مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: خصائص الجتمع الإسلامي (بحث كامل ) من مجهودي

  1. #1
    ... عضو مـاسي ...


    تاريخ التسجيل
    Sep 2006
    المشاركات
    1,270
    معدل تقييم المستوى
    2

    افتراضي خصائص الجتمع الإسلامي (بحث كامل ) من مجهودي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    في البداية كل عام وانتم بخير غبت عن هذا المنتدى تقريبا خمس شهور بسبب ظروفي الدراسية
    وفي دراستي الجامعيه كان عندي بحث عن (( خصائص المجتمع الإسلامي )) والحمدلله كتبت هذا البحث ورجعت تقريبا الى اكثر من 15 مرجع وبصراحة استفدت من البحث (( للمعلومية البحث استخدم فيه خطوات البحث العلمي من توثيق النقول وتخريج الاحاديث وخلافه )




    المبحث الأول : مفهوم المجتمع الإسلامي

    المطلب الأول : تعريف بالمجتمع الإسلامي

    لفظ المجمع مشتق من جَمَعَ ، فالجمع ضم الأشياء المتفقة وضده التفريق والأفراد، وقيل: ( تجمع القوم اجتمعوا هاهنا وهاهنا) (1) .
    وحين النظر في دلالة لفظ المجتمع من حيث هو مصطلح ، يجد المرء عدة تعريفات منشؤها تباين النظرات تبعا للتخصصات ، فنجد تعريفا من منظور سياسي، و آخر من منظور اجتماعي ، وثالثا نفسيا وهكذا .
    فالمجتمع هو : عدد كبير من الأفراد المستقرين ، تجمعهم روابط اجتماعية ومصالح مشتركة ،تصطحبها أنظمه تضبط السلوك وسلطة ترعاها(2).
    تعريف المجتمع الإسلامي : خلائق مسلمون في أرضهم مستقرون ،تجمعهم رابطة الإسلام ، وتدار أمورهم في ضوء تشريعات إسلامية وأحكام ، ويرعى شؤونهم ولاة أمر منهم وحكام.(3)



    المطلب الثاني: تميز المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات وتوضيح الاساس الذي تقوم عليه العلاقات الاجتماعية :


    لكل مجتمع خصائص تميز عن غيره من المجتمعات، والمجتمع الإسلامي له خصائص تنبع من الفكر الذي يعتنقه وهو الإسلام والتعاليم الإسلامية التي يسير على نهجها والطموحات التي يأمل أن يحققها الاستلام، وهي حفظ النفس والنسل والمال والعقل والدين ،والمجتمع الإسلامي من الطبيعي أن يستمد خصائصه من تعاليم الدين الحنيف الذي يمد المجتمع بما يحتاجه من أسس وقواعد ليكون مجتمعا تندرج عليه مواصفات المجتمع الإنساني . أنظر)(4)





    (1) لسان العرب ،ابن منظور، مادة جمع ج9 ص 404.
    (2) انظر المجتمع الإسلامي، أمين المصري، ص 14، المجتمع والأسرة في الإسلام ،د محمد طاهر الجوابي، ص ،12 علم الاجتماع والمجتمع الإسلامي، د مصطفى شاهين، ص 43.
    (3) أنظر الإسلام وبناء المجتمع ،ص 12 و 14
    (4) بناء المجتمع الإسلامي ،عبد الرحمن بن مبارك الفرج بتصرف .

    والمجتمع الإسلامي يتميز عن غيره من المجتمعات بميزتين :
    الأولى : أنه جعل العقيدة بكل مظاهرها والشريعة بكل أحكامها الاساس الأكبر الذي تنبني عليه الأسس الأخرى ،إذ لا قيمه لأي أساس لا تكون الشريعة والعقيدة متمثله فيه قائمه عليه ، وهذا ما ظهر جليا في التربية النبوية للمسلمين أفرادا وجماعات بخاصة العهد المكي الذي مهد الطريق للأسس الأخرى لتصبح مكونات معتبره .
    أما ألثانيه : فإنه بما أوجده من مواصفات ، وبما وضعه من اعتبارات تجاه هذه الأسس فجاء هذا المجتمع متميزا بتميز أسسه والأسس العامة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي بعد الاساس العقدي هي :
    1-الإنسان .
    2- الروابط الاجتماعية.
    3- الضبط الاجتماعي .
    4- الأرض.(1)

















    (1) الإسلام وبناء المجتمع ، ص 19





    المبحث الثاني
    خصائص المجتمع الإسلامي

    المطلب الأول : ربانية المجتمع الإسلامي وتوضيح اثر أركان الإيمان فيه :

    من خصائص المجتمع الإسلامي انه مجتمع رباني ، وهو يرضخ لحكم الشرع ، ويسلم له ، قال الله تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنه إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة في أمرهم )( سورة الأحزاب 36)وقال الله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم لم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) ( سورة النساء الآية 65 ).
    فالشريعة الإسلامية هي التي تسير المجتمع المسلم ، وهي إنما جاءت من عند الله العليم والخبير بأحوال خلقه ، وما يصلح حالهم ومالهم ، وكلما كان الالتزام بهذه التعاليم أقوى ؛ كلما اقترب من صفه المجتمع الإنساني الحق الذي يستطيع الوصول إلى غاياته وأهدافه ، وكلما ضعف الالتزام بهذه التعاليم ، كلما ابتعد عن المنهج الحق وضل الطريق ، وتحقق العجز ، تفاقمت المشاكل بصورة يتعذر حلها ، أو إيجاد الحلول الناجعة لها ، ونستطيع الوصول إلى معرفه صحة هذا القول بالمقارنة بين المجتمعات الإسلامية في العصور الزاهرة ، ففي المجال الاقتصادي كان الناس في سعة وبحبوحة من العيش ، فالكل في رغد ورخاء ، وخير دليل على ذلك ما حدث في عهد عمر بن عبد العزيز حيث دفعت الزكاة فلم يوجد من يقبلها .
    وأما في مجال العزة والمنعة فقد كان المجتمع قويا متماسكا ، ويتصف أفراده بعلو الهمة ، والغيرة على الدين ، وعلى المسلمين ، فترسل الجيوش والجراءة نصرة لامرأة استغاثت لطلب ألنصره أو تأديبا لمن تعدى على كرامة هذا الدين وأهله .(1)









    (1)بناء المجتمع الإسلامي ،عبد الرحمن الفرج، بتصرف .



    المطلب الثاني : التسامح :

    من خصائص المجتمع الإسلامي الواضحة هي التسامح ،وهي ظاهره في ثنايا الإسلام كله ، فالإحكام الشرعية مبنية على التسامح قال الله تعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا أثم عليه ) (سوره البقرة173) والله تعالى يصف رسوله صلى الله عليه وسلم بالسماح ويوجهه للمداومة عليها وذلك في قوله تعالى : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضا غليظ القلب لا نفضوا من حولك ) ( سورة آل عمران 159)
    ويلخص هذا القول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحب الدين إلى الله الحنفية السمحة )(1) تظهر السماحة في المجتمع الإسلامي جلية في المواطن التي يضن فيها ظهور ضدها كالانفعال والمشادة والغضب و الانانية ، وذلك في حالات البيع والشراء والاختلاط في أماكن المنافع والاحتكاك في الطرق العامة فإن أبناء المجتمع الإسلامي يمتثلون قول النبي صلى الله عليه وسلم ( رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا قضى )(2) فالسماحة بمفهومها الواسع صفة مصاحبه لتصرفات أفراد المجتمع الإسلامي ،فهم بعيدون عن الانفعالات حذرون من المشاحنات معرضون عن التجاوزات ، وهذا ما تقتضيه الأخ في الدين .
    ولا يعني هذا أن السماحة محصورة بين المسلمين فيما بينهم ، فقد أمر الله تعالى بها مع المخالفين في الدين ، فأمر بالإحسان إلى الوالدين الكافرين ،وأذن سبحانه ببر المخالفين ما لم يكونوا محاربين ، وأباح الزواج من نساء اليهود والنصارى وأجاز المعاملات الدنيوية معهم ، وهذه هي السماحة بعينها ، وهذا غير الولاء الذي لا يكون إلا لله وفي الله .
    وليس يعذب المسلم بترك السماحة والإعراض عنها بحجه أن غيره لا يعني بها أو بحجه كثرة الهموم وضغط العمل وسوء الأحوال ، فإن الله تعالى وصف عباد الرحمن بقوله : ( وعباد الرحمن على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) ( سوره الفرقان 63).
    وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم حافلة بالأحداث التي تؤكد سماحه مع كل من تعامل معهم ، فهذا الأعرابي يجذب الرسول صلى الله عليه وسلم من ثوبه حتى ترك أثرا في عنقه وهو يقول له : أعطني مما أعطاك الله فإنك لا تعطني من مالك ولا من مال أبيك ، فتبسم له النبي صلى الله عليه وسلم وأمر له بعطاء(3)كلما كان المجتمع إلى الإسلام أقرب كان باب السماحة فيه أوسع وأرحب ، فيحسن بالمرء أن يجاهد نفسه لتصبح السماحة خلقا لازما له قال الله تعالى : ( وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) ( سورة فصلت 35)(4)




    ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
    (1) رواه البخاري، في كتاب الإيمان باب الدين يسر .
    (2) صحيح البخاري، كتاب البيوع باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع.
    (3) صحيح مسلم ،كتاب الزكاة، باب إعطاء من يسأل بغلظة.
    (4) أنظر الإسلام وبناء المجتمع، ص 32 و 33 بتصرف

    المطلب الثالث : الآمن وتوضيح اثر الآمن على الفرد والجماعة :


    يتصف المجتمع الإسلامي بأنه مجتمع امن ، والأمن مطلب رئيس للمجتمعات جميعا ، بيد أن حصولها عليه ليس بالأمر اليسير ، وان الوقائع والأحداث من حولنا لتشهد بهذا .
    ولم يكن المجتمع أمنا إلا عندما كان مؤمنا ملتزما بدينه .
    لقد تحققت صفة الأمن هذا للمجتمع الإسلامي بعدة طرق :
    1- عن طريق سلامه منهج الفرد : واستقامة سلوكه فإن الأصل في الإنسان المسلم أنه (لا يحتاج إلى رقابه القانون وسلطة الدولة لكي يرتدع عن الجرائم ،لأن رقابة الأيمان اقوي ، والوازع الإيماني في قلب المؤمن حارس يقظ ، لا يفارق العبد المؤمن ولا يتخلى عنه )(1)
    2- عن طريق المجتمع : فما المجتمع الإسلامي في أصل تكوينه إلا عدد كبير من الأسر التي نشأت على هدي من الله تعالى ليكونوا عناصر خير وحراس امن في المجتمع .
    ويضاف إلى هذا ، أن المجتمع نفسه تحكمه ضوابط تسود فيه روابط اجتماعية ، وتحث عليه بالتغريب ،وتقبح الشر بكل صورة ،وتحذر منه بالترهيب ، وهذا المسلم والذي يعد بمثابة السياج والعلاج .
    إن المجتمع الإسلامي بمواصفاته المتميزة يرعى أبناءه ، ويحاصر فيهم نزعة التفرد والتمرد ، ويعز في نفوسهم احترام القيم الجماعية ،وهذا يسهم إلى حد بعيد في توفير الأمن لهذا المجتمع .
    3- عن طريق العقوبات : فهي موانع لفئة من الناس عن المساس بأمن المجتمع فإن الإسلام لا يركن في هذا المقام إلى الوازع الفردي والرقابة الجماعية فحسب فحيث(2)إن بعض النفوس تميل إلى حب السيطرة والعدوان ،والقوي ميال إلى النيل من الضعيف .
    لا يخفى أن المقصد الأسمى للآلام هو إصلاح الفرد والمجتمع ،وقد بذل في سبيل هذا جهودا كبيرة ، وقد أتت ثمارها بفضل الله . فكان من تمام حكمة الله ومن مظاهر رحمته ، أن يرعى هذا الإنجاز العظيم ، ويصونه من عبث العابثين ، فكانت الحدود والعقوبات بعامة رحمة من الله تعالى بالمجتمع . (3)




    ------------------------------------------------------------------------------------------------
    (1) منهج الإسلام في تزكية النفس ، د انس كروزون ص 818.
    (2) انظر :دراسات في الثقافة الإسلامية ،د علي السالوس وآخرون ص 325 بتصرف.
    (3) راجع الإسلام وبناء المجتمع ص 24و35 .


    المبحث الرابع :التكافل

    من خصائص المجتمع الإسلامي مبدأ التكافل الاجتماعي وهذا المبدأ دعى إليه الإسلام ودخل بها مرحله
    تطبيق التكافل الاجتماعي بكل ما يشمله من أنواعه ،لدرجه أن يشعر كل فرد بأنه مرتبط بالآخر على أساس علاقات إنسانيه صادقه وجهها الرسول عليه الصلاة والسلام (1).
    ومما انفرد به الإسلام عن غيره من النظم ، أنه حفظ للفرد حقه في العمل والكسب ،وحفظ للمجتمع حقه على الفرد في المعونة والتضامن، لذا دعا إلى الكسب ورغب في طلب الرزق وأوجبه، وأما العاجزون الذين لا يستطيعون العمل لمرض أو شيخوخة ، أو القادرون الذين يجدون عملا، أو لا يكفيهم دخلهم لتحقيق معيشة لائقة بهم ،فلم يتركهم الإسلام لأنياب الفاقة والحاجة ، بل شرع لهم العديد من التدابير الحاسمة في التكافل الاجتماعي لرعايتهم والنهوض بهم ، وتأمين الحياة والمعيشة اللائقة بهم ، وبعض هذه الوسائل هي على سبيل الوجوب والفرض ، وبعضها الآخر على سبيل الترغيب والندب ، وبيان هذا فيما يلي :
    1-تشريع فريضة الزكاة وهي من فروض الإسلام ومن حقوق الفقراء ونحوهم في أموال الأغنياء قال الله تعالى : ( والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم ) ( سوره المعارج 24 -25 ) والزكاة تمنع من الجرائم وخاصة الجرائم المالية ،لأنها توفر سيوله كريمه بين أيدي الفقراء والمحرومين ، والزكاة وسيله مهمة من وسائل تقويه الروابط الاجتماعية وتذهب الغل والطمع من نفوس الذين لا يملكون ما يكفيهم تجاه الذين يملكون ويتنعمون.
    2-تشريع زكاة الفطر : فقط اوجب الإسلام زكاة الفطر على كل مسلم عند قوت يوم العيد ، قال الله تعالى : ( قد أفلح من تزكى ) (الأعلى 14 ) وقال بعض أهل التفسير : نزلت في زكاة الفطر التي تؤدي قبل صلاة عيد الفطر (2)ويلاحظ أن هذه الوسيلة من تكافل الاجتماعي تلزم مئات الملايين من المسلمين الميسورين ، ويستفيد منها مئات الملايين أيضا من المسلمين الفقراء المحرومين .
    3-تشريع النفقات الواجبة : فرض الإسلام لبعض الأقرباء أنواعا من النفقات يلزم دفعها إليهم عن طواعية واختيار ومنها النفقة على الزوجة ، والنفقة على الأقارب وقال في المغني: ( ويجبر الرجل على نفقه والديه وولده الذكور والإناث إذا كانوا فقراء وكان له ما ينفق عليهم ).(3)
    4-تشريع واجبات مالية أخرى تكافلية : مثل النذور والكفارات والهدي الواجب في الحج والأضاحي ،
    5- تشريع الصدقات التطوعية : مثل النقدية والعينية ، التي يبذلها المسلم للفقراء والمحتاجين ونحوهم .(4)
    -------------------------------------------------------------------------------------------------
    (1)انظر ص175*****************************************
    (2) انظر فتح القدير 5 \425
    (3) المغني 7\582
    (4) راجع الإسلام وبناء المجتمع 56 بتصرف


    المبحث الخامس: وجوب طاعة ولي الأمر :
    من خصائص المجتمع الإسلامي وجوب طاعة ولي الأمر لا الحياة لا تستقيم إلا إذا كان هناك قائد يوجه مسيرته ويحقق متطلباته .،ولم يعرف التاريخ مجتمعا ليس له قائد ألا كان الانهيار والتفكيك مصيره فالأمر يتطلب وجود من يجتمع إليه الناس وتلك طبيعة التجمعات حتى البشرية لذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) (1) ويقول عليه الصلاة والسلام : ( لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم )(2).
    والأمير إذا تنصاع الرعية إلى أوامره ، فإن الرعية تضطرب أحوالها ، ولا تستقيم أمورها ويسهل اختراقها والوصول إليها ،والقضاء عليها ولذا اوجب الشارع الحكيم طاعة ولي الأمر طاعة تامة إلا إذا أمر بمعصية الخالق، لكي تتحقق وحده المجتمع ، ويجتمعون على كلمه واحدة . قال الله تعالى : ( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ( سورة النساء الآية 59 ) ويقول عليه الصلاة والسلام :
    ( اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم حبشي كأن رأسه زبيبة )(3)
    و قد أمر الشارع الحكيم الصبر على ولي الأمر إذا أخطأ أو رأى شيء يكرهه حتى لا تترتب مصيبة عظيمه قال عليه الصلاة والسلام : ( من رأى من أميره شيء يكرهه فليصبر ، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات ، فميتة جاهلية ) (4).
    المبحث السادس الشورى :

    من خصائص المجتمع الإسلامي الشورى ، والشورى أن يستطلع الإمام رأي أولى الرأي من أصحابه ،ويعمل به إن تبين له الخير فيه ، وأن يقبل النصح ممن يدلي به .(5)
    فالإمام لا يحق ألا يستبد برأيه ؛ لأن رأيه قد يكون مجانبًا للصواب ، وقد يكون هناك من أهل الرأي والمشورة من يدلي بالرأي الصائب الذي الله به المجتمع المسلم ، لذا كان صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه في كثير من الأمور ، كما في حفر الخندق ، وطمس الآبار يوم بدر ، والأسرى وذلك امتثالا لأمر الله جل وعلا قال تعالى : ( وشاورهم في الأمر ) ( سورة آل عمران أيه 159) وقال تعالى :(وأمرهم شورى بينهم ) (سورة الشورى الآيه38)ومتى تحققت الطاقة من الرعية ، والاستشارة من الراعي فإن خطوات هذا المجتمع ستكون – بلا شك- أكثر ثباتا ، واستقامة على الطريق المستقيم ، وهذا ما تحق فعلا للمجتمع المسلم في كثير من الحقب التي توالت عليه . (6)
    ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
    (1)رواه أبو داود في كتاب الجهاد ،باب في القوم مسافرون يؤمرون احدهم ، حديث رقم 2608
    (2)رواه احمد، ح 2 ص 277
    (3) رواه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاقة للإمام ما لم تكن معصية .
    (4) رواه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية ، وعند مسلم في كتاب الإمارة ، باب وجوب ملازمة جماعه المسلمين عند ظهور المسلمين ،حديث رقم 55 .
    (6)انظر بناء المجتمع الإسلامي ، عبد الرحمن الفرج .
    (5)خصائص الإسلام ، أبو الوفاء محمد الدرويش ص 36


    المطلب السادس :مراعاة الأخلاق

    من خصائص المجتمع الإسلامي مراعاة بالأخلاق واهتم الإسلام بها اهتماما فاق كل تصور ، وقد بالغ من عنايته بها أن جعل لب رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام : ( إنما بعد لأتمم مكارم الأخلاق ) (1)ويشير هذا الحديث إشارة بينه إلى أن مكارم الأخلاق من الأمور المكتسبة غالبا لا الجبلية المحضة ، ووهي أيضا من أهداف دعوه النبيين ، بل لقد كثرت توصيات الرسول صلى الله عليه وسلم بها في كل مكان وزمان حتى قال : ( ما من شي أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن ،وإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذي ) .(2) ،وقد صُنِفت الأخلاق إلى أقسام ، فرديه كـالصبر ،والعفة ، والأخلاق الأسرية : كبر الوالدين ،والإحسان للزوجة ،وصله الأرحام ، والأخلاق الاجتماعية : كــإفشاء السلام ، وعيادة المريض ، والوفاء بالعهد والجد في العمل ، والإصلاح بين المتخاصمين ، وإماطة الأذي عن الطريق ، والأخلاق المتصلة بحق الله تعالى : كــالصدق مع الله ، والقيام بحقوقه ، وشكره على نعمه ، ومناصرة دينه ، وحسن التوكل عليه وغيره من الواجبات تجاهه سبحانه وتعالى ، وأخلاق الدولة : كــالرفق بالرعية ، والعمل بالشورى ، وحماية النفوس والأعراض والأموال ، وتحري المصالح العامة ، والوفاء بالمعاهدات(3).
    ومن المكارم الأخلاقية التي دعاء إليها الإسلام :
    1- الصدق : وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) (4)
    2- الحياء : وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( الحياء شعبة من الإيمان )(5) ،والإيمان كله خير ، وهو قوام حياة الإنسان السوي،ويبعث على الفضائل والخيرات ، ويصرف عن المعاصي والمنكرات، ونقيض الحياة هي الوقاحة والبذاءة في القول أو الفعل وهي من صفات أهل النار : الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، والبذاءة من الجفاء، والجفاء في النار ) .(6)(7)


    --------------------------------------------------------------------------------------------------
    (1) موطأ مالك ، كتاب حسن الخلق ، باب ما جاء في حسن الخلق ، ومسند أحمد ج 2 ص 381 ونقل كشف الصحاح 1 \211 أنه ثبت من وجوه الصحاح .
    (2)سنن أبي داوود، كتاب الأدب ،باب حسن الخلق ، رقم 4799، وسنن الترمذي ، واللفظ له وكتاب البر والصلة ، باب ما جاء في حسن الخلق ، رقم 2002 ، وقال : هذا حديث حسن صحيح .
    (3) انظر دستور الأخلاق في القران لدراز ص 89 بتصرف
    (4) صحيح البخاري ، كتاب الأدب ـ باب ما ينهي عن الكذب ، رقم 6094 ، وصحيح مسلم كتاب البر ، باب قبح الكذب وحسن الصدق ، رقم 6637 . )).
    (5) صحيح البخاري، كتاب الإيمان باب الحياء من الإيمان رقم 24 ، صحيح مسلم ، كتاب الأديان باب عدد شعب الإيمان ، 152
    (6) مسند أجمد 3\501 ، سنن الترمذي كتاب البر والصلة ، باب ما جاء في الحياء ، رقم 2009 وقال هذا حديث حسن صحيح .
    (7) انظر بناء المجتمع الإسلامي ص 50 و 51 و52 و53 بتصرف

    3- البشاشة وطلاقة الوجه :وقد قال عليه الصلاة والسلام ( كل معروف صدقه ، وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق )(1) ،وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: ( ما راني النبي صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي)(2)
    4- المداراة والتلطف بالآخرين : وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله أمرني بمداراة الناس ) (3)،ومن ذلك مداراته لأنس بن مالك رضي الله عنه الذي قال : ( خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، فما قال لي : أف قط ، وما قال لشيءٍ صنعته لم صنعته ؟ . ولا لشيءٍ تركته : لم تركته ؟ ) .(4) ،وقد بلغ من مداراته لأصحابه صلى الله عليه وسلم أنه:(ما عاب طعاما قط ، كان إذا اشتهاه أكله وإلا تركه)(5).
    وهناك أخلاق أخرى دعى إليها الإسلام كطيب الكلام ،والتواضع ،والحلم ،والكرم ،والعدل ،والإحسان ،والإيثار ،ومواساة، الآخرين، وترك المرأة والجدال ،والقناعة وغيرها.



















    ------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
    (1) سنن الترمذي، كتاب البر والصلة باب ما جاء في طلاقه الوجه وحسن البشر ، رقم 1970 ، وقال هذا حديث حسن .
    (2) صحيح البخاري ، كتاب الأدب ، باب التبسم والضحك ، رقم 6089، صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل جرير بن عبد الله رضي الله عنه، رقم 6364.
    (3) رواه الديلمي في مسنده بسند ضعيف عن عائشة مرفوعا كما في كشف الخفاء 1\ 422.
    (4) صحيح البخاري ، كتاب الأدب، باب حسن الخلق رقم 6038، وصحيح مسلم ،كتاب الفضائل باب حسن خلقه صلى الله عليه وسلم 6016.)
    (5) سنن الترمذي باب ترك العيب للنعمة، رقم 2031 وقال هذا حديث حسن صحيح .

    (6) الإسلام وبناء المجتمع 53 و54و55 بتصرف

    المطلب السابع :العناية بالمرأة :

    أنصف الإسلام المرأة ، وأعطاها حقوقها المختلفة ورد لها اعتباراها كإنسانة وحظيت بمكانه عظيمه لم تحظ بها في أي مجتمع غير مسلم ، سواء أكان قديما أم حديثا ومن مظاهر هذا التكريم :
    1-اقر الإسلام إنسانيه المرأة وكرامتها ، وأنها مخلوقه من نفس الرجل وهي إنسانه مثله تماما ، في الخلقة واصل الكرامة (1)قال الله تعالى : (يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحد وخلق منها زوجها)(النساء 1 ) .
    2-برأها مما الصقها بها بعض أصحاب الديانات السابقة من أنها أم المصائب ،وإنها سبب إخراج ادم من الجنه، وبين إن الشيطان هو السبب في اخراج ادم وحواء(2) ،قال الله تعالى (فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ) (البقره 36).
    3- حرم التشاؤم بولادتها ، أو التعرض لحياتها بعير حق ، بأي شكل من الأشكال .
    4- أمر الإسلام إكرام المرأة في جميع مراحل حياتها ، سواء كانت أما أو بنتا أو زوجه .
    أما الأم: فقد صبت إكرامها بنصوص كثيرة منها : قوله تعالى : ( وقضى ربك ألا تبعدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا )(الإسراء 23 )فقد قرن الله سبحانه وتعالى الإحسان للأبوين بعباده ، وقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:( من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال : أمك ، قال:ثم من؟ قال ثم أمك ، قال ثم من ؟ قال:ثم أمك،قال ثم من؟ قال ثم أبوك (3)،
    وأما البنت فقد أنصف الإسلام الفتاة وقد رغب في تربيتها ، والإحسان إليها ، ورتب الأجر العظيم على ذلك ، فعن عائشة –رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(من ابتلي(4)من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار) (5) .
    وأما الزوجة فقد جاء إكرامها كذلك في القران والسنة ، قال الله تعالى : (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) (النساء 19) وقال صلى الله عليه وسلم ((الدنيا متاع ، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ).(6)
    5-جعل الإسلام المرأة أهلا للتكليف ، فهي مكلفة كما أن الرجل مكلف ، ومجزية بأعمالها دنيا وآخرة ، وإن خيرا فخير وإن شرا فشر ، قال الله تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبه ولتجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) (النحل 97)(7)
    ---------------------------------------------------------------------------------------------
    (1) المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني ص 39
    (2) مكانه المرأة في القران الكريم والسنة الصحيحة ، لبلتاجي ص71 وما بعدها .
    (3) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة ،رقم 5971،وصحيح مسلم وكتاب البر والصلة والأدب ،باب بر الوالدين رقم 2548 واللفظ لمسلم.
    (4) سماه ابتلاء ، لان الناس كانوا يكرهونهن في الجاهلية .
    (5)صحيح البخاري ، كتاب الزكاة ،باب اتقوا الناس ولو بشق تمرة ، رقم 1418 وصحيح مسلم ،كتاب البر والصلة ، باب فضل الإحسان إلى البنات ، رقم 2629.
    (6) صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة، رقم 1467.(7) راجع الاسلام وبناء المجتمع ص104 و105و106

    6- أعطاها الإسلام حقوقا مالية بعد أن كانت محرومة منها ، فلها حق المهر ، ولها أن ترث وتتصرف فيما تمتلك وفق حدود الشرع.
    7- جعل لها الحق في المشاورة وإبداء الرأي ، بعد أن كانت مسلوبة تماما من هذا قال الله تعالى : ( فإن أراد فصالا عن تراض منهما تشاور فلا جناح عليهما ) (البقره 233)
    وكذلك يؤخذ رأيها في الزواج ، ولها حق في الخلع ، إذا ما كرهت الاستمرار في الزواج هذا بالإضافة إلى حقوق كثيرة يأتي ذكرها .
    انظر 104 من كتاب الاسلام وبناء المجتمع



















    (1)انظر الإسلام وبناء المجتمع، ص 106







    المبحث الثالث
    أركان المجتمع الإسلامي ومسئوليه الفرد تجاه المجتمع والعكس :

    مسؤولية الفرد تجاه المجتمع :
    إن كل فرد مكلف في نظر الإسلام بأن يرعى مصالح المجتمع كأنه حارس لمصالح المجتمع ، موكل بها ،فالشريعة الإسلام ترى أن الحياة البشرية سفينة في خضم ، والراكبون فيها جميعا مسئولون عن سلامتها والعناية بأمرها ، وليس لأحد منهم أن ينال من مكانه فيها اعتمادا على ما تقرر له من حرية التملك ومنح من سلطة التصرف ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : ( مثل ألمدهن في حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم أستهموا في سفينة فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذين في أسفلها يمرون بالماء على الذي في أعلاها ،فتأذوا به ، فأخذوا فأسا فجعل ينقر أسفر السفينة فأتوه ،فقالوا : مالك , قال تأذيتم بي ولا بد من الماء فإن اخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم وان تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم(1)
    وأيضا كل فرد مكلف بأن يحسن عمله الخاص ، وذلك إن ثمرة العمل الخاص ملك للجماعة وعائده عليها في النهاية وفي ذلك يقول تعالى : (وقل اعملوا فيسرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) (الآية 105 سورة التوبة . ) كما إن كل فرد مسئول عن رعاية ما هو في حوزته من مصالح وتبعات , وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)(2)والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مسؤولية الفرد نحو المجتمع والتقاعس عن هذا الواجب الاجتماعي العظيم إثم كبير وجرم خطير يؤاخذ به الفرد ويعاقب عليه ، وان لم يكن شريكا فيما يحدث في المجتمع من فكر أو بغي فالأمة وحده، والمنكر يؤذيها وعلى كل فرد أن يذود عنها ويحميها , يقول تعالى : ( ولتكن منكم أمه يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )(أيه 104 سورة آل عمران ) ويقول : ( واتقوا فتنة لا تصيب الذين ظلموا منكم خاصة ) (3)
    وهكذا تعدد واجبات الفرد نحو المجتمع وهو الأمر الذي يتحقق من التعاضد والتماسك والتكافل بمعناه الشامل الواسع ، والذي يدل في معناه أيضا على وحده المجتمع الإسلامي في سائر مشاعره وعموم مشاربه .(4)
    --------------------------------------------------------------------------------------
    (1) صحيح البخاري، ج1 ص 233.
    (2) صحيح البخاري ،ج 4 ص 6 ,صحيح مسلم بشرح النووي ج11 ص 213 ،سنن ابن ماجه ج2 ص 1330 .
    (3) صحيح مسلم، بشرح النووي ج 2 ص 22 ، سنن ابي داود ج 4 ص 123 ، سنن ابن ماجه ج 2ص 133
    (4)انظر مفهوم المساواة في الإسلام




    واجب المجتمع نحو الفرد :

    تنظر الشريعة الإسلامية إلى الأمة المسلمة على أنها كلها جسد واحد ،يسوده شعور واحد ، ويكتفه إحساس واحد ، فما يصيب عضو منه يشتكي له سائر الأعضاء ، وما ينزل بأحد منها من نائبة تسرى أوجاعه والأمة إلى كل فرد منها وتلك صورة فريدة ودقيقة الأقصى ما تكون عليه وحدة الشعور وارتباط المشاعر ، ولقد عبر عنها العدى النبوي بقوله صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )(1).،وكذلك يمكن أن نجد هذا المعنى الاجتماعي العظيم محققا في صورة أخرى نبه عليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا)(2)وبناء على ذلك تقرر شريعة الإسلام مسؤولية المجتمع الإسلامي على حماية الضعفاء فيها، ورعاية مصالحهم وصيانتها ، فهي ملزمه بأن تقاتل في سبيلهم إذا لزم ذلك قال الله تعالى:(ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان )(سورة النساء ايه 75 ) و أيضاء ملزمه بحفظ أموالهم لحمايتهم وتسليمها إليهم عند رشدهم فيقول تعالى:(وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغو النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ، ولا تأكلوها إسرافا ويدارا أن يكبروا من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا عليهم ، وكفى بالله حسبيا ).(سورة النساء أيه 6 ) ،وأيضا المجتمع مسئول عن كفاية الفقراء المعوزين ،فعلى المجتمع أن يجمع الزكاة ، وينفقها في مصارفها الشرعية التي بينها القران الكريم بقوله:(إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعالمين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ) ( سورة التوبة أيه 60 ).،وفي سبيل تأكيد هذه المسؤولية ، وإظهار مبلغ التزام والجماعة بها ، ترى شريعة الإسلام إن المجتمع الإسلامي كل يبيت آثم إذا بات فرد واحد منها جائعا ولم يتحاض على إطعامه ، وفي ذلك يقول عز وجل : (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين ) (أيه 1-2 سورة الماعون ) وقال تعالى ( كلا بل لا تكرمون اليتيم ، ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما ، وتحبون المال حبا جما ، كلا إذا دكت دكا دكا ، وجاء ربك والملك صفا صفا ، وجيء يومئذ بجنهم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ، يقول يا ليتني قدمت لحياتي .... الآية ) (سورة الماعون ).
    ومن خلال ما ذكر من واجبات المجتمع نحو الفرد تحقق أهداف منشودة ومقاصد يريدها الشارع الحكيم ومنها التعاضد والتكاتف والتكافل ، والذي يعني وحدة وقوة المجتمع الإسلامي .
    -------------------------------------------------------------------------------------
    (1) صحيح البخاري ج 2 ص 12
    (2)صحيح البخاري ج8 ص 14
    (3) مفهوم المساواة في الإسلام دراسة ومقارنه بتصرف


    المبحث الرابع
    عوامل حماية الأسرة



    اعتنى الإسلام بالأسرة لما لها من مكانه عالية مرموقة ، وإذ إن كل أسرة تعد لبنه من لبنات بناء المجتمع الكبير ، وهي المحضن الأول الذي ينشأ فيه الفرد المسلم ، وتتربى فيه الأجيال .
    فشرع الله سبحانه أحكاما وآدابا تتعلق بالأسرة المسلمة ، تعد عوامل للحفاظ عليها من الانحراف ، وحماية لها من الانزلاق في حماة الرذيلة فتكون في حصن حصين وسياج منيع عن كل أسباب الفساد ودواعي الضلال .
    وان من ابرز هذه العوامل ما يلي :
    أولا : غض البصر :
    إن من المعلوم أن لقلب الإنسان منافذ عده من اخطر هذه المنافذ ، و أعضمها أثرا البصر، لما يوقعه استحسان المنظور إليه في قلب من ينظر إليه.
    لذا شدد الإسلام في أمر النظر ، فأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم عن المحرمات فقال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ) (سورة النور 30).
    قال ابن سعدي رحمه الله : يغضوا من أبصارهم عن النظر إلى العورات ، والى النساء الأجنبيات ، والى المردان الذين يخاف بالنظر إليهم والفتنة (1)وقد وردت أحاديث عن صلى الله عليه وسلم توجه المسلم وتحثه على التزام هذا الأمر الإلهي ، ومن ذلك : ما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:(كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءته امرأته من خثعم تستفتيه ، فجعل الفضل ينظر إليها ، وتنظر إليه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الأخر ...الحديث(2).
    بل انه صلى الله عليه وسلم قد عد النظر زنى تمارسه العين ، ويعصى الله به ، وذلك تنفيرا منه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( أن الله كتب على ابن ادم حضه من الزنا ، أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر .............الحديث )(3).
    فعلى كل مسلم ومسلمة أن يتعاهد بصره عما لا يحل له من النظر ، وفي ذلك بعد عن الشر والرذيلة ، وسلامة من الفتن ، ويدخل في النظر المحرم : النظر إلى الصور الفاتنة،والمناظر الفاضحة ، عبر الصحب والمجلات ، والانترنت والقنوات ،وغيرها .(4)
    -------------------------------------------------------------------------------------
    (1) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن سعدي ص 611.
    (2) صحيح مسلم ،كتاب الحج، باب الحج عمن لا يستطيع الركوب رقم 1334.
    (3) صحيح البخاري، كتاب الاستئذان ،باب زنا الجوارح دون الفرج.(4)الاسلام وبناء المجتمع ص 122و123و124

    ثانيا :الاستئذان لدخول البيوت :
    إن من صور اهتمام الإسلام بأتباعه وحفاظه على الأسرة المسلمة، مشروعيه الاستئذان .
    فقد حرم الإسلام دخول مساكن وبيوت الغير إلا بإذن ، قال تعالى : (يا أيها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لعلكم تذكرون ) (سورة النور : 27)
    المراد بالاستئناس في الآية : الاستئذان ،فسره بذلك ابن عباس رضي الله عنهم وغير واحد (1)
    وقد شرع الله تعالى الاستئذان صيانة لمن في داخل البيوت ، وحفاظا عليهم ، ومراعاة لحرياتهم في بيوتهم ،لئلا يطلع احد على العورات وما لا يجوز النظر إليه ، من النساء وغيرهن ، فإنه يترتب على ذلك مفاسد كثيرة ،وعواقب وخيمة .
    وإذا كان الإسلام قد حرم الدخول إلا بإذن ، فانه أيضا قد منع من مجرد الاطلاع على البيت من خارج ، وأذن لأهل البيت ان يفقئوا عينه ، ولو فعلوا ذلك لما عوتبوا ، ولا عوقبوا ، لأنهم فعلوا مآذن به الشارع ، والمطلع هو الذي تسبب على نفسه بفعله المشين ، ويدل لذلك ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال الرسول الله عليه وسلم:(من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ، فقد حل لهم ان يفقئوا عينه ، وفي لفظ .... فحذفته بحصاه ففقأت عينه ، ولم يكن عليك جناح(2) .

    ثالثا : الخلوة :
    إن خلوه الرجل بامرأة أجنبيه عنه ، مضنة لحصول الفتنه بينهما ، لان ميل كل جنس إلى الأخر موجود عندهما لا محالة ويضاف إلى الدور الكبير الذي يقوم به الشيطان ،متمثلا في تزيين الفاحشة في نفسيهما والإغراء بها .
    لذا فإننا نجد الإسلام قد وقف موقفا حازما من ذلك فحرم هذه الخلوة من أصلها ، سد لذريعة الفتنه ، وحماية من دواعي الجريمة ، وحفاظا على سمعة المرأة من أن تلوكها الألسن المعادية والمغرضة ، فقال عليه الصلاة والسلام:(لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم)(3)وقال:( لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة ، إلا ومعها رجل أو اثنان)(4)
    فإنه لا يزيل الخلوة ويقطعها إلا وجود محرم للمرأة ، ويحصل بوجوده الأمن ، ويزول بسببه دواعي الفتنه ، ووساوس الشيطان ، وإذا وجد أكثر من رجل أو امرأة زالت الخلوة أيضا في غير مواطن الريب .(5)
    -------------------------------------------------------------------------------------
    (1) انظر تفسير القران العظيم لابن كثير 3\279.
    (2) صحيح البخاري، كتاب الديات، باب من اطلع في بيت قوم ففقئوا عينه فلا دية له، رقم 6902 ،صحيح مسلم ،كتاب الآداب، باب تحريم النظر في بيت غير، رقم 2158)
    (3) صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم، رقم 5233 ، صحيح مسلم، كتاب السلام باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، رقم 1341
    (4) صحيح مسلم ،كتاب السلام، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، رقم 2173 .
    (5) الإسلام وبناء المجتمع، ص 124و125و126 بتصرف




    رابعا : قرار النساء في البيوت :
    إن الله تعالى قد جعل لكل واحد من الجنسين ما يناسب فطرته وتكوينه من المهام والمسؤوليات فالرجل مسئوليته تمتثل في الضرب في الأرض لكسب الرزق الحلال ، لينفقه على نفسه ـ وعلى من وجبت عليه نفقته من الزوجة والأولاد وغيرهم .
    وأما المرأة فمسؤوليتها الرئيسية تتمثل في رعاية شؤون البيت ، والمحافظة على الأولاد وحسن رعايتهم .
    لوما كان في خروج المرأة من بيتها بلا حاجه تعريض لها للفتنه ، والإخلال واضح بالمسؤولية الملقاة على عاتقها ، فقد أمر الله تعالى النساء بالقرار في البيوت ، فقال :(وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية ) (الأحزاب 33 )قال ابن كثير :أي ألزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجه (1)فلا تخرج المرأة من بيتها إلا برضا وليها ملتزمة بالحجاب الشرعي نابذه للتبرج والسفور ، ولا تخرج إلا لحاجة ، لا للتسكع في الأسواق والحدائق ، بل لزيارة والديها وأقاربها ، أو مراجع مستشفى أو تحصيل علم تحتاج أليه ونحو ذلك .


    خامسا : الغيرة على المحارم :
    إن غيره الرجل على محارمه من العوامل المهمة ، والوسائل الناجعة في حماية الآسرة من الانحراف.
    والغيرة من صفات الرب جلا وعلا ، وتفسير غيرته سبحانه ما روى أبو هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يغار ، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله (2)قال الدكتور احمد الشرقاوي : وغيره الرجل على أهله أمر واجب ،وللغيرة حدود وضوابط ، فهي غيرة معتدلة وغيره لا تلقي بصاحبها في خضم الشك وظلمات الوهم ، لان الأصل في المعاملة، حسن الظن والثقة بالغير ما لم يثبت خلاف ذلك ، وكم من بيوت قد تهدمت ، وكم من اسر تحطمت وتفرقت بسبب الأوهام والظنون التي لا أساس لها من الصحة (3).(4)

    ---------------------------------------------------------------------------------
    (1) تفسير القران العظيم لابن كثير 3\482.
    (2) صحيح البخاري ،كتاب النكاح ،باب الغيرة رقم 5233.
    (3) المرأة في القصص القرآني للدكتور احمد محمد الشرقاوي ص 343
    (4)بناء المجتمع الإسلامي ص 127و128و130 بتصرف .






    سادسا عقوبة الزنا وحد السرقة :

    إن عرض المسلم احد الكليات الخمس التي جاءت الشريعة بالعناية بها والمحافظة عليها .
    إن الزنا والقذف من اخطر الجرائم ، لما لها من آثار عظيمه على الفرد والأسرة بل والمجتمع بأسره ، ومن ذلك : انحراف السلوك ، وشيوع الفاحشة ، وتلطيخ السمعة ، والتعرض للعفيفات ونحو ذلك .
    فحماية الأسرة وتحقيقا لسلامه المجتمع وتأديبا للمجرمين المتعدين لحدود الله ، نجد أن الله تعالى قد رتب عليها عقوبات مغلظة .فجعل الله الرجم للزاني إذا كان محصن،وجلد مئه مع تغريب عام إن كان غير محصن قال تعالى(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منها مئه جلده ولا تأخذكم بها رأفة في دين الله)( النور 2) ، وجعل حد القذف ثمانين جلدة قال تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلده ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ) (النور 4)
    فإن المسلم إذا تذكر العقوبة التي تترتب على الجريمة فإنه سرعان ما يعرض عنها ، ويضاف إلى ذلك العقوبة الاجتماعية المتمثلة في التشهير بين الناس ، وتلطيخ السمعة ، وازدراء المجتمع .
    فيظهر لنا جليا ، أن عقوبة الزنا والقذف ، من عوامل حماية الأسرة ، والحفاظ على أفرادها من الانحراف .








    ----------------------------------------------------------------------------------
    (1) بناء المجتمع الإسلامي ص 130و131

  2. #2
    مشرفه سابقه

    تاريخ التسجيل
    May 2005
    المشاركات
    7,935
    معدل تقييم المستوى
    8

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيك على الطرح القيم والنافع

    أسأل الله العظيم ان يجعل ما نقلتي في موازين حسناتك

    دمتم في حفظ الرحمن

المواضيع المتشابهه

  1. تاجات لاحلى صبايا الزين (( من مجهودي ))
    بواسطة هدوء البحر في المنتدى عالم حواء
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 01-06-2011, 02:38 AM
  2. من مجهودي الشخصي ان شاء الله يعجبكم
    بواسطة deep emotions في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 24-03-2007, 10:02 PM
  3. %%من خصائص شهر رمضان المبارك%%
    بواسطة بنت عمى في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 23-09-2006, 12:43 AM
  4. خصائص شهررررر رمضان
    بواسطة ندىالجوري في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 22-09-2006, 12:57 PM
  5. خصائص ليست لغيره
    بواسطة حبيبتي حطمتني في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 05-09-2006, 08:30 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •