في بعض الاحيان نتقمص أصعب الشخصيات على مسرح الحياة، ونؤدي الدور بكامل المهارة والاتقان، تقف وقفة الممثل الماهر، ونتحدث بنبرة صوت عالية وواضحة، نكون بكامل الثقة في حوارنا، ونؤدي الحركات بمستوى عال، نجادل وكأننا على حق، نصر على رأينا ونحن أول من يشك في صحته.
لكن ما ان ينتهي هذا المشهد الحواري، وما ان ينزل الستار المسرحي الذي يفصلنا عن الجمهور، ويحجبنا عمن كنا نواجهه، وتتباعد نظرات المحيطين، نعود إلى أرض الواقع، لنستوعب ان كل ما حدث ما هو الا تمثيل!!
كثيرا ما نتحدث بكلام نكون غير مقتنعين بمحتواه، ولكنه يخرج منا باسم المثالية، فيكون مصففا ومرتبا وكأنه نابع عن قناعة تامة، ولكن الواقع غير هذا تماما.
لا استطيع ان استوعب هذه التركيبة البشرية التي تنادي باسم المثالية وفي جوفها تناقض تام ينادي باسم الثبات والاستقرار بالرأي، لماذا عندما نتحدث نراعي مشاعر الناس قبل مراعاة مشاعر ضميرنا؟ ولماذا عندما نقول الصراحة لا نرضى عن انفسنا؟
من اصعب المواقف عندما تجد شخصا قريبا جدا عليك، ويعتبر نصفك الآخر يتحدث وأنت على اتم الثقة بأن كل ما يقوله ليس منه ولا يعنيه، لا تعلم كيف تتصرف، ان حدثته جرحته، وان تركته تمادى في اقتباس الدور.
الوضع ليس بهذه الصعوبة، فكل المطلوب منا هو فصل جذري بين ما نريد قوله وما نقوله، ما علينا الا ان نتغاضى عن السيناريو وننسى كلمة «اكشن»، ولا نسمح للمخرج بأن يتحكم في حياتنا ويوجهنا، كن الحكم بنفسك، وكن صاحب القول، وانزل من على مسرح الحياة، واجلس مع الجمهور لتضحك على التمثيل والاداء، وتذكر دائما ان التمثيل عمره قصير، فكل ممثل خاتمة لمشهده، ولكل مسرحية نهاية.
مواقع النشر (المفضلة)