“زهرة البيباص” فنانة تشكيلية ليبية تقيم في القاهرة بصحبة أمها وأخيها، شاء القدر أن تأتي إلى عالمنا بإعاقة في يديها وقدميها.
ومع وجود الموهبة والإصرار والإرادة، مارست هوايتها في الرسم وحولت الهواية إلى دراسة واحتراف، وإقامة العديد من المعارض داخل الوطن العربي وخارجه، إضافة إلى المشاركة في الكثير من المهرجانات الدولية والتظاهرات الثقافية، وكل لوحاتها كانت من خلال إمساك الفرشاة بفمها لتخرج للعالم نموذجا من التحدي لفتاة عربية لا تزال في العقد الثالث من عمرها ..
كيف بدأت موهبة الرسم لديك؟
بدأت رحلة العلاج في سن مبكرة، ولم يكن عمري يتعدى ست سنوات، وفي أحد مستشفيات لندن وأثناء وجودي في حجرتي كان إلى جواري بعض الأوراق البيضاء ومجموعة من الأقلام، فتناولت إحداها وأمسكت بالقلم بأصابع قدمي وبدأت برسم صورة لسيدة كانت تقوم برعايتي في المستشفى، وعندما شاهدت هذه السيدة صورتها لم تصدق ما رأت، وأخذتها إلى مدير المستشفى وزوجها، وبعدها بدأت بتشجيعي بل وكانت تحضر لي الأوراق الخاصة بالرسم والأقلام الملونة.
ولماذا اتجهت لاستخدام الفم في التعامل مع الفرشاة بدلا من أصابع القدم؟
بعد إجراء أكثر من عملية جراحية في قدمي، لم يكن من السهل استعمالها كبديل عن اليدين، فلم يكن أمامي سوى التوقف عن الرسم أو ابحث عن البديل، فكان استخدام الفم للإمساك بالفرشاة هو الحل، حيث أرسم بفمي لوحات خيالي.
خلال دراستك قبل الجامعية في المدرسة هل كنت تواجهين صعوبات؟
بسبب فترات العلاج الطويلة داخل ليبيا وخارجها لم أتمكن من الالتحاق بالدراسة، وكان هذا الأمر يسبب لي ألما شديدا، ومع تشجيع العائلة ووجود نظام تعليمي لدينا يتيح الدراسة في المنزل والذهاب نهاية العام لأداء الامتحان مباشرة، استطعت أن أستكمل دراستي الثانوية، ثم التحقت بكلية الفنون والإعلام بجامعة الفاتح، وحصلت على البكالوريوس، وأستعد الآن للماجستير، ووجدت فرصة خلال وجودي الآن بالقاهرة، وذهبت إلى كلية الفنون الجميلة بضاحية الزمالك والتقيت مع بعض الأساتذة لأخذ مشورتهم في موضوع رسالة الماجستير وبعدها تبدأ رحلة أخرى من الكفاح لنيل الدكتوراه.
وبالنسبة للحياة العائلية كيف كانوا يتعاملون معك؟
نحن تسعة من الإخوة ثلاثة شباب وست فتيات، والجميع كانوا يدفعونني إلى مزيد من النجاح ويعطونني الثقة خاصة في بداياتي الفنية.
مَن من الفنانين تعتبرينه مثلا أعلى لك في حياتك المهنية؟
سلفادور دالي ومحمود مختار والفنان العراقي جواد سليم.
ما المهرجانات والمعارض التي شاركت فيها محليا؟
مسابقة مكتب الفتاة الجماهيرية للفنون التشكيلية، ومعرض بالسفارة البريطانية بطرابلس، ومعرض بكلية الشرطة للبنات مع نادي المعاقين، ومعرض طرابلس الدولي، وفي احتفال شهر الجمعية الخيرية للدعاية الاجتماعية، وفي معرض البطولة الجماهيرية لرياضة المعاقين، وخلال السنوات الأخيرة وتحديدا في 2005 شاركت في معرض أقامه المركز الثقافي الإيطالي للفنانين الليبيين، ومعرض الفنون التشكيلية الدائم بأكاديمية الدراسات العليا، والعديد من الفعاليات، إضافة إلى مجموعة من المعارض الشخصية، وكان أولها في 2001 بمناسبة التخرج، وآخر بالمركز الثقافي المصري، ومعارض أخرى في ذات العماد والمدينة القديمة.
وماذا عن المشاركات الدولية؟
شاركت في 2002 بمعرض خاص بمنظمة اليونسكو وكان بمدينة باريس في فرنسا، وفي 2003 معرض أقامته السفارة الليبية في مالطا، وفي احتفالية للتعريف بالمرأة الليبية في لاهاي، ومشاركة في اليوم الوطني بتونس في العام 2001 و2002.
كما شاركت في جائزة الشارقة للمعاقين المبدعين عام ،2005 أيضا البينالي العالمي في مالطا والدورة السادسة عشرة لمهرجان الطلبة العالمي بكاركاس في فنزويلا، والبينالي العالمي في نابولي بإيطاليا. وفي 2006 شاركت في تظاهرة دول المغرب العربي في باريس، والآن أنا في القاهرة وخلال الفترة المقبلة أستعد لإقامة معرض بإحدى دول الخليج.
هل مرت عليك لحظة يأس أو إحباط وقررت عدم مواصلة العمل؟
حتى الآن لا، وأصدقك القول لو تسرب إلى قلبي أي قدر ولو بسيط من اليأس لم أكن لأصل إلى ما وصلت إليه الآن من نجاح، وأنا أعتبر أن اليأس ألد أعداء الإنسان، حتى إذا تعرض أي إنسان لمشكلة ما ولو كانت بسيطة وحلها بسيط وتسرب إليه اليأس فلن يرى لها أي مخرج، وربما تتعقد تلك المشكلة وتصبح بالفعل بلا حل، وأهم شيء الإيمان بالله والصبر والمثابرة وبها يستطيع الإنسان أن يفعل المعجزات.
ما حلمك الذي يراودك دائما؟
حلم كل عربي مخلص لأمته العربية وهو توحيد العرب، فأكثر الأشياء التي تؤلمني أن يقال هذا ليبي وهذا مصري هذا خليجي وأحب جدا أن يقال هذا عربي من مصر أو من الخليج وهكذا.
وحلمك على المستوى الشخصي؟
أن أصبح نموذجا للمرأة العربية التي تصل بالفن العربي إلى العالمية، وأن يصل صوتي من خلال لوحاتي إلى العالم كله.
ما الحكمة التي تؤمنين بها ولا تفارقك أبدا؟
“لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة” عبارة جميلة ومعبرة، فلا حياة مع الموت إما حياة وإما موت، واليأس نهاية والأمل بداية للحياة دائما.
مواقع النشر (المفضلة)