rيعتبر لبن الإبل الغذاء الرئيسي لأبناء البادية في الصحراء , ويعتبرونه أفضل الألبان قاطبة , ويفضلونه طازجاً في معظم الحالات , ولبن الإبل يتدرج في فوائده وفي مكوناته فالوراثة لها دور في ذلك ومرحلة الإدرار وعمر الناقة ونوع الطعام الذي تتغذى عليه وكذلك كمية الماء المتوافر للشرب .
مكونات لبن الإبل:
يعتبر لبن الإبل قلوياً ولكن سرعان ما يصير حامضاً إذا ترك فترة من الزمن , ويتفاوت مذاقه من شدة الحلاوة إلى فاتر ومالح , ويحتوي لبن الإبل على مواد بروتينية بنسب ما بين 2,5 إلى 4% ومواد صلبة ما بين 10-15% ودهون وبالأخص في أول فترة الإدرار ما بين 2 إلى 3 % ومواد سكرية وبالأخص اللاكتوز ما بين 3 إلى 6% وكلوريد الصوديوم ما بين 14 إلى 27% كما يحتوي على معادن مثل الحديد والكالسيوم والفسفور وعلى فيتامينات مثل فيتامين ب2 و ج .

استعمالات لبن الإبل :

قبل الحديث عن استعمالات لبن الإبل كدواء سنعطي القارئ الكريم نبذة عن بعض أسماء لبن الإبل عند أبناء البادية الذين هم أكثر الناس استعمالاً له , ويقول أبناء البادية أن لبن الإبل يدخل ولا يُدخل عليه أي أنه يكفي عن غيره من الأغذية التي لا حاجة لها بعد تناوله اللبن , ومن أمثال أبناء البادية في ألبان الإبل قولهم
" قرطوع يطرد الظمأ والجوع "
" المشبع المروي المقيت " أي يغني عن الماء فيرويهم وعن القوت يشبعهم .
وعندما يقدمون اللبن يقولون " عطه در واكفه الشر " .
والعرب قد استفادوا من لبن الإبل في علاج كثير من أمراضهم كالجدري والجروح وأمراض الأسنان وأمراض الجهاز الهضمي ومقاومة السموم .
وأفضل لبن الإبل كعلاج اللبن بعد الولادة بأربعين يوماً وأفضله ما اشتد بياضه وطاب ريحه ولذ طعمه وكان فيه حلاوة يسيرة ودسومة معتدلة واعتدال قوامه في الرقة وحلب من ناقة صحيحة معتدلة اللحم محمودة المرعى والمشرب .
وقد ورد في الحديث الشريف أهمية ألبان الإبل لعلاج بعض الأمراض , فقر ورد أن أُناساً أتوا الرسول صلى الله عليه وسلم وكان بينهم سقم فبعثهم لذود ( قطيع من الإبل ) له ليشربوا من ألبانها فصحوا , ويقول العرب للبن الإبل الدواء .
ولبن الإبل محمود يولد دماً جيداً ويرطب البدن اليابس وينفع من الوسواس والغم والأمراض السوداوية , وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة , ويشرب اللبن مع السكر يحسن اللون جداً ويصفي البشرة وهو جيد لأمراض الصدر وبالأخص الرئة وجيد للمصابين بمرض السل , وقد أورد الرازي في لبن الإبل ( لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد وفساد المزاج ) , وقال ابن سينا في كتاب القانون ( أن لبن النوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفق وما فيه من خاصية وأن هذا اللبن شديد المنفعة فلو أن إنساناً أقام عليه بدل الماء والطعام شفي به , وقد جرب ذلك قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعفوا .
وينصح المريض الذي يأخذ لبن الإبل للعلاج أن يأخذه بالغداة ( الصبح قبل طلوع الشمس ) ولا يدخل عليه شيئاً ويجب عليه الراحة التامة بعد شربه , ويعتبر لبن الإبل الطازج الحار أفضل شيء لتنظيف الجهاز الهضمي ويعتبر أفضل المسهلات .
وهناك قصة حقيقية حدثت لأحد المرضى الذي كان يعاني من مرض في معدته وراجع كثيراً من الأطباء وكثيراً من المستشفيات ولكنه لم يشف من مرضه وأخيراً ازدادت حالته سوءاً لدرجة أنه لم يعد يستطيع المشي وأصبح مقعداً , وعندما رأى أن علته زادت طلب من قريب له أن يأخذه إلى جدته التي تعيش في البادية من أجل أن يراها قبل دنو الأجل , فما كان من قريبه إلا أن أخذه إلى جدته في البادية , فعندما شاهدته حزنت حزناً شديداً لحالته ولكنها تعلم علم اليقين أن لبن الإبل علاج جيد لكثير من الأمراض فحلبت له من ناقة جيدة تتمتع بصحة جيدة وتتغذى من أعشاب الصحراء التي تحتوي على كثير من المواد الدوائية وطلبت من أبن أخيها أن يأخذه بعيداً عن بيت الشعر الذي تقطنه وأن يعمل له ظلاً بالقرب من مسكنها فأخذه إلى مكان يبعد عن منزلها بحوالي 50 متراً ونصب له ما يشبه الخيمة وأسقاه اللبن وبعد ساعات شعر المريض بحركة غير طبيعية في بطنه وبدأ يشعر بآلام مبرحة ثم بعد ذلك حدث له ألم شديد مصحوباً برعشة غريبة .. ثم حلبت له مرة أخرى وأسقته وبدأ يشعر بنفس الأعراض وحدث له ألم شديد وفي المرة الثالثة أسقته لبناً حامضاً من حليب الإبل شربه فتوقف الألم وبدأ يشعر بالراحة والرغبة في الأكل مع العلم أنه مكث أياماً بدون أكل حيث كانت شهيته للأكل معدومة فخبزت له الجدة خبزاً مرموداً ( أي وضعته داخل الجمر والرماد ) ثم أعطته مع مرق طري جديد فأكله وبدأ يشعر بالعافية والراحة ومكث عند جدته حتى شفي تماماً وعاد يزاول أعماله وحياته العادية بالرغم من أنه قد فقد الأمل في الحياة