[align=center]
الحياة لغز محير
والإنسان لغز محير
وكلنا يدرك أنه ضعيف ومداركه محدوده
أرأيت لو أن صوتا حولك يبث بمقدار 30 الف ذبذبة في الثانية لن تسمعه أبدا ولكن لو أن قطا بجانبك لسمعه
لأن الإنسان لا يسمع أكثر من 25 ألف ذبذبه في الثانية
فما بالك ب 670 مليار ذبذبة في الثانية؟
لا يدرك الإنسان إلا ما تستوعبه حواسه الخمس وما أدنى من ذلك وما أكبر منه
لا يدركه أبدا
فالله أعطى الإنسان العقل ليخترع ويبتكر لإكتشاف ما قصرت عنه الحواس الخمس
واستطاع أن يعرف أكثر وأكثر ولكنه كل يوم يكتشف أنه لم يكتشف الا بمقدار قطرة ماء من محيط

البشرية لم تفهم كنه وجودها والى أين تسير ومن أين أتت لقصور مداركها
فارتأت الحروب والشعوذة والكهانه وعبادة الشمس وعبادة الأرواح وعبادة الحيوانات والتشاؤوم والطيرة وغير ذلك
ولكن الله عندما أرسل محمد صلى الله عليه وسلم ولأنه خاتم الأنبياء قص عليه قصة الحياة من مبدأها الى نهايتها وأخبره بآدم والرسل والدنيا والآخرة والجنة والنار
وحمله أمانة تبليغ الناس وأرشدة الى نظام يحمي العقول من مهاوى الردى التي سبقت في الأمم وأن الإنسان لم يؤتى من العلم إلا قليلا
وكل ذلك لكي تنتظم حياة الناس ويعمروا الأرض ويسيروا حياتهم بالسلام والإستقرار والأمل يحدوهم في أن هناك حياة أبدية سرمدية لا يعرف كنهها الا الله تعالى
ولا يستطيع الإنسان تصورها بعقله المحدود الا بما علمنا الله عنها
والدليل أنك لو جئت الى جنين في بطن أمه وأخبرته بأن هناك حياة اسمها الدنيا فيها الجبال والوهاد والبحار والخير والشر والنعيم والفواكه والأشجار لن يصدقك أبدا لأنه في عالم الأجنة المحدود جدا وهذا مثال لأهل الدنيا لن يصدقوا أن هناك حياة أخروية مختلفه في قوانينها الفيزيائية عن حياة الدنيا والله دلنا عليه لكي نصدق فننعم أو نكذب فنعذب
فالدنيا كانت حقيقة للجنين بعد أن ظهر الى الدنيا
وكذا الآخرة حقيقة لأهل الدنيا ولكننا نستكبر وما ذا سنخسر لو أتبعنا الرسل فيما يقولون؟

أرجع فأقول مداركنا ضعيفة جدا جا جدا مقارنة بعالم الحقيقة أو العالم الغير منظور أو العالم العلوي أو العالم الآخر

أنت تعلم حقيقة وتدرك مفردة معينة مثل قولنا : القلم
وتعلم وتدرك حقيقة مفردة معينة مثل قولنا : الكتابة
وعلمك بهاتين المفردتين علم وإدارك جازم لا يخالطة شك أبدا
فإذا نسبت المفردة الأولى وهي القلم بالمفردة الثانية وهي الكتابة
أصبح لديك جملة : القلم يكتب
هذه النتيجة الحتمية لقوانا القلم يكتب ستجعلك تدرك معنى أن القلم يكتب
وإدراكك لها إما أن يكون إدراك جازم لا يخالف الواقع وبذلك تكون عالما بهذه الحقيقة لأنك أدركت القلم وأدركت الكتابة ثم جربت ذلك ورأيت الحدث أمامك بأن القلم فعليا يكتب
فهل نقول هنا أن هناك من يقول غير ذلك؟
نعم هناك من يقول غير ذلك
وهؤلاء هم أهل الكلام والمنطق وفلاسفة الزمان شطح بهم تفكيرهم الى أن أنكروا هذا الإدراك لأنهم أصبحوا في أمواج من التهافت ودائما من يحاول أن يحرك جبلا بيديه وهو مدرك أنه سيفعل نتيجته الضعف والهزال ويغيب عقله في فهم حقيقة أن الجبل لا يحركه فرد ضعيف قصرت قوته عن زحزحته
ولكن لو أتى إليه مهندس وأعطاه مخططا لعملية زحزحة الجبل بالطرق العلمية سيدرك أن هذا المهندس على صواب
وهكذا هي الدنيا
لغز محير جدا
وأرسل الله الرسل بإشارات عن كنه هذا الوجود فلما لا نتبع الرسل؟
وأذكر أن الإمام الغزالي العالم الفقيه الفيلسوف ذهب في علم الكلام الى منتهاه حتى وصل لمرحلة الشك
وجعله الشك يبدأ من الصفر فما رأى إلا أنه تائه في عالم كله ألغاز
فأعتزل الناس شهرا لا يخرج من بيته وبعدهذا سافر من بغداد وقلب الأمور وفكر كثيرا حتى لم يجد نتيجة إلا أن يؤمن بوجود الله وبهذا اللغز الكبير في نفسه وحياته ومعاده فرجع وألف كتابه الشهير : تهافت الفلاسفة
ومات على فراشه وصحيح البخاري على صدره

الحياة لغز وطلب العلم والتفكر والتدبر واجب على كل بني أنثى
وآيات القرآن الكريم فيها مئات الإشارات الى التدبر والتفكر
أرأيت قول الله تعالى : ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
فهنا لم يقول الله تعالى لا تبحثوا عن ماهية الروح
بل هنا قمة التحدي فقال: الروح من أمر ربي
ثم أخبر بأننا لم نؤت من العلم إلا قليلا
فماهي الروح
إن كان الجهاز الكيرالي قد أستخدم لتصوير الروح أو جسم الروح أو هالة الروح في لحظات الموت لورق الشجر وللإنسان
فيبقى السؤال
وإن رأيتموها أو رأيتم جسمها أو هالتها فما هي وما كنهها وما هو أمر الله وما كنهه وكيف تم ذلك
هذه حقيقة لم يستطع البشر معرفتها وهي بين أضلع صدورهم
فما بالك بالله تعالى بعظمته وجلاله وسبحات وجهه
وما بالك بكرسية وعرشه
يقول النبي صلى الله عليه وسلم
ما السماوات والأرض بالنسة للكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة أى صحراء وما الكرسي بالنسة للعرش إلا كحلقة ألقيت في فلاة
والله مستوى على عرشه أستواء يليق بجلاله لا تخفى عليه خافية
هذا ملكوت الله أخبرنا الله عن طريق رسوله عن هذه العظمة التي لا يتصورها عقل دنيوي قاصر عن فهم أبسط شىء في نفسه هو

أما الدليل المادي على هذا الملكوت فهو دليل عرفه الكفار قبل المسلمين
وهو هذا الكون المتسع الذي لا نهاية له
نجوم وكواكب ومجرات وسدم ممتدة الى ما لا نهاية
مجرتنا درب التبانة تحوي مائة مليار نجم تسبح في الكون سباحة مهيبة
كل نجم من نجومها أكبر من نجمنا الشمس بملايين المرات
وهذه المجرة بهيبتها وضخامتها تسبح مع ملايين المجرات في حركة لا نهائية تسبح عكس عقارب الساعة وورى هذه المجرات سدم دخانية متهاوية لو اقتربت مجرة منها لأبتلعتها بحذافيرها

وفي الجانب الآخر والمعاكس تماما
هذه الذرة التي لا ترى
وكيف أنها تحوي نواة بداخلها نيوترونات وبروتونات سالبة وموجبة متعادلة
وحول النواة إلكترونات سالبة وحول كل إالكترون ساحبة إالكترونية وكل يوم يكتشف العلم جسيمات صغيرة في هذه الذرة وصل عددها الى اليوم 37 جسيم صغير جدا جدا جدا
وكل هذه المنظومة تدور عكس عقارب الساعة كما تدور المجرات والكواكب
هذا العالم المتناهي في الكبر
وهذا العلم المتناهي في الصغر


أتى الرسول الكريم ومن قبله الرسل من ربهم بإشارة إالية بجعل الطواف
بالطواف حول الكعبة بنفس الإتجاه لهذه العوالم
ليثبت الله في قلوبنا هذا التوحيد
وكأن هذه الأكوان تسبح الله كما يسبحه الإنسان
يقول الله تعالى : وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم
وإن من شىء؟
إلا يسبح لله
كل شىء
الحجر والمدر والورق والشجر
أما الإنسان فظالم لنفسه
يترك هذه المنظومة الكونية
وينكر وجود الله ويركن إالى عقله البدائي الضعيف القاصر
ولهذا استحق هذا الظالم عذاب الله في الآخرة جزاءا وفاقا
عظمة الله ينكرها شخص قاصر لا يزال يتبول ويمتخط

أتى رجل الى أحد الخلفاء فقال له الخليفة عظني موعظة ترقرق قلبي فإني أجد منه قسوة

فقال الرجل: للخادم أعطني ماء
فأعطاه ماء فقدمة للخليفة
وقال له
لو منعت الماء هل ستفديه بكل ما تملك قال نعم سأفديه بكل ما أملك لأنني سأموت
فقال الرجل أشربه هنيئا مريئا
ولما شربه
قال له الرجل لو منعت من إخراج الماء الذي شربت هل ستفديه بكل ما تملك
قال نعم سأفديه بكل ما أملك لأنى لومنعت إخراجه لمت
قال الرجل
إذن يا أمير المؤمنين : فما ذا تصنع بدنيا لا تساوي شربة ماء؟

وقال الرسول الكريم : لو تساوي الدنيا عند الله جناح بعوضه ما سقى كافر منها شربة ماء

والخلاصة
أن هذه الدنيا
ساعة وستزول
ويبقى العالم الحقيقي
الذي فيه الخلود
وهل سألت نفسك
سؤالا؟
حقيقة الحياة سبعين أو ستين سنة وماذا بعد؟
لا يعقل أن يكون الا شىء عظيم نحاول أن ننكره
وليس منطقيا أن تكون سبعين أو ستين سنه
أجل لماذا الطبيعة البشرية تهفوا دائما الى السلام والرحمة والعدل
وما فائدة السلام والرحمة والعدل إذا كانت سبعين أو ستين سنة فقط
لماذا لا تكون قوانين الغاب والبقاء للأقوى لينعم القوي بهذه السنون القصيرة

والحقيقة أن هذه الدنيا مطية للآخرة
فكما كانت الرحم مطية للدنيا ستكون الدنيا مطية للآخرة
ولا علم لنا إلا ما علمنا الله في كتابه
وما نقله عنه رسوله الذي لا ينطق عن الهوى

أخي الكريم أتمنى أن تستمع مع ما طرحت
فقد تقابل في حياتك من يبحث ويسأل
وتقبلوا تحيتي

المصدر : مدونتي
[/align]