أخذت أنصت لقول عقرب الثواني وهو يقفز بينما كنت أراقبه بعيني، كان يقول : تِكْ، تِكْ، تِكْ، في الوقت الذي كان فيه عقربا الساعات والدقائق يتحركان ببطء دونما قفز وفي صمت من دون صوت.

وطفقت أتساءل: تُرى هل يعني هذا أن عقرب الثواني يريد بصياحه المتواصل أن يرسل رسالة إلى بني آدم؟ وأي رسالة تلك يمكن أن تحويها كلمة (تِكْ)؟ إنها لا تعني أكثر من مرور ثانية، وماذا يعني مرور ثانية؟

يعني الكثير، فمثلما أن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة .. فإن الألفية الحالية وكل الألفيات السابقة بدأت بثانية.

إن (تِكْ) تعني أن الوقت سيمر وسينتهي اليوم كما انتهى الأمس، فهل ستستعد بمشيئة الله عز وجل للقاء الغد بالعمل المُثمر والنافع اليوم؟

في كل ثانية تمر: يبدأ أمرٌ وينتهي أمرٌ.. تغرب الشمس عن أرض وتشرق على أرض.. يتقدم العُمْر بكل حي على وجه الأرض.. مولود في مكان ما يُولد، وروحٌ في مكان آخر تُقبض.. شخص يُنَعم وآخر يُعَذب.. إنسان يَسْعَد وآخر يحزن.. هزيمة لأحد ونصر لأحد.. حريقٌ يَنشَب ونار تُخْمَد.. فكرة تموت وأخرى تولد.. طائر يضع بيضة وفرخ يخرج من أخرى.

في ثانية يمكن أن يصدر حُكْمٌ ما على أمْرٍ ما كما تفعل صُفارةُ الحَكَم في مباريات كرة القدم، أو يمكن أن يكون رد الفعل تجاه أي فعل كما يحدث في مباريات البنج بونج، أو قد تتحول الهزيمة إلى نصر كما يحدث أحياناً في آخر ثانية في مباريات كرة السلة، أو قد تخور قوى المرء بعد استمرار المقاومة كما يحدث عادة في مباريات الملاكمة.

إن الإنسان يرى صور الأشياء في عُشر ثانية، والفارق بين الفائز بالميدالية الذهبية والفائز بالميدالية الفضية في الدورات الأولمبية يكون في كثير من الأحيان كَسْر الثانية، والكاميرا التي ساهم في ابتكارها العالم الكبير الدكتور أحمد زويل تلتقط صوراً للتفاعلات الكيميائية باستخدام أشعة الليزر في زمن قدره مضاعفات الفيمتو ثانية وهي وحدة زمنية اكتشفها الدكتور زويل وتعادل جزءاً من المليون على البليون من الثانية. أي أن الثانية طولها مليون بليون فيمتو ثانية.

أشعَرَنا الدكتور أحمد زويل أن طول الثانية يساوي طول ألفية كاملة، بينما يحاول عقرب الثواني بالقفز وبالصوت العالي أن يلفت أنظارنا وأسماعنا إلى أهميتها!


أعجبني فأتمنى يعجبكم ويفيدكم $222