أشرق نور الإسلام على جزيرة تايوان في أوائل القرن الخامس عشر عندما نزل إلى شواطئها البحار المسلم “زنفهي ما” الذي اشتهر باسم عبد الصبور، وتوغل في أهلها وعرض عليهم قيم الإيمان فانفتحت له قلوب كثيرة، إلا أنها ظلت بين المد والجزر في مواجهة الصعاب والتحديات والحروب الكثيرة.. وفي منتصف القرن الماضي انتصر “ونج تشينج جونج” على الهولنديين وأخرجهم من الجزيرة فتدفق إليها مئات المسلمين عبر المضيق من مناطق “كوان”، و”زهاو”، و”فوديان” بالبر الصيني، وفي عام 1949 انضم إليهم آلاف المسلمين من أنحاء الصين هربا من الحكم الشيوعي، ثم لحقت بهم مجموعة أخرى في الثمانينات من ميانمار وتايلاند، ويفخرون جميعا بأن بلادهم إحدى الدول المؤسسة لرابطة العالم الإسلامي، رغم أنهم يشكلون فيها نسبة 2% بمجموع 50 ألف مسلم إضافة إلى 60 ألفاً من دول جنوب شرق آسيا يعملون في مجال البناء والصناعة في مجتمع متعدد الثقافات يتمتع مواطنوه بحقوق متساوية في إطار التنافس الحر، وأدى اهتمام الأسر المسلمة بالتعليم إلى تميزهم ووصولهم إلى أرفع الدرجات، وأكدت وزارة العدل أن نسبة جنوح الأحداث بينهم تبلغ صفراً.

تشمل نشاطات المساجد إلى جانب إقامة الشعائر الدينية، عقد الندوات والدروس وتنظيم الأسواق الخيرية واحتفالات الزواج والإشهار بالدخول في الإسلام وتجهيز الجنائز ودفن الموتى.

وتقدم أربعة من المساجد دروساً لتعليم اللغة العربية وتلاوة القرآن الكريم والتدريس للأطفال، كما يقدم مسجد “تايبيه” الكبير دورات تعريفية بالإسلام لغير المسلمين، وتقدم وجبات الإفطار يومياً خلال شهر رمضان المعظم. ومعظم أئمة المساجد من خريجي الجامعات الإسلامية مثل الأزهر والجامعة الإسلامية في المدينة المنورة وجامعة أم القرى بمكة المكرمة.

وهناك دعاة يقدمون الإرشاد ويؤمون الناس في صلاة القيام خلال شهر رمضان، ترسلهم المملكة العربية السعودية، ودعاة من باكستان ومن جنوب إفريقيا والمملكة المتحدة.

وتقوم جمعية المسلمين الصينيين بالتخطيط للدعوة والتضامن الإسلامي من خلال أنشطتها المختلفة، ومنها المؤتمر ربع السنوي وإصدار مجلة “الإسلام في الصين” (نصف شهرية)، وتوزيع المطبوعات التي ترسلها رابطة العالم الإسلامي والمنظمات الإسلامية الأخرى، كما تقوم الجمعية بترجمة الكتب وطباعة النشرات والرسائل الدعوية وتوزيعها على المسلمين، وعلى غير المسلمين الذين أثارت فيهم الأحداث العالمية اهتماماً بالدين الإسلامي.

وتقوم الجمعية بالتنسيق مع الرابطة بتدريب الدعاة، وتعقد بالتعاون مع الندوة العالمية للشباب الإسلامي مخيمات محلية للشباب خلال أشهر الصيف والعطلات الدراسية، ودرجت الجمعية منذ سنوات على إتاحة فرص الدراسة عبر المنح في عدد من الجامعات في الدول الإسلامية. ويشارك حفظة القرآن سنوياً في المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره بمكة المكرمة.

وتشرف الجمعية على بعثة الحج السنوية، وعلى قوافل المعتمرين ودعم هذه المناشط بالمال اللازم. وتنشط في إرسال الإغاثة لضحايا الحروب والزلازل.

ويشارك مندوبو الجمعية في الحوار الحضاري مع أصحاب الديانات الأخرى داخل تايوان وخارجها، وفي إشاعة روح السلام والمحبة والرحمة التي تدعو إليها تعاليم الإسلام.

وتصدت الجمعية بشكل خاص للهجمة الشرسة في الإعلام الدولي، التي حاولت النيل من الإسلام ومن صورته المشرقة.


أول لقاء


وأثنى الرئيس التايواني “شين شوي بيان” على المسلمين وأشار إلى دورهم في تنمية المجتمع وإسهاماتهم في بناء اقتصاد بلادهم، وأشاد بقيم الإسلام ووصفها بأنها تدعو للسلام وتشجع التسامح والمحبة وقد جاء ذلك خلال لقائه ببعثة الحج التايوانية التي أدت فريضة الحج العام الماضي. وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها الرئيس التايواني ببعثة الحج منذ أن تم تنظيم أول بعثة رسمية في عام 1953.

وأكد الرئيس بيان أن هذا الاستقبال يعكس الأهمية التي توليها حكومته للمسلمين في تايوان وتؤكد تصميمه على ضمان حرية العبادة للجميع. وعبر عن سعادته باستقباله لبعثة الحج التي بلغت 34 حاجاً برئاسة رئيس جمعية مسلمي تايوان وإمام مسجد كوسيونغ حوس رونج شوان. وقال الرئيس بيان: “إن كلمة الإسلام تعني السلام والاستسلام لمشيئة الله، كما أن القرآن الكريم يأمر بالسلام والمساواة والعدالة”.

وعن أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001م أكد الرئيس بيان أن ذلك لا يؤثر في الإسلام كدين يدعو للسلام والمحبة ولا المسلمين المعروفين باعتدالهم وتدينهم.

وأشار الرئيس التايواني إلى أن عدد المسلمين في تايوان في تزايد مستمر، وقال: “رغم البُعد الجغرافي فإن حكومة تايوان مصرة على تقوية أواصر علاقتها مع الدول العربية بصفة عامة ودول الخليج بصفة خاصة.

يذكر أن وزارة الخارجية التايوانية كانت قد وجهت مكتبها التمثيلي في المملكة العربية السعودية بتوفير المساعدات الضرورية التي قد تحتاجها بعثة حجاج تايوان خلال أداء مناسك الحج.