مازلت شباباً
احتفظ بشبابك، فالكبر بمعناه المادي - أي الجسماني - هو أمر يجب أن يصيبنا جميعاً، وإرجاء مظاهر التقدم في السن عن طريق الجراحات أمر لا طائل من ورائه، ومن الأفضل أن تظل شاباً، وأعني بذلك ذهنياً ومعنوياً.
والانسان عندما يكبر يبدأ عند التقاطه الأشياء من الأرض يصدر صوتاً يشبه الهمهمة التي تصدر عادة عن العجائز، وفي البداية يظن ان هذا مجرد مداعبة الى ان تصبح حقيقة مرة يعيشها الانسان وهو الذي صنعها وبدأها ثم عايشها.
وبالأمس كنت أقرأ عن شاب صحب أباه في رحلة الى مدينة جبلية وكان والده في السبعين من العمر، وقد ذكر ابنه انه كان يجد صعوبة في ملاحقته أثناء السير، وهذا هو ما أعنيه بالحفاظ على الشباب.
الاحتفاظ بالشباب هو الإقدام على أشياء جديدة والامتناع عن قول وفعل الأشياء التي يفعلها عادة كبار السن يعني عدم الاقدام على الاختيار المضمون، يعني التماشي مع كل ما هو جديد، يعني عدم الاقلاع عن ركوب الدراجات بسبب اعتقادك بأنك قد تقدمت في السن وإن كنت صغير السن للغاية، فإنني اعتذر عن هذا الحديث، ولكني صدقني سوف تحتاجه في يوم ما، إن الاحتفاظ بالشباب يعني ان تجرب المذاق الجديد والأماكن الجديدة، والأنماط الجديدة يعني ان تحتفظ بسعة أفقك يعني ألا تكون رجعياً، يعني عدم اعتراضك على المزيد والمزيد من الأشياء، أو عدم الرضا والتمسك بكل ما فعلته واعتدت على فعله.
الاحتفاظ بالشباب يعني الاحتفاظ بنظرة شابة للعالم، يعني الحماس والتحفيز وحب التحلي بحس المغامرة، نعم المستقبل غير مضمون وهو مخيف ومجهول ولا يمكن ان نكون بشراً من دون ان يعترينا القلق في بعض الأوقات بشأن بعض الأشياء نحن نقلق على صحتنا وعلى أهلنا وأبنائنا وعملنا وانفاقنا، ونقلق بسبب تقدمنا في السن، ولا بأس في ان نقلق في واقع الأمر، طالما أن هناك شيئاً يستحق القلق بحق ولكن إن لم يكن هناك ما يستحق القلق فإن كل ما تفعله هو أنك تضيف المزيد من التجاعيد الى حاجبيك، وسوف يجعلك هذا تبدو اكثر سناً، إن الخطوة الأولى لكي تتخلص من قلقك الذي يعيشك في سن أكبر من سنك هي ان تقرر ان هناك شيئاً يمكنك ان تفعله للتصدي لكل ما يثير قلقك، فإذا كنت تشعر بالقلق حيال صحتك، فاذهب واستشر الطبيب، وإن كنت تقلق بشأن المال فضع ميزانية وقلل نفقاتك، وإن كنت تقلق بشأن وزنك فاذهب الى صالة الألعاب وقلل طعامك، وإن كنت قلقاً بشأن تقدمك في العمر فليس هناك ببساطة أي مدعاة لذلك لأنه سوف يحدث سواء شعرت بالقلق أم لا تشعر.
القلق لا يرجع شيئاً، فعش حياتك بعيداً عن القلق واحتفظ بشبابك مهما طال الزمن بك، فالشباب في القلب وليس بالشكل فمن الناس من يعيش الشيخوخة وهو في العشرين من عمره، ومنهم من يعيش شبابه طوال حياته مهما بلغ من العمر.
التقدم في العمر ليس عذراً أن نتوقف عن فعل أشياء نحبها.
مواقع النشر (المفضلة)