في الدين وقصرت رؤيتهم فيكون التفرق والغلو والتعصب والطائفية ووجود الأنا والإعجاب ..
فهل نحن أمام تحدي قاسي او ضعيف او تحدي خلاق ؟
اخوكم[/align]
مواقع النشر (المفضلة)