يتصف بعض الزملاء بصفات سلوكية تشكل مصدر ازعاج للمتعاملين معهم في العمل. ومن هذه الصفات أن يكون أحدهم سارقا لأفكار الناس وطموحاتهم أو أن يعتبر نفسه زعيم المعارضة الدائمة في العمل فلايعجبه العجب، أو أن يلعب دور المنظّر بالمثاليات البعيدة عن الواقع أو أن يحسد الموظفين وغيرها. وهذه الصفات تكون غالبة على سلوكيات الفرد في العمل، وقد لا يلحظها أصدقاؤه أو أهله في المنزل غير أن زملاء العمل هم من يعانون منها عند التعامل مع هذا الموظف أو المدير.

1. سارق الأفكار

الموظف الذي يسرق أفكار الآخرين ينسبها اليه هو مصاب بداء الأنا. فهو لايستطيع استبدال كلمة "أنا" بـ"نحن"، ولأن كلمة الجمع في قاموسه تعني ضعفا وليس قوة كما في قواميس الموظفين الناجحين والواثقين بأنفسهم وقدراتهم. وكأنه يريد أن يشعر الجميع، وخاصة مسؤوليه، بأنه هو الفهيم العليم، وأنه الوحيد الذي يكد ويجد، وينسى أن الجهود في العمل انما هي في غالب الأمر جهود جماعية متكافلة.
وقد يسرق أحيانا فكرة كاملة أو نواة لفكرة طرحها زميله بحسن نية، ولكنه ما يلبث أن يسارع الى المسؤولين ليسجل موقفا لمصلحته، ويبدو أن هذه النوعية من الموظفين لاتدرك أن سرقة أفكار الموظفين هي كسرقة أي شيء مادي ولايقبلها أي دين أو عرف أو مبدأ لأنها تتنافى من أخلاقيات العمل الاداري الرفيع.
وربما السبب الوحيد الذي يدفع هذا الموظف الى أن يأخذ هذا المنحى هو ضعف قدراته وشخصيته، فان الموظفين مطالبين بالحذر عند التحدث مع هذه الشخصية، خاصة اذا كان المسؤول المباشر، وذلك بتدوين الأفكار المهمة أو غير المسبوقة ثم ارسالها في مذكرة داخلية أو رسالة بريد الكتروني حتى يحفظ الموظف حقه الفكري.
وفي بعض الأحيان يكون سارق الأفكار من الوضاعة بمكان بحيث أنه لا يتورع من اخطار مسؤوله المباشر بأنه هو من أوعز الى الموظف بكتابة هذه الفكرة، وهذا النوع يصعب أن يحتمله الموظفون، ولذا فان ادارته تكون عرضة لمشكلة التسرب الوظيفي المتزايد، وهو ما يجب أن يسترعي انتباه الادارة العليا للوقوف على الأسباب بالالتقاء بالموظفين على انفراد لوضع أيديهم على مكمن المشكلة.

2. المعارض

وهناك نوع آخر يغلب على طبعه المعارضة شبه الدائمة لمعظم الأفكار التي تتناهى الى سمعه. وأحيانا يتمادى ويعارض بشدة وحدة بالغة مديره المباشر، من دون أن يقدم له البديل للفكرة المطروحة. وربما لايعي هذا الموظف أن أكثر ما يزعج المديرين هو المعارضة العقيمة التي لاتقدم بديلا يذكر أو حلولا تسهل على الادارة اختيار أنسبها. واذا استمر هذا المعارض على منواله فانه يبدأ بفقدان هيبته في الادارة وربما المؤسسة التي يعمل فيها، لأنه لم يعد ذو قيمة مضافة للعمل بل يصبح "ظاهرة صوتية" مزعجة.
ويظن الموظف المعارض واهما أنه بالمعارضة الحادة يمكن أن يستعرض قوته في الطرح والانتقاد اللاذع، ولايعلم أن الناس في العمل تعجب وتتفاعل مع صاحب الأفكار النيرة القابلة للتطبيق، فالعمل ليس قاعة برلمان يستعرض فيها النائب جرأته في النقد وانما هو عمل جماعي يبحث عن حلول عملية لتتقدم المؤسسة وتتفوق بفضل أفكار موظفيها وليس بحناجرهم الرنانة.

3. المنظـّر

من يستخدم أسلوب التنظير الشفهي وتسطير النظريات والمثاليات من دون أن يكون ذا قيمة مضافة في العمل ولزملائه، يعد مصدر مزعجا في التعامل معه. وينفر الموظفون من المنظرين لأنهم يعتقدون أنه لا فائدة من الاستماع الى هذا الحديث النظري الانشائي الذي لايسمن ولايغني من جوع. وما أكثر ما يكتشف أمر هؤلاء المنظرين فيحالون الى ادارات أخرى أو يتم انهاء خدماتهم، أملا في البحث عن موظف آخر ذي فائدة عملية للمؤسسة.
وأفضل حل للتعامل مع المنظرين هو تفادي الخوض معه في حوارات خاصة اذا كان الموظف مشغولا، وذلك حتى يحافظ على وقته وانتاجيته. واذا كان الموظف يبحث عن حل لمشكلة ما فمن الأفضل ألا يكون المنظّر أحد خياراته، بل يختار أناس لهم باع طويل في العمل وحققوا نتائج عملية مرضية.

4. الحسود

بعض الموظفين لايهدأ له بال الا حينما تزول النعمة من زميله ليتمتع بها دون غيره. هذه الفئة من الموظفين لاتجد طعما للراحة لأنها تتابع كل شاردة وواردة في العمل كترقيات الموظفين وايفاداتهم الى الخارج في مهمات عمل أو توليهم لمناصب رفيعة وغيرها. ولا يفرق هؤلاء بين الغبطة والحسد، اذ أن الأولى تختلف عن الثانية في أنها تعني عدم تمني زوال النعمة من الآخرين.
هذا الحسود لا يمكن أن يساعده أحد على تجاوز مشكلته، لأن مرضه في قلبه، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم، فهو ليس أمامه إلا العودة إلى رشده ويدعو للآخرين بالخير.

5. ضعيف الشخصية

أكثر ما يعاني منه الموظفون في العمل هو أن يكون مسؤولهم ضعيف الشخصية. وبعض القيادين ضعيفو الشخصية لأسباب عديدة منها التنشئة الاجتماعية أو الخوف من عواقب قراراتهم مهما كانت مهمة بسيطة. فأحيانا يعد هذا المدير مرؤوسيه بوعود براقة، كالزيادات بالراتب أو الترقيات وما شابهها ولكنه سرعان ما يجد نفسه ضعيفا أمام عدم اقتناع الادارة العليا بحججه التي يسوقها اليهم، فيختار أسلم طريق وهو العودة عن مطالباته، فيدفع ثمن ذلك الموظفون المغلوب على أمرهم.
أفضل حل للتعامل مع ضعيف الشخصية هو ألا تمنحه الادارة العليا مناصب قيادية أو صلاحيات ادارية واسعة، لأن قدراته لاتتماشى مع ما تتطلبه شخصية القيادي المقادم، الذي يتخذ القرار ولا يدخر جهدا في الدفاع عنه وتحمل تبعاته. أما الموظفون فليس أمامهم من حل سوى الصبر لعله يغادر منصبه أو أن يقدموا على اختيار وظيفة أخرى حتى لاتكون شخصية هذا المدير حجر عثرة في مسارهم الوظيفي.

أيا كانت السلوكيات المزعجة لزملاء العمل فلا يجد الموظفون أمامهم حل سوى التكيف معهم، لأن الهروب من المواجهة باختيار وظيفة أخرى يعد ضعفا وليس حلا جذريا، اذ قد تظهر لهم نفس هذه الشخصيات في الوظيفة الجديدة وربما أسوأ.