[frame="2 80"]
بسم الله الرحمن الرحيم
[glint][align=left]العنوان ليس إلا للفت النظر فقط[/align][/glint]
_____
هذا الأفق البعيد يلتهم الراحلين
،
ليتركنا في النصف الآخر من الحياة
،
نبكي صورهم المتجمدة على مرايا الذاكرة..
نندب حظنا..نبكي كثيراً..
نشقى بهذا الرصيد الكبير من الحزن
،
الذي يُضاعف كلما حاولنا التخلص منه
،
لأنه العملة الوحيدة التي يمنحها الزمن بسخاء ولا يتداولها الناس إلا نادراً..
الحزن هذا المولود الذي لا يحبو بل يثب واقفا
،
ويشتد عوده
،
ويشيب قبل أن نسطر اسمه في دفاتر المواليد
والقلوب تلك الأوعية الحافظة التي ينسج خيوطه داخلها
،
ويملؤها لكنه لا ينضح خارج جدرانها.
!
يا ترى..
هل سيكون من الحكمة يوما أن تثقب قلبك كي تتخلص من حزنه؟
أم الحكمة أن تجعل لنفسك ثقبا من الرضا؟
يزعمون أن النسيان نعمة
،
وكم راقصوا بلاهتي عندما أخبروني أن أشرب الكثير من المياه
كي أنسى فازددت إلى همي غثيانا!
النسيان ذلك الذي يحدثنا عن همومنا كأنها قطعة ثلج تذوب مع الوقت
هذا الدواء التافه الذي فشلوا أن يخدروا به أروقة الذاكرة العنيدة
،
ولم يستطيعوا أن يتحدوا به ذاكرة الزمان والمكان فضلا عن ذاكرة العقول والقلوب.
"غدا تنسى"، ويأتي ألف غد ومازال الهم مرابطا.
ليس من المعقول أن نمضي نصف أعمارنا نحب أناسا حتى تتشرب خلايا الذاكرة بتفاصيلهم
،
ونمضي النصف الآخر من الحياة في محاولة نسيانهم وتجفيف أرواحنا منهم.
لهذا خلق الله الرضا
،
تلك النعمة المنسية التي غفل عنها الساخطون فتخبطوا
في دوامة النقم والهم
،
لأنهم لم يقبلوا الفقد كطبيعة لا معطل لها
،
وأنهم سيكونون في يوم من الأيام بحاجة لمن يقبل هذه الطبيعة عنهم.
لابد أن نقبل الحزن كدفء لا غنى عنه لقلوب باردة خاوية
،
ولابد أن نوغل في هذا الحب البشري وهذه العاطفة برفق
،
لهذا جاء
"أحبب من شئت، فإنك مفارقه"
هذا العقل الذي يفكر بانتظام
فيمن رحل
،
لابد أن يفكر في حكمة الله
وهذا القلب الذي يخفق لمصابه
فليهيأ نفسه لمصاب أكبر، لأن الدنيا
لن تقف عند رحيل أحد ، فعجلة الحياة
ستقطع الطريق في ميعادها المحدد دون
أدنى إلتفاتة لكن أكثر ما أخشاه أن تمضي
مصائبنا دون أن ندرك لطف الله في قدرة
ويمضي بنا العمر دون أن ندرك حكمة
الله في تدبيره لشؤون خلقه.
!
الإنسان يهول مصابه
،
ربما لأنه يظن أنه سيكون الأخير
،
ويجزع لحزنه لأنه يظن أنه لن يصاب بحزن أكبر
والمخبول هو ذلك الذي ظن أن نقطة البداية انطلاقة للخلف!
الأسوأ من ذلك أن تجزع لمصاب صغير
،
وتحزن للاشيء سوى أنك تريد أن تحزن.
أحيانا يقع الكثيرون في هذا المطب
،
ويحكموا لف هذه العقدة حول رقابهم
ربما يعد هذا فراغا
وربما هم سعداء بما يكفي كي يحزنوا!
أما أنا فأحاول أن أحتفظ بهذه النسبة دائما: أن أصبح حزينا بما يكفي كي أسعد!
أشياء بسيطة ولكنها قد تفتح علينا بابا من الجحيم
،
لأننا لا ندرك أن المسودة على بساطتها قد تحوي خلاصة المشكلة!
كل الحكايات التي بدأت بـ"كان يا ما كان" لم يكن من المقدر لها أن تتم لولا عبث الكاتب
،
وانصياع الأبطال تحت سطوة قلمه النحيل
،
ورضوخهم لتلك الضغطات الخفيفة
وهذه الحكاية لم تكن لتنتهي لولا نقطة النهاية
التي وقفت كرادع لمحاولات تجاوزها.
و هذه الحرائق التي تلتهم كل شيء، أتحدى أحدكم
لو جاء بعود الثقاب الذي بدأ شرارتها الأولى!
أيضا..
هذا اللص الذي يطرق بابك
،
لم يكن ليدخل لو لم تدر مفتاح بابك نصف دائرة.
هكذا تكون البداية، بسيطة حينما تتآمر علينا
،
معقدة عندما نتآمر عليها
الأحمق هو ذلك الشخص الذي يقع في حفرة حفرها بيديه
والحماقة أن تحفر حفرتك
،
وتقع فيها
،
ثم تضع ترابها فوق رأسك كي تموت!
لهذا
،
قبيل أن يمضي بك الدرب إلى حيث لا تدري..
حطم هذه الأبواب..
فكر ولو قليلا لما هذه النوافذ مشرعة هكذا؟!
هل تهرب..؟!
أم أنك ستظل هنا تشاهد أسراب الفرحة وهي تغادر ديارك؟
.
وللذين لم تبرد جراحهم بعد يقول علي بن أبي طالب-كرم الله وجهه-:
كل نعيم دون الجنة سراب
،
وكل عذاب دون النار فهو عافية"
؛؛
؛[/frame]
مواقع النشر (المفضلة)