هناك من يبرر سوء خلقه بأنه هكذا هو قد وجد نفسه منذ أن ولد يرتكب هذا السوء، مطالباً بأن لا يلام على طبعه السيء!! ومن الطباع السيئة هو سوء الخلق، وعدم كف الشر عن الناس وذلك بلا شك من البذاءة، فالبذيء هو كل من تركه الناس اتقاء شره؛ لأنه يعبر عن كل قبيح بقوله أو فعله، فالبذاءة أصل الشر وعنصره الأساس، ودليل ضعف الإيمان وقلة الحياء وخبث الطوية وسبب لقلة الأصحاب والهوان لدى الناس، وفي الحياة كم نلاقي من الناس منهم بذيؤوا الخلق والتعامل قليلوا الحياء!! نلاقيهم في الشارع والسوق والعمل والمجتمعات واللقاءات، اللعن عند أحدهم كالتحية والمدح فإذا أعجب أحدهم بأحد قال وهو يرى أنه قد بالغ في مدحه: (فلان ملعون يتقن كذا وكذا!!) وتصل به البذاءة إلى أن يلعن نفسه ويلعن والديه كليهما أو أحدهما، فتجد ديدنه اللعن والسباب وسيء الألقاب!! وكلما كثرت البذاءة في أسرة أو مجتمع كلما كان أهله بعيدين عن الخير قريبين من الشر، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فقال: (الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء والجفاء في النار)، والبذاءة ليست من خلق المؤمنين قال عليه الصلاة والسلام: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء)، والبذيء مبغوض من الله ومن الناس قال عليه الصلاة والسلام: (ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء) وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الفحش والتفاحش ليسا من الإسلام في شيء وإن خير الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً)، وكم هي معبرة تلك القصة التي تقول: إن أبا الدرداء رضي الله عنه رأى امرأة سليطة اللسان فقال: لو كانت هذه خرساء كان خيراً لها!! كم من الناس في زمننا هذا لو كان الواحد منهم أخرس لكان خيراً له إذا كان بذيئاً بلسانه، وكم من الناس لو كان لا يعرف القراءة ولا الكتابة لكان خيراً لأنه بذئ بقلمه، وكم من الناس لو كان لا يعرف الإنترنت لكان خيراً لأنه بذيء بمشاركاته وأطروحاته وربما بذيء بموقعه عموماً، وكم من الناس من لو كان مشلولاً لكان خيراً له لأنه بذيء بحركاته وسكناته وغمزاته ولمزاته، وكم الناس من لو كان فقيراً لكان خيراً له لأنه يؤذي بماله، حيث سخره لأذية الناس، وقس على ذلك!! إذن فالبذاءة ليست باللسان فقط، فحري بنا أن ننبذ هذا الخلق ونحذر منه فلن نستطيع الوصول إلى الناس ومن ثم التأثير فيهم في حال إن كنا من بذيئي الأخلاق، فهذا الدين العظيم دخل فيه الناس أفواجاً؛ لأن الذين أوصلوا الإسلام إليهم كانوا من أهل الخلق الفاضل والأمانة والصدق والصلاح، ولو كانوا عكس ذلك ما قبل الناس أن يستمعوا إليهم، ناهيك أن يستجيبوا لدعوتهم!!
مواقع النشر (المفضلة)