من هم الشيعة ، و ما هي أهم الفروق بينهم و بين السُنة ؟
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي

الشيعة هم أتباع النبي المصطفى محمد ( صلى الله عليه وآله ) و أهل بيته ( عليهم السلام ) ، و هم يعتقدون بأنّ قيادة الاَُمّة الاِسلاميّةِ و زعامتها بعد وفاةِ رَسُول الله ( صلى الله عليه وآله ) هي من حق الإمام عليّ بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) و من بعده لأبنائه المعصومين ( عليهم السلام ) و ذلك إستناداً إلى ما أوصى به الرسول المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) في مناسبات عديدة .
و يجد الباحث من خلال قراءة المصادر الإسلامية ككتب التاريخ الإسلامي و التفسير و الحديث أن ولادة مُصطلح " الشيعة " يرجع إلى عهد الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) فهو الذي استخدم هذا المصطلح لأول مرة في أتباع علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) و رسَّخه في وجدان الأمة الاسلامية .
و قد كانت النخبة المتميزة من صحابة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أمثال : سلمان الفارسي ( المحمدي ) ، و أبي ذر الغفاري ، و عمار بن ياسر ، و المقداد ، يحملون لقب شيعة علي بن أبي طالب في أيام الرسول لحبهم و ولائهم لعلي بسبب توجيهات الرسول من خلال خطاباته ، و إلى هذه الحقيقة تشير الأحاديث المتواترة التي ذكرها غير واحد من المفسرين و المحدثين و المؤرخين نذكر منهم على حسب المثال مايلي :

الكنجي : أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة : 658 هجرية ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنا عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فاقبل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : " قد أتاكم أخي " .
ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ، ثم قال : " و الذي نفسي بيده إن هذا و شيعته هم الفائزون يوم القيامة ، ثم إنه أولكم إيمانا ، و أوفاكم بعهد الله ، و أقومكم بأمر الله ، و أعدلكم في الرعية ، و أقسمكم بالسوية ، و أعظمكم عند الله مزيّة " .
قال : و نزلت : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [1] " [2] .

ابن عساكر : أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي ، المتوفى سنة : 571 هجرية ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كنا عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) فأقبل علي ( عليه السلام ) ، فقال ـ أي النبي ـ : " و الذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة " فنزل قوله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [3] ، [4] .

ابن حجر : أحمد بن حجر الهيثمي ، المتوفى سنة : 974 هجرية ، عن ابن عباس قال : لما أنزل الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [5] ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) : " هم أنت و شيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، و يأتي عدوّك غِضابا مقمحين " [6] .

الطبري : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، المتوفى سنة : 310 هجرية ، عن محمد بن علي ، قال : لما نزلت الآية : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [7] ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " أنت يا علي و شيعتك " [8] .

السيوطي : جلال الدين بن أبي بكر ، المتوفى سنة : 911 هجرية ، عن علي ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لي : " ألم تسمع قول الله تعالى : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ [9] ، أنت و شيعتك ، و موعدي و موعدك الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرّا محجلين " [10] .
إلى غيرها من المصادر الكثيرة التي ذكرت الألفاظ الدالة على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي استعمل مصطلح " الشيعة " و مشتقاتها في الموالين لعلي ( عليه السلام ) .
سبب تمسك الشيعة بمذهب أهل البيت :
و أما سبب تمسّك الشيعة بمذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) فقد قال العلامة المجاهد آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) : " .. الأدلة الشرعية أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذهب الأئمة من أهل بيت النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة ، و مهبط الوحي و التنزيل ، فانقطعنا إليهم في فروع الدين و عقائده ، و أصول الفقه و قواعده ، و معارف السنة و الكتاب ، و علوم الأخلاق و السلوك و الآداب نزولا على حكم الأدلة و البراهين ، و تعبداً بسنة سيد النبيين و المرسلين ، صلى الله عليه و اله و عليهم أجمعين .
و لو سمحت لنا الأدلة بمخالفة الأئمة من آل محمد ، أو تمكنا من تحصيل نية القربة لله سبحانه في مقام العمل على مذهب غيرهم ، لقصصنا أثر الجمهور ، و قَفَونا إثرهم ، تأكيداً لعقد الولاء ، و توثيقاً لعرى الإخاء ، لكنها الأدلة القطعية تقطع على المؤمن وجهته ، و تحول بينه و بين ما يروم [11] .
الفرق بين الشيعة و السنة :
إنّ من أهم الفروق بين الشيعة و السنة هو أن الشيعة تعتقد بأن الإمامة و الخلافة الشرعية بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) إنما هي للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) ، و من بعده تكون الإمامة في المعصومين الأحد عشر المنصوص عليهم من قبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) و علي ( عليه السَّلام ) و بحسب الأدلة العقليّة و النقلية .
ثمّ إنّ هناك فروقاً أخرى في فهم الشريعة و أصول الدين و فروعه ، كلّها تبتني على الأخذ من معارف و علوم أهل البيت ( عليهم السلام ) .
أئمة أهل البيت :
الأئمة المعصومون من أهل البيت ( عليهم السلام ) بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) حسب تسلسل إمامتهم هم :
1. الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
2. الإمام الحسن بن علي ( عليهما السلام ) .
3. الإمام الحسين بن علي ( عليهما السلام ) .
4. الإمام علي بن الحسين زين العابدين ( عليه السلام ) .
5. الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) .
6. الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) .
7. الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السلام ) .
8. الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) .
9. الإمام محمد بن علي الجواد ( عليه السلام ) .
10. الإمام علي بن محمد الهادي ( عليه السلام ) .
11. الإمام الحسن بن علي العسكري ( عليه السلام ) .
12. الإمام محمد بن الحسن المهدي المنتظر ( عجل الله ظهوره ) .
مزيد من المعلومات :
لمعرفة المزيد عن مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ننصح بمراجعة الكتب التالية :
1. المراجعات للعلامة المجاهد آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) ، و الكتاب هو محاورة علمية موضوعية في العقيدة الإسلامية و أصول المذهب .
2. العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت ، للعلامة المحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني .
3. عقائدنا لآية الله الشيخ ناصر المكارم الشيرازي .
4. أصل الشيعة و أصولها للعلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) .
5. عقائد الامامية ، للعلامة الشيخ محمد رضا المظفر ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) .
6. هوية الشيعة للعلامة الدكتور الشيخ أحمد الوائلي .
[1] القران الكريم : سورة البينة ( 98 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 598 .
[2] كفاية الطالب : 214 ، طبعة : بيروت .
[3] القران الكريم : سورة البينة ( 98 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 598 .
[4] تاريخ ابن عساكر ( ترجمة علي عليه السلام ) : 2 / 442 ، طبعة : دار الفكر / بيروت .
[5] القران الكريم : سورة البينة ( 98 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 598 .
[6] الصواعق المحرقة : باب 11 ، الفصل الأول ، الآية : 11 ، طبعة : القاهرة .
[7] القران الكريم : سورة البينة ( 98 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 598 .
[8] تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن " تفسير الطبري " : 3 / 365 ، طبعة : دار الكتب العلمية / بيروت .
[9] القران الكريم : سورة البينة ( 98 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 598 .
[10] الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 6 / 379 ، طبعة : محمد أمين / بيروت .
[11] المراجعات : 5 ، طبعة : مطبوعات النجاح ، سنة : 1399 هجرية ، 1979 ميلادية ، القاهرة / مصر .


منقول للفائده