نيجيريان وراء نشر الإسلام في الكاميرون
تمثل الكاميرون وهي احدى دول غرب القارة الإفريقية حلقة انتقالية بين الشطرين الجاف والرطب، وقد وصلها الإسلام مع القوافل القادمة من الشمال، وكوّن المسلمون فيها مجتمعات حول نهر “بنوي” والهضبة الوسطى في بدايات القرن الثالث الهجري، وانتشر فيها الإسلام حتى عم ارجاءها من خلال دعاة محليين، وفي نهايات القرن التاسع عشر (1884م) بسط الاحتلال الألماني نفوذه، وأطلق البعثات التبشيرية في الجنوب، وأثناء الحرب العالمية الأولى قسمت البلاد بين الألمان والانجليز.
ينتشر الإسلام بين القبائل التي تسكن الجانب الأيمن من نهر ساناجا، وفي هضبة ادماوا وفي حوض ينوي، وفي القسم الشمالي من البلاد في حوض بحيرة تشاد، وفي جبال ماندرا وهضبة (النولوب باموم)، كما يوجد المسلمون في معظم المدن الجنوبية. وأهم القبائل المسلمة الفولاني، الباموم، التيكار، الماندرا، الشاوية العرب، وقبائل الكيردي.
وزاد انتشار الإسلام بعد الحرب العالمية الثانية بين القبائل التي تسكن وسط الكاميرون مثل باموم وديورا ولاكا.
وانتقلت الدعوة الإسلامية إلى الجبال في غربي الكاميرون بين قبائل كوتين وجيدرا والفالى وموفو ومتكارم.
كما انتشرت في الجنوب بين قبائل ماوندانج وموسجوم. ويتوقع تزايد أنصار الإسلام في النطاق الغربي وفي الجنوب بعد أن زاد عددهم على الخمسة ملايين نسمة.
فترات حالكة
واجه التعليم الإسلامي فترات حالكة في ظل الاستعمار، ليترك المجال للبعثات التبشيرية لتزاول نشاطها. كما يوجد نقص في التعليم العالي بسبب عدم وجود المدارس العليا. وزاد الاهتمام به بعد الاستقلال وقام بتدريسه معلمون محليون. وتنتشر المساجد في معظم مدن الشمال والوسط وتقل في الجنوب، وقد رجحت دائماً كفة الإسلام حتى في ظل الاستعمار.
يقوم على حفظ الدعوة المجلس الوطني الإسلامي، ولجنة ترجمة القرآن الكريم والجمعية الثقافية وجمعية الكاميرون الإسلامية التي تأسست في سنة 1963. وتوجد 50 مدرسة ابتدائية و50 مدرسة إعدادية (فرنسية وعربية) وتواجه بعض العراقيل، منها الخلافات بين المسلمين خصوصاً أصحاب الطريقة التجانية وجمعية مسلمي الكاميرون، وعرقلة السلطات الحاكمة للأنشطة الإسلامية بطريقة غير مباشرة، إضافة إلى البعثات التبشيرية وإمكاناتها المادية الهائلة ونظم التعليم المشتركة مثل المدارس الفرنسية والإنجليزية، وإهمال اللغة العربية، مع غياب وندرة الكتب المدرسية العربية والمناهج الجادة التى تؤدي إلى تسرب التلاميذ بعد المرحلة الابتدائية.
عادة جميلة يحرص عليها المسلمون في الكاميرون، وهي عدم غلق أبواب البيوت والشقق طوال شهر رمضان المبارك.. استعدادًا لاستقبال أي صائم أدركه الأذان قبل الوصول إلى بيته؛ فيدخل للإفطار والتعرف إلى إخوانه من المسلمين الذين يمثلون نصف المجتمع على الأقل.
والعادات في الكاميرون تتشابه في شهر رمضان مع كثير من عادات الشعوب العربية والإسلامية؛ حيث إن التمر طبق أساسي على المائدة الرمضانية، وإن كانوا يكثرون من تناول اللحوم في هذا الشهر الكريم؛ أما من حيث العبادات فإنهم يحرصون على إقامة صلاة التراويح في المساجد الاثني عشر الكبيرة في العاصمة ياوندي التي تضم (3) ملايين نسمة، نصفهم على الأقل من المسلمين.
ويقيم ليالي هذا الشهر الكريم دعاة وأئمة من مصر، والسعودية، والكويت، والمغرب، وغيرها من الدول الإسلامية، وبعض أبناء الكاميرون الذين نالوا تعليمهم في الأزهر الشريف، وفي السعودية.
ويبدي مسلمو الكاميرون تقديرًا كبيرًا لما يقوم به البنك الإسلامي من تقديم المساعدات المادية، والعينية لشعب الكاميرون، والحرص على النهوض بالاقتصاد الكاميروني، واهتمامه بإنشاء مدارس تعليم أطفال المسلمين شؤون دينهم؛ ولما يلعبه من نشر روح التسامح بين مسلمي ومسيحيي الكاميرون الذين عبروا عن غضبهم مما يفعله “الإسرائيليون” ضد المقدسات الإسلامية، والمسيحية في فلسطين.
العامل الرئيسي
يُذكَر أن الكاميرون لم تعرف الإسلام إلا منذ (160) عامًا فقط حين نزح إليها الشيخ “عثمان فوديم” المولود في نيجيريا في مدينة “سوقوطو” والذي بدأ في نشر الإسلام عام (1941)، وتلاه في هذه المهمة “مودييوم آدم” الذي ولد في مدينة “يولا” بنيجيريا أيضاً؛ ولكن المسلمين الكاميرونيين يرون أن قبيلة “فوتوجالون” التي تنتشر بين الكاميرون ومالي هي العامل الرئيسي في نشر الإسلام بالسلوك بين أبناء الكاميرون، وكذا قبائل “هوسا” التي توجد بين نيجيريا والنيجر، وقبيلة “كانوري” المسلمة النيجيرية.
ويقول محمد عبدالحق - سكرتير بعثة الأزهر في الكاميرون - التي تضم 32 عالماً مسلماً: إننا نشاهد المسحراتي في شوارع الكاميرون، خصوصا في الأحياء المعروفة بأن أغلب سكانها من المسلمين، ولكن المسحراتي هنا ليس فردًا، وإنما يكون في مجموعات، يتراوح عدد الواحدة منها بين 10 و15 فرداً حاملين الطبول الإفريقية الشهيرة، ويطوفون الشوارع مرددين الأغاني الجميلة، وقال: إن هذه الظاهرة واضحة بجلاء تام في شوارع حي “برمكتيير” في العاصمة ياوندي.
وأضاف سكرتير بعثة الأزهر أن الإسلام منتشر هنا في الكاميرون؛ ويصل عدد المسلمين إلى نحو 40%، وإن كانوا ينتشرون بكثافة في الريف الكاميروني، وقال: إن حرية العقيدة مكفولة للجميع هناك، ومن العجيب أنك قد ترى في الأسرة الواحدة المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي والوثني!!.
ويسعد أي مسلم يزور الكاميرون بأعداد المصلين في المساجد، بل إن شكواهم هنا هي الرغبة في زيادة عدد المساجد، ويطلقون على كل مسجد هنا اسم الدولة التي أنشأته، فهذا المسجد السعودي أو الإماراتى، وذاك المصري والرابع الكويتي والأخير المغربي، ولا تهتم الحكومة الكاميرونية بإنشاء دور العبادة بصفة عامة، فهي قائمة على التبرعات الخارجية، والمنظمات والهيئات الإسلامية.
وتنتشر حلقات تحفيظ القرآن الكريم عقب الانتهاء من الصلاة، خصوصا يوم الجمعة الذي يمتاز أيضاً بخروج بعض طلبة الكاميرون إلى أبواب المساجد المتسعة لمخاطبة المارين في الشوارع، ودعوتهم إلى اعتناق الإسلام ومحاربة الوثنية والبوذية.
مواقع النشر (المفضلة)