هناك فئة من الناس جزاهم الله خيراً تقوم بإسداء النصيحة سواء في الأماكن العامة أو في المناسبات، ولكن هناك فئة تتخذ من النصيحة والتوجيه فرضاً وأمراً لابد من الالتزام في تنفيذه مما يدفعها إلى رفع الصوت وإثارة البلبلة والضجيج في المكان المحيط مما يلفت أنظار الناس وهنا يقع المنصوح بشيء من الخجل والإحراج فالأنظار تتوجه إليه مما يدفعه إلى الدفاع عن كبريائه وعن كرامته التي أهدرت أمام أنظار الناس، مهما كان حجم خطأه، ومهما كانت قناعته بذلك، فالشدة والحماقة غير مجدية في إسداء النصيحة بقدر ما تحتاج إلى أسلوب مهذب تستطيع من خلاله اختراق عقله حتى يوحي في قرارة نفسه قناعته بذلك، فالالتزام بالأدب والتلطف مع الآخرين حتماً ستجعلهم أيضاً يلتزمون بالأدب وحينها يتقبل النصيحة، فلعلنا ندرك أن مواجهة الشخص الآخر بالنصيحة وأمام أنظار الناس فهذا يجعله أكثر تعنتاً وأكثر تعصباً على التمسك بأخطائه دون إدراك منه لكن اتخذ ذلك الأسلوب من باب العناد لا أكثر، وهنا تكون قد وقعت أخي وأختي بشيء من الإثم لأنكم تركتم المنصوح يتمسك أكثر بخطئه لأنكم حينها لم تستطيعوا التسلل إلى عقله وقلبه بأدب ولعل زرع الثقة والمدح غير المباشر هي الغاية والهدف للوصول إلى القناعة بقبول النصيحة والتوجيه وعلينا أن نعلم أن الطريقة التي يتخذها الآخرون في إسداء النصيحة بكلتا الأحوال سيكون لها صدى بين رافض ومؤيد، فلعلنا نجعل من أسلوبنا الجيد هو الهدف للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المؤيدين حتى ولو لم تنفذ بالحال، ولكن قد تكون لديه قناعة داخلية قد يستطيع تنفيذها ولو بعد حين، فما نتمناه إلا أن لا تكون النصيحة بالقوة أو بالتفوه بما لا يليق بالشخص لأننا حتماً لن نصل إلى ما نصبوا إليه من التوجيه والإرشاد وهنا قد نقف لحظات نعاتب بها أنفسنا على تلك المواجهة التي خسرنا بها قيمة أنفسنا وخسرنا أيضاً عدم تقبل الآخرين لنا.
مواقع النشر (المفضلة)