إنها الرمز الذي تُعلَّق عليه جماليات الحياة والبراءة والصفاء، والخلو من منغصات العيش والتمرد من أجل البقاء..

ليست إلا كآدم قبل أن يقترف الذنب فينال الجزاء.. تعيش الجنة الدانية قطوفها.. السائغ شرابها.. تأكل أنى شاءت إلا شجرة (الشقاء)..

إنها السر الأعظم الذي يخفى على الكثير فيطلبون الدواء وراء الجبال وهو أقرب إليهم من حبل الوريد.. ويمخرون عباب البحار تيهاً وفي الموانئ صيد..

إنها البقية الباقية من الصالحات.. والفردوس الأعلى من الحياة.. وكم نبحث عن الحياة، ولو كانت هي الموت.. وكم نكره الموت، ولو كان هو الحياة.. فما كل حي بحي.. وما كل ميت بميت.. وما الحياة إلا ما أسعدنا.. وكم نحب (السعادة) فنتكبد العناء.. ونجلد ظهور الضوامر.. ونرهق الطرقات.. ونزعج هدوء الليل؛ فيظهر الشقاء ويكثر نسله! وتدهم قلوبنا جحافله، وتتوارى (السعادة) خلف أستار اليأس والمستحيل.. وتُعجز الفلاسفة والعلماء إجابة السؤال عن مكانها!

لتبقى الإجابة في حروف الطفولة وكلماتها لغةً تتحدث (السعادة).. تلك السعادة التي قال عنها الرافعي: (كلمتان هما تعريف (السعادة) التي ضل فيها ضلال الفلاسفة والعلماء، وهما من لغة السعادة نفسها؛ لأن لغتها سلسة قليلة المقاطع كلغة الأطفال التي ينطوي الحرف الواحد منها على شعور النفس كله، أتدري ما هما؟ أفتدري ما (السعادة)؟ طفولة القلب!).

إن أتعبنا الشقاء فلنسأل أنفسنا:

ما حظ قلوبنا من (الطفولة) ومن عالمها النقي البريء البسيط؟

لأن طفولة القلب مدن تسكنها السعادة