السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم :

قال العلامة ابن قيم الجوزية في " الوابل الصَّيِّب " (219) :

" يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن
اغتبته تقول : " اللهم أغفر لنا وله " ذكره البيهقي في " الدعوات الكبير "

، وقال : في إسناده ضعف . وهذه المسألة فيها قولان للعلماء ـ هما روايتان

عن الإمام أحمد ـ وهما : هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب ،

أم لا بد من إعلامه وتحليله ؟ والصحيح أنه لا يحتاج إلى إعلامه ، بل يكفيه

الاستغفار وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها . وهذا اختيار

شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره . والذين قالوا لا بد من إعلامه جعلوا الغيبة

كالحقوق المالية . والفرق بينهما ظاهر ، فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم

بعود نظير مظلمته إليه ، فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها . وأما في

الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصود الشارع صلى الله

عليه وسلم فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رمى به ، ولعله يهيج

عداوته ولا يصفوا له أبداً ، وما كان هذا سبيله فإن الشارع الحكيم صلى الله

عليه وسلم لا يبيحه ولا يجوّزه فضلاً عن أن يوجبه ويأمر به . ومدار

الشريعة على تعطيل المفاسد وتقليلها ، لا على تحصيلها وتكميلها .

والله تعالى أعلم "