فبالرغم من إعاقتها البصرية والظروف التي أحاطت بها إلا أنها بالطموح والعزيمة تمكنت من تذليل جميع العقبات لتثبت للعالم أنها قادرة على تحقيق حلمها في أن تصبح محامية. وتوجت مريم جهودها بتسلمها بطاقة المحاماة من وزارة العدل مؤخراً لتصبح أول كفيفة في الإمارات تمارس المحاماة وتترافع أمام القضاء .
عن بداية إعاقتها قالت مريم: كنت أتمتع ببصري بصورة طبيعية حتى نهاية المرحلة الإعدادية وفي إجازة الصيف أحسست بأن عيني اليسرى بدأت تفقد إبصارها فتوجهت إلى إحدى المستشفيات وهنالك تم تشخيص حالتي بصورة خاطئة مما أدى إلى انتقال المشكلة من عيني اليسرى إلى اليمنى وفقداني البصر خلال ثلاثة أشهر.
وأوضحت أن المرض الذي أصيبت به هو التهابات في شبكية العين، وهو وراثي في أسرتها إذ أصيب به اثنان من أشقائها، وبصرهما يتضاءل تدريجياً، وأنها سافرت قبل تسع سنوات إلى أمريكا، أي بعد إصابتها بالمرض بعام وعلمت أن هناك إمكانية لعلاجها لكن الظروف المادية حالت دون استكمال العلاج.
وعن الصعوبات التي واجهتها خلال حياتها قالت: رغم إعاقتي لم أيأس وقررت مواصلة مشواري فأكملت دراستي الإعدادية إلا أني اصطدمت بحاجز عدم قبولي بإحدى مدارس الدولة لإعاقتي، لكن المصادفة لعبت دوراً كبيراً في حياتي إذ تحولت مدرسة “المفرق” التي استكملت فيها دراستي الإعدادية إلى مدرسة ثانوية، وعندما علموا بحالتي قرروا قبولي على الفور بجانب زميلاتي المبصرات لأواصل دراستي الثانوية كغيري من الطالبات ولألتحق بعدها بجامعة الإمارات التي واجهني فيها العديد من الصعوبات ابتداء من فقداني لأهلي وأخواتي بحكم المسافة فهم كانوا سندي ودافعي للتعلم، إضافة إلى الصعوبات التي واجهتها في بداية الدراسة والتنقل من وإلى الجامعة وتنقلي داخل الجامعة نفسها، ولكن سرعان ما تأقلمت مع الجامعة ووجدت مساعدة كبيرة من زميلاتي، بجانب تعاون أساتذتي مما ساعدني في مذكراتي لدروسي وتخرجي بتقدير جيد.
واخترت دراسة القانون لأني منذ الصغر كنت أميل إلى ذلك فبعد دخولي للكلية شعرت أن الله عوضني عن بصري بنعمة الحفظ التي ساعدتني على تخطي العقبات والتحديات التي واجهتني أثناء الدراسة لأثبت للعالم أن المثابرة أهم السمات التي يجب أن يتمتع بها الإنسان للوصول لأهدافه.
وتتابع: تخرجت بتقدير جيد ولكن لإعاقتي لم تقبلني أية جهة عمل، وعلمت من صديقاتي عن برنامج “إبداع” في أكاديمية الإمارات لتأهيل وتدريب الكوادر المواطنة الذي أعاد إليّ الحياة من جديد للعمل لديها فالقائمون على البرنامج اقتنعوا بالقدرات التي أتمتع بها وسعوا لإيجاد فرصة عمل مناسبة تحقق طموحاتي في أن أكون محامية.
ووفرت لي الأكاديمية المناخ الذي ساعدني على صقل مهاراتي فتم تكليف موظفتين الأولى ترافقني في دروس اللغة الإنجليزية والثانية لدروس الكمبيوتر، إضافة إلى توفير مقعد خاص لي في قاعات الامتحان مع موظفة تساعدني في الكتابة.
وأتوجه بالشكر إلى جميع القائمين على إدارة أكاديمية الامارات خاصة الدكتور مجدي عبدالحافظ الرئيس التنفيذي بالأكاديمية الذي وثق في إمكاناتي ووافق على قبولي وتسهيل جميع العقبات التي قد تواجهني.
كما اتصل بي ليزف لي خبر قبولي في الأكاديمية كما أعطى توجيهات لجميع الموظفين ليعتبروني متدربة طبيعية مثل غيري. كما أشكر جميع العاملين بمكتب محمد عيسى للمحاماة الذين وثقوا في إمكاناتي وقدموا لي يد العون وعلموني كأخت لهم وساعدوني على أن أثبت وجودي لأكون على قدر المسؤولية في العمل لأساهم في بناء الوطن. وأشكر جمعية حقوق الإنسان في دبي التي دعتني للانضمام إليها كعضوة.
وقال محمد عيسى عودة مدير مكتب محمد عيسى للمحاماة والاستشارات القانونية: التقيت بمريم أول مرة أثناء جلسة للتعرف على الطلبة الجدد الراغبين بدخول سوق العمل ولفتت انتباهي لثقتها بنفسها ولطريقة تحدثها لم أكن أعلم بحالتها وبعد انتهاء الجلسة تحدثت إليها فأعجبت باطلاعها وتميزها وعندما علمت بإعاقتها زادني هذا الأمر حرصاً على مساعدتها وطلبت منها التقدم للعمل ضمن أعضاء مكتبي ولم أفكر حينها في المجال الذي سوف تعمل به، لأن هدفي كان بالدرجة الأولى الأخذ بيدها وتطويرها لتأخذ مكانها في المجتمع وتكون عضوة فاعلة فيه فاقت كل توقعاتنا.
وأضاف: تتمتع مريم بشخصية مرحة ومتفائلة تحب مساعدة الآخرين وتقدم استشارات قانونية مجانية عبر الهاتف.
وأشار إلى امتلاكها المقومات التي يجب أن يتمتع بها المحامي كالتركيز وحفظ وتذكر النقاط المهمة في القضية. مما سيساعدها في تحقيق حلمها بأن تصبح محامية معروفة محلياً وعربياً.
وعن دور برنامج “إبداع” في تنمية وصقل مهارات مريم قال عبيد علي الطنيجي مدير إدارة خدمة المتدربين بأكاديمية الامارات: الأكاديمية تطرح برنامجين مختلفين لتأهيل وتدريب مواطني الدولة، فالأول هو “تجديد” الخاص بتدريب المتقاعدين والعاملين في القطاع الخاص. والثاني “إبداع” الذي التحقت به مريم وهو لتدريب وتأهيل الخريجين.
وقالت إيمان العيدروس رئيسة دائرة العلاقات العامة بالأكاديمية: “الأكاديمية قامت باحتضان مريم وتقديم الدعم لها رغم إعاقتها وعزوف العديد من المؤسسات عن استقبالها، فلم تكن هنالك شروط تعجيزية من قبل الأكاديمية فالشرط الأساسي لالتحاق هو أن تكون الملتحق من مواطني الإمارات الحاصلين على شهادات جامعية”.
وأوضح تود ليلاند مدير إدارة التسويق والعلاقات العامة في الأكاديمية أنها كلفت موظفتين لمرافقة مريم في اللغة الإنجليزية والكمبيوتر، مشيراً إلى أن الأكاديمية بصدد افتتاح قسم خاص بالمعاقين في سبتمبر/أيلول المقبل.
مواقع النشر (المفضلة)