مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: رانيا .. إرادة لا تعرف المستحيل

  1. #1
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    Angel رانيا .. إرادة لا تعرف المستحيل

    الطفلة رانيا صالح محمد أبو هبة عمرها 13 عاما، معاقة ذهنيا “منغولية” ولدت بعد خمس أخوات أسوياء في بأحد مراكز محافظة الشرقية، والدها رجل بسيط يعمل كهربائياً، ولكنها بإرادتها القوية تعلمت الكمبيوتر بالمحاكاة، والمصادفة وحدها التي قادتها إلى هذا الطريق، وأصبحت برغم إعاقتها العقلية تستخدم الكمبيوتر وتجيد التعامل مع 14 برنامجا عليه، وابتكرت برنامجا صممته بنفسها دون مساعدة من أحد لتعليم اللغة العربية للأطفال، حصلت به على المركز الأول في مسابقة المبرمج الصغير التي نظمت لطلبة الثانوية العامة على مستوييجمهورية مصر العربية كلها وفازت على أكثر من 300 متسابق، وحصلت أيضا على أكثر من عشر شهادات تقدير لقدرتها على التعامل مع الكمبيوتر ومشاركتها في عدة دورات تعليمية ومسابقات على مستوى الشرقية والقاهرة وستتعاقد معها شركة عالمية على شراء برنامجها.

    المعروف أن قدرات الأطفال الذين يعانون الإعاقة الذهنية محدودة جدا فبالكاد يتعلمون أبسط الأشياء ومع الأسف لا يتذكرونها بسهولة لعدم قدرة عقولهم على الحفظ أو استراجع المعلومة، مما يجعل محاولة تعليمهم أي شيء مسألة صعبة جدا وتحتاج لمجهود ووقت ومثابرة، إلا أن ما فعلته رانيا أشبه بالمستحيل وجعل قصتها الجميلة يتعجب لها الناس، فكيف أصبحت تتعامل مع الكمبيوتر، وتكتب عليه وتبتكر برامج تحصل بها على جوائز، كل هذا جعلها تستحق لقب الطفلة المعجزة.

    يروي لنا صالح محمد أبو هبة والد رانيا وهو يعمل كهربائياً بمحافظة الشرقية مركز بلبيس، حيث يقول: رانيا أصغر أبنائي وترتيبها السادسة بين أخواتها وولدت معاقة ذهنيا وهي الحالة الأولى في العائلة، ومنذ ولادتها ونحن نشعر أن شيئا غريبا سيلحق بهذه الطفلة، لم نعرف أنها معاقة إلا بعد بعد مرور 11 شهراً على ولادتها، وكنا نتعجب لحالها، فكانت دائما هادئة وتبتسم، ولا تبكي كثيرا مثل الأطفال الرضع الطبيعيين وكانت تحاول الحركة برغم أنها لم تكن قادرة على ذلك، ملامحها كانت غريبة بعض الشيء ونموها ضعيف جدا، لكننا لم نتوقع أن تكون معاقة ذهنيا.

    مرت السنون وكبرت رانيا وبدأت تواجهنا صعوبات في سنواتها الأولى، لأننا لم نكن نعرف ماذا تريد أن تقول فهي لا تستطيع النطق أو التعرف إلى الأشياء وكنا نبقى أمامها لساعات لنعرف ماذا تريد، وكنت أحزن بشدة عندما أشعر أن بداخلها شيئا ترغب في توصيله إلينا ولا تستطيع بسبب إعاقتها.

    وأصبح أملي وهمي في الوقت نفسه أن تعيش هذه البنت الحد الأدنى فى الحياة كما كان أملى أن تتعلم أن تقول جائعة أو تعلن عن رغبتها في النوم أو في دخول الحمام أقل الأشياء، وتعبنا جدا في تعليمها هذه الأشياء في بداية عمرها لكن بمرور الوقت بدأنا نلاحظ أنها تستوعب بعض الأمور شيئاً فشيئاً، وكانت تحاول التعبير بيدها مرة وبعينيها أخرى عما تريده وهذا أمر صعب للطفل المعاق.

    السنوات الأولى من عمر ابنتي كانت صعبة لا تتكلم ولكنها تسمع ولا تستوعب ما نقوله، ولم نكن نخفيها عن أعين الناس إطلاقا مثل الكثيرين ممن لديهم أطفال معاقين ذهنيا، لكننا نخشى عليها الخروج إلى الشارع بمفردها.

    وكثيرا ما كنت اصطحبها معي أحيانا إلى أماكن عملي خصوصا القريبة من البيت حتى لا تشعر بالملل وكنت أرى سعادة كبيرة على وجهها مما ساعد على تحسن حالتها النفسية كلما خرجت من المنزل، خصوصا أننا لم نكن نسمح لها باللعب في الشارع مثل الذين كانوا في سنها لظروفها خشية أن تضر بنفسها أو يحدث لها مكروه.

    ويستكمل صالح والد رانيا حديثه قائلا: وبمرور الوقت تعلمت الإشارة إلى الأشياء إلى أن جاء يوم وطلب مني أحد الجيران أن أضبط له كل كهرباء مقهى الانترنت الجديد الذي أُفتتح أسفل العمارة، ومن هنا كانت البداية حيث اصطحبت رانيا معي، ونظرا لمسؤوليتي عن كهرباء هذا المقهى كنت أتردد عليه كثيرا وكانت تسعد هي للذهاب معي، وبعدما انتهى عملي بدأت تطلب الذهاب إلى الانترنت وكنت أذهب معها كنزهة وبعدها بدأت تطلب أن تذهب بمفردها فوافقت لأن المقهى أسفل البيت والمكان أمان بحكم معرفتي بمن فيه.

    أحبت رانيا الانترنت وكانت تذهب كل أسبوع ثم بدأت تذهب يوميا وبدلا من ساعة أصبحت تقضي هناك اليوم كله من العاشرة صباحا إلى العاشرة مساء، مما لفت نظرنا جميعا إلى حب رانيا إلى الكمبيوتر وكان كل ظننا أنها تجلس بجوار أي طفل يلعب على الكمبيوتر.

    وفي أحد الأيام تأخرت رانيا بالمقهى فذهبت لأحضرها وفوجئت بمشهد لم أتوقعه وجدت رانيا تجلس على أحد الأجهزة مستغرقة تماما وتضع السماعة على أذنها، وعندما سألت صاحب المقهى عنها قال إنها تشتغل على الجهاز مثل الأطفال الموجودين، طبعا ليس بنفس الكفاءة لكنها تتعلم وتفهم بسرعة عندما أشرح لها لعبة أو كيفية استخدام الجهاز، وأكد لى أنها من الأطفال المترددين على المقهى بانتظام لدرجة أنه يحجز جهازا باسمها يوميا وعندما سألته كيف يعطل جهازا كاملا يوميا لطفلة معاقة لا تعطيه سوى جنيه أو اثنين وممكن يحصل على أكثر من غيرها، رد وقال كنت في البداية أقول لها الوقت انتهى وكانت تقوم من على الجهاز بسرعة وهدوء وتذهب للبيت أحيانا وتأتي بفلوس أو تجلس بهدوء بجانب أي طفل آخر يلعب، ولكن عندما بكت في إحدى المرات وهي عائدة للبيت قررت ألا أقول لها مرة أخرى “وقتك انتهى يا رانيا”، وبصراحة لاحظت أن أكثر لحظات سعادتها وهي أمام الجهاز وفرحتي بها أنها تتعلم بسرعة وتجد ما يخفف عنها ما هي فيه دفعني لمساعدتها، وانتهى كلامي مع صاحب المقهي وأنا في اندهاش ونصحني بشراء جهاز لها لأن هذا سيسهم كثيرا فى نموها العقلي.

    ووسط إلحاح رانيا للذهاب للإنترنت ورغم ظروفنا الاقتصادية الصعبة قررنا شراء جهاز كمبيوتر لها بالتقسيط نضعه في المنزل بدلا من حالة القلق لغيابها طوال اليوم حيث لا تأكل ولا تشرب ولا تفعل شيئا سوى الجلوس على الكمبيوتر.

    ولا أستطيع وصف سعادتها بالجهاز كأنني أحضرت لها الدنيا كلها، وواجهتني مشكلة كبيرة وهى من يعلمها على الجهاز فأنا ووالدتها فشلنا في تشغيله، والغريب أن في بداية تعاملنا مع الجهاز كنا نحضر لها عشرات الألعاب وكان أحد الجيران يعلمها إياها، كانت تفهمها بسرعة وبعد مرة واحدة أو اثنتين بالكثير كانت تقوم بمفردها بالتعامل مع اللعبة، لكنها كانت ترفض الجهاز بما عليه من ألعاب وتجري إلى مقهى الانترنت وعرفنا بعد ذلك لماذا تفضل المقهى عن جهاز البيت لأن هناك برامج كثيرة تلعب وترسم من خلالها.

    وبدأت رانيا تعود إلى المقهى وفشلت في الحصول على مدرس تربية فكرية متخصص في الكمبيوتر وكأنه شيء غير موجود والمدرسون العاديون رفضوا لصعوبة تدريسهم طفلة معاقة، غير أن تخصيص مدرس كان مسألة مكلفة، فقررت التعلم لأساعد ابنتي.

    ويستطرد صالح حديثه قائلا: كان أملي أن أساعد ابنتي المعاقة الضعيفة التي لا تملك أحدا بعدي أنا وأمها، ولا شيء يسعدها إلا الكمبيوتر، ورغم أن البعض اتهمني بالجنون إلا أننى أصررت على موقفي.

    ومع الأسف مدرسة التربية الفكرية التي ألحقتها بها لم تعلمها أي شيء، كل المجهود الذي يبذل مع الأطفال في هذه المدرسة أنهم يعلمون الأطفال الأشياء عن طريق صندوق يحتوي على بعض الفواكه والخضراوات مصنعة من بلاستيك ويرددون على الأطفال طوال النهار هذه تفاحة وتلك موزة، وهكذا فشلت كل محاولاتي فى تنبيه الآخرين أن ابنتي موهوبة ولديها قدرة عالية فى التعامل مع الكمبيوتر ولكن لا حياة لمن تنادي.

    ذهبت هنا وهناك للمسؤولين في وزارة التربية والتعليم والمجلس القومي للأمومة والطفولة والمجلس القومي لحقوق الإنسان والإدارات التعليمية في الشرقية، وجئت للقاهرة لأجري هنا وهناك حتى أصل إلى أى شخص يساعد رانيا ولكن لم يستجب لي سوى المسؤول عن تعليم الحاسب الآلي في وزارة التعليم محافظة الشرقية، حيث تبنى رانيا وأعجب بها جدا عندما شاهدها تعمل ومنحها دورة تدريبية مع طلبة الثانوي.

    وبالفعل بدأت أذهب معها وأكتب كل حرف يقوله مدرس الدورة وأشرح لها ونحن في الفصل ونظل طوال الليل نطبق ما تعلمناه ويأتي اليوم التالي ورانيا أفضل من الأسوياء وتقدير زملائها الأكبر منها ومدرس الدورة، وتشجيعهم لها يزداد ورانيا ترتبط أكثر بالكمبيوتر، وتعلمت العديد من البرامج لتتقن الكتابة والرسم والتصميم والتنسيق و”الفوتوشوب” وتستخدم “الوورد” ولكنها لا تستطيع الكتابة كثيرا لكن بوسعها كتابة اسمها وعنوانها واسم أفراد عائلتها وهذا إنجاز لطفلة منغولية.

    وبدأت تستخدم “الديسكات” و”الفلاشات” و”السيديات” وطبعا البرامج التي تعتمد على الصور والتكوين هي الأسهل بالنسبة لها وفي نهاية هذه الدورة كانت هناك مسابقة بعنوان “المبرمج الصغير” على مستوى الجمهورية لمشروع “المبرمج الصغير” شاركت رانيا بتشجيع من المسؤولين وحصلت على المركز الأول ببرنامج صممته عن تعليم اللغة العربية للأطفال وطبعا هذا كان بمثابة قنبلة فجرتها طفلة معاقة تفوز على الأسوياء في الجمهورية كلها وتصبح أفضل منهم جميعا في تصميم برنامج على الكمبيوتر، ومن هنا أصبحت رانيا مشهورة وحصلت على أكثر من شهادة تقدير من مدرستها ومن الإدارة التعليمية ببلبيس الشرقية كذلك الإدارة العليا للحاسب الآلي بوزارة التعليم.

    وشاركت ببرنامجها في المؤتمر الدولي الذي أقيم في أرض المعارض للبرمجيات مع ميكروسوفت والشركات العالمية وخصص لها مكان أعلنت فيه عن برنامجها، وهناك مفاوضات الآن لشراء هذا البرنامج من إحدى الشركات العالمية من وكيل لهم في السعودية بعدما شاركت في مسابقة للبرامج على مستوى الوطن العربي حصلت فيها على جائزة تقديرية.

    الأم والشعور بعقدة الذنب: تقول والدة رانيا، الحاجة خيرية عبد القادر دسوقي 63 عاما، أنا فخورة بابنتي جدا وسعيدة بما عوضها الله به وكثيرا ما أشعر أنني المسؤولة عما حدث لابنتي، حيث حاولت الإجهاض أكثر من مرة وهى فى بطنى غير الأدوية التي أخذتها فيها، إضافة لكوني أنا ووالدها قريبين وأنجبتها وأنا في الخمسينات وأشعر بعقدة الذنب، لأن سبباً واحداً من هذه الأسباب يتسبب في إنجاب طفل معاق ولكن سامحني الله من أين كنت سأعرف، لذلك أنا ووالدها دائما ما نسعى لإسعادها لشعورنا إننا مدينان لها، ولم أشعر مطلقا أن ابنتي معاقة وأتعامل معها على أنها سوية لعل هذا ما يشجعها ويجعلها تثق في نفسها أكثر، ففي الأمور العادية في البيت أطلب منها مثل اخوتها جمع ملابسها وتساعدني في الطهي وتنظيف المنزل والحمد لله تفهمني وتساعدني وسعيدة أن ابنتي أصبحت أستاذة في الكمبيوتر.

  2. #2
    ||.. مُـهَـاجِـرَة ..||


    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    حيث أكون
    المشاركات
    10,464
    معدل تقييم المستوى
    11

    افتراضي

    سبحان الله

    يأخذ شيأ و يعوضه بأفضل منه


    حبيبتي حطمتني

    كل الشكر لنقلك المؤثر

    فقد ارتعشت عواطفي لتلك الأحداث

    دمت بخير

  3. #3
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    دمع الزهر

    يحفظك ربي ويسعدك بالدارين

    أشكرك على حضورك الرقيق

    لك مني كل الأحترام والتقدير

    دمتي بأتم صحة وعافية

  4. #4
    ... عضو مـاسي ...


    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    1,909
    معدل تقييم المستوى
    2

    افتراضي

    سبحاان الله

    مشكوور

    يعطيك العافيه يارب

    ننتظر جديدك

    تحيتي
    غزالة نجد

  5. #5
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Mar 2005
    الدولة
    عـا ( الأحاسيس ) لـم
    المشاركات
    39,241
    معدل تقييم المستوى
    40

    افتراضي

    غزالة نجد

    يعافيك ربي ويحفظك يالطيبة

    أشكرك على التفضل وزيارة

    هالصفحةالبسيطة والمتواضعة .

    دمتي قريبة من الرحمن

المواضيع المتشابهه

  1. إرادة الإنسان قادرة على أن تجعل الصخر نهراً جارياً
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 17-11-2007, 09:46 PM
  2. {{ إرادة }}
    بواسطة عبدالرحمن المالكي في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 11-10-2007, 06:18 PM
  3. إرادة الرغبــة
    بواسطة إحســاس إنســان في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 30
    آخر مشاركة: 13-09-2006, 01:04 PM
  4. (سهو) رانيا الباز و(غلط) أوبرا
    بواسطة !. مــايــهــابـ .! في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 08-12-2005, 12:27 AM
  5. صور لا تعرف المستحيل لن يتوقعها احد (((( صور )))))
    بواسطة الفارس المحب في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 10-02-2005, 06:06 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •