طاش 15

[دايم الدمعة]

يواصل نبشه لأوجاع المجتمع السعودي
المرأة المطلقة والمخدرات وقضايا فكرية مستفزة في طاش 15



وليد ناصر ومحمد الطويان في حلقة مشهور ولكن من طاش

تقرير - طارق الحسيني
في رمضان القادم سيتم المسلسل الشهير (طاش) عامه الخامس عشر، المسلسل الذي تربع على قمة أكثر العروض مشاهدة من قبل الجمهور العربي عموما والسعودي خصوصا ولسنوات متتالية، قد شارف على الانتهاء من تصوير معظم حلقاته التي تنوعت بين الكوميديا والدراما والفانتازيا غلفت معظمها بإسقاطات لما يحدث على أرض الواقع ومواجهة هموم المجتمع السعودي الذي يعيش صراعات فكرية متعددة.
(طاش 15) هو امتداد لمواسم ماضية استطاعت موضوعاته أن تفجر النقاشات على جميع المستويات والشرائح مما أهله أن يكون أكثر الأعمال التلفزيونية إثارة للجدل، بل ووصلت حساسية المضامين التي يطرحها أن تقوم الأطراف الأخرى بتحريم مشاهدته واستصدار الفتاوى في حق السدحان والقصبي منتجا وبطلا العمل.

منذ شوال الماضي أعلنت مؤسسة الهدف بأن (طاش 15) بدأ التحضير له مبكرا لتصوير ثلاثين حلقة خلافا للمعتاد في الأعوام التي خلت حيث كانت لا تتجاوز حلقاته السبع وعشرين حلقة على الأكثر، هذا الموسم تم حشد الإمكانات لمسابقة الزمن ولمواكبة جداول التصوير وتجنب التأخير الذي يحصل لكثير من الأعمال التلفزيونية ورغم البداية المبكرة إلا أن التحديات ظهرت لطاقم العمل الذي يصور في أماكن مختلفة في دول متعددة وتحت حرارة الشمس التي استهلكت طاقة العاملين والممثلين فمن السعودية إلى الأردن وسوريا وحتى مصر تنقل فريق (طاش) الذي التهمه الوقت بمجرد السفر إلى المكان المطلوب، واضعا فكرة الانتهاء عند التوقيت المناسب في خانة المحتمل، إلا أن المتابعة التي قامت بها جريدة "الرياض" - منذ أشهر واستمرت إلى الآن - تشير إلى إنجاز أكثر من ثمانين بالمائة من الجدول المعمول به، مما يعني إصرار إدارة الإنتاج على تحقيق ما تم التخطيط له.

الاستطلاعات والتصريحات التي أجريت مع طاقم العمل في (طاش) كونت فكرة مبدئية عن أبرز الاتجاهات التي يسير عليها المسلسل لطرح مواضيعه الجديدة، فالفانتازيا بدأت تأخذ حيزا أكبر مما أتيح لها في السنوات السابقة لسهولة ربطها بالواقع ومن دون تصريح قد يؤدي إلى المساءلة القانونية في التعريض لأي جهة أو فئة، ففي قضايا حساسة مثل قضية المرأة والتيارات الفكرية المضادة لفكر القائمين على (طاش) أصبحت تعالج بأسلوب الرمز والطرح غير المباشر، مما رفع نسبة هذا النوع من الحلقات لتصل إلى الثلاثة مواضيع في محاور تكون الأنثى هي مركزها بعد أن كانت لا تتعدى الحلقة الواحدة. ومن منطلق آخر يظهر أن عرض المسلسل في قناة مثل (الإم بي سي) فتح مجال حرية أكبر في السنة الماضية، ف(إرهاب أكاديمي) حلقة أذهلت المتابعين والنقاد لجرأتها في شكلها ومضمونها وجعل أمر عرضها انتحارا للسدحان والقصبي اللذين طالت التهديدات حقهما إلى درجة القتل، واضطرت القصبي للانتقال إلى دبي بعيدا عن المضايقات والتحرشات التي تعرض لها، كما أن تسرب لقطات من حلقة ممنوعة نجحت في استفزاز المشاهد السعودي لشد انتباهه وربطه بالعمل، ورغم أن هذه الحلقة لم تعرض بسبب الضجة التي أثيرت حولها، إلا أنهم استطاعوا تمرير (إرهاب أكاديمي) الذي يعتبر أشد من سابقه في طريقة طرحه! هذا العام لم يحاول (طاش) والمسؤولون عنه الإدلاء بأي تصريح في مثل تلك المواضيع، ولم تنطلق الشائعات كما اعتاد الجمهور في كل عام، فهل هي رغبة منهم في تهدئة الأمور؟ أم أنهم يحضرون مفاجأة لخصومهم؟

معظم عناوين (طاش 15) تكشف عن مضامينها، فحلقة (زراعة الحياة) هي نقاش لمعضلة التبرع بالأعضاء التي ما تزال تعتبر أمرا دخيلا على ثقافة مجتمعنا الذي أحاطت به فتاوى التحريم في هذه القضية فيما يظهر أن الحلقة لم تتطرق للموضوع من وجهة دينية بقدر ما هو قصة للعرض وإيصال الرسالة من خلالها من دون الاصطدام بالمفاهيم الخاطئة، وتتنوع الحلقات لتتلمس هموم المجتمع ولتخوض النقاش في مسألة التعليم الجامعي كما في عنوان (معالي تعليمنا العالي) حيث الهاجس الدراسي لدى السعوديين دائما ما يصطدم عند مرحلة التعليم العالي حينما تبرز المشكلة كبداية بقبول الأبناء في الجامعات والمعاهد وصولا إلى الابتعاث في جميع التخصصات والمراتب العلمية ومعضلة "الواسطة" التي سيطرت على تلك البرامج التعليمية، وكما اعتدنا فإن الدراما تتجلى في حلقة (الطريق الصعب) حيث مشاكل السرعة ومخاطر الحوادث - التي يتسبب بها المستهترون - والمآسي الناتجة عنها هي غيض من فيض لتراكمات تنمو مع مرور الزمن داخل نفوس أهالي الضحايا لتنفجر متجاوزة قبول الأمر كقضاء وقدر إلى الانتقام والخروج عن السيطرة، (الحارة) حلقة صنعت بنفس الإطار المحبب للجمهور السعودي الذي يسرد حياة الناس داخل المدينة القديمة والبساطة التي كانوا عليها قبل أن يغير العمران معالمها وقبل كل ذلك تغير طباع أبنائها.. سوف يأخذنا (سعيدان وعليان) في رحلة إلى الماضي ليثيرا الشجن لكل من عايش تلك الفترة ببراءتها وطيبتها وليضعا المقارنة بين يدي المشاهد بين واقعنا الجامد وماضينا الحي.

وكذلك فإن لقضية المخدرات نصيباً من اهتمام (طاش 15) فحلقة (درب الهلاك) تحكي واقع شاب سقط في براثن المواد المخدرة لتحوله إلى إنسان بلا روح يعمل لأجل تحقيق مبتغاه بأشنع الطرق إن اضطر إلى ذلك.. كذلك تناقش الحلقة غياب التوعية الإعلامية بأضرار المخدرات والتي نشطت قبل سنوات طويلة ولكنها اختفت وكيف أثر ذلك التوقف على الأبناء الذين لم تصلهم الرسالة الإعلامية لصغر سنهم في تلك الفترة،

المطلقة أكثر من يقع عليها الظلم في مجتمعنا ولتكون موضوعا ساخنا ومؤثرا في حلقة (المدانة).. المشكلة التي ستعالج بصراحة متناهية داخل قالب تراجيدي.

شخصيات (طاش) الشهيرة ستعود من جديد ف(فؤاد) و(عدنان) و(سعيدان وعليان) وغيرها من الشخصيات التي رسخت في ذهنية المتابع وعاشوا معها لسنوات طويلة، ستطل على الشاشة مرة أخرى بل وستستعين كما في كل عام بضيوف الشرف من الممثلين الذين اتخذوا نفس الأدوار التي أدوها في مواسم سابقة، كما في علي المدفع الذي يقوم بدور والد (سعيدان وعليان) ومحمد الطويان ويوسف الجراح وخالد سامي وعبدالإله السناني وبشير الغنيم ومحمد العيسى ومشعل المطيري وغيرهم من نجوم التمثيل في السعودية الذين سيشاركون (طاش 15) ببطولة معظم حلقاتها.

(طاش 15) لم يختلف عن مواسمه السابقة في إثارته للجدل، فقضية إلغاء مشاركة السدحان والقصبي في مسلسل (غشمشم) بجوار الحيان ما زالت ساخنة والتصريحات تتوالى لينفي كل طرف مسؤوليته في إفساد الاتفاقية التي عقدت على أسس ودية بينهم وقد وصلت الأمور إلى ضم قناتي الام بي سي ودبي داخل فلك الاتهامات في عرقلة إصلاح الوضع الراهن، ليثبت (طاش 15) وإن لم يكن قاصدا احتفاظه بشعلة الإثارة والسبق كما في كل عام.

[أبعـــاد]

لايناسب القســـــــــم العام