تسود هذه الأيام بين أوساط الأقلية المسلمة في شرق الكونغو لاسيما مناطق بوكافو وكيسنجاني مخاوف من وقوع مجزرة جديدة بين الهوتو والتوتسي، وذلك بسبب الصراع علي السلطة بين القبيلتين ولهذا تشهد المنطقة معارك مستمرة بين الطرفين قد تؤدي الي فرار المسلمين من موطنهم الي مخيمات الايواء غير الإنسانية بالصحراء حيث تنتشر الأمراض والأوبئة، فضلا عن تعرض هذه القبائل المسلمة الي سندان منظمة كاريتاس الايطالية التي تمارس التنصير هناك خاصة بين مسلمي الكونغو الديمقراطية وكان الجنرال الكونغولي التوتسي المخلوع لوران نكوندا قد صرح مؤخرا ان حكومة كينشاسا التي يسيطر عليها الهوتو وهم يمثلون الأغلبية ترفض التفاوض علي خطة سلام بشأن كيفو الشمالية في شرقي الكونغو الديمقراطية حيث تتجمع قبائل التوتسي، واتهم نكوندا الحكومة بانها تريد حل المشاكل بالسلاح.
وأكد نكوندا ان حكومة كينشاسا لا تحترم الاتفاقات التي وقعت في يناير الماضي بين حكومة الهوتو والتوتسي.
وقال من مقر قيادته في كيروليروي بجبال ماسيسي كيفو الشمالية أنه مستعد للتفاوض علي خطة سلام، لكن الحكومة لا تريد، حسب قوله. مشيراً الي انها تريد حل المشكلات بالسلاح.
وعن مستقبل العلاقة مع الحكومة في ظل الصراع الدائر قال نكوندا: لست في حالة حرب، لكن إذا شنت الحكومة هجوما جديدا فسأرد معتبرا السيطرة علي نجونجو هو النجاح الأخير الذي تحققه الحكومة.
وكانت معارك عنيفة قد دارت مؤخراً بين جنود موالين للقوات المسلحة الكونغولية ومتمردين يدينون بالولاء لنكوندا حاولوا الاستيلاء علي مقر قيادة فرقة في كاتالي في ماسيسي ولم ينجحوا.
وقد بدأت الحوادث في 27 أغسطس الماضي عندما هاجم عناصر موالون لنكوندا آلية مواكبة للقوات المسلحة الكونغولية في المنطقة نفسها، فسقط أربعة قتلي، كما ذكرت الأمم المتحدة والقوات المسلحة الكونغولية.
وفي اليوم التالي أخرج المتمردون عناصر القوات المسلحة من القري القريبة من روبايا ورونيوني، فسقط تسعة قتلي.
وفي هذه الاثناء تم التوصل الي هدنة هشة علي الرغم من الاشتباك الذي وقع في نجونجو جنوب ماسيسي التي طرد منها مقاتلو لوران نكوندا.
وصراع الهوتو والتوتسي يعني بالنسبة للمسلمين مزيدًا من اللاجئين والمشردين، كما حدث لهم في عام 1997 الذي نجح كابيلا فيه بالإطاحة بالرئيس السابق موبوتو سيسيكو.
وبالرغم من أن مسلمي الكونغو الديمقراطية لا يتدخلون بصورة مباشرة في الصراع بين الهوتو والتوتسي، إلا أن آثار هذا الصراع الذي لم ينقطع علي مدي الأربعين عاماً الماضية يؤثر بصورة كبيرة علي حياتهم المعيشية، الأمر الذي أجبر مئات الآلاف منهم للفرار من مدنهم وقراهم في المحافظات الشرقية كيفو وكيسنجاني ، حيث يعيشون حالياً في مخيمات رثّة لا تليق بالكرامة الإنسانية، وتنتشر بينهم الأمراض والأوبئة وسوء التغذية، إضافة إلي النشاط التنصيري الذي تقوم به منظمة كاريتاس الإيطالية.
معروف انه يعيش بدولة الكونغو أكثر من 450 جماعة عرقية، إلا أن الغالبية من السكان الذين يبلغ تعدادهم 51 مليون نسمة ينتمون إلي قبيلتي هيما وليندو اللتين ينحدران بدورهما من أصول تعود إلي قبيلتي الهوتو والتوتسي، وقد نزحت هاتان القبيلتان من منطقة القرن الأفريقي إلي منطقة البحيرات العظمي، واستوطنت رواندا وبورندي وشرق الكونغو وبعض أجزاء أوغندا أوائل القرن الخامس عشر الميلادي، واشتغلتا بحرفة الرعي وتربية الماشية.
وبالرغم من أن نسبة التوتسي تمثل 15% مقارنة بالهوتو، فإن التوتسي تميزت عن الهوتو بحسن تنظيمها لنفسها تحت سلطة مركزية واحدة، وتفوقت في المهارات الحربية والتنظيمية، واستطاعت بفضل تفوقها العسكري السيطرة علي الهوتو الذين ظلوا قبائل متفرقة تتمتع كل قبيلة باستقلالها في إدارة شؤونها الداخلية. وكان لفرنسا دور مهم في دعم أقلية التوتسي - وبالأخص في المجال التعليمي - حيث كثرت المدارس الفرنسية في أوساط التوتسي، وزادت البعثات التعليمية لأبناء التوتسي، الأمر الذي أهَّلهم لتولّي المناصب السياسية الهامة في الكونغو بعد ذلك.
مواقع النشر (المفضلة)