مقال اعجبني
كتبه نذير الماجد..
ميدل ايست اونلاين
قامت الحضارة على أكتاف المرأة. هكذا يقول المؤرخون، لأنها أول من اختط طريق الحضارة. فبينما كان الرجل يشتغل بالصيد كانت المرأة تحرث الأرض بعد اكتشافها للزراعة، ولم يكن هذا العمل انجازا طبيعيا وحسب بل كان يحسب كشيء خارق للعادة أي فعلا اعجازيا رفع المرأة لمصاف الآلهة، فأن تنبت الأرض وتثمر وتخضر يعني أن تمارس شيئا أشبه بإحياء الموتى أو بفلق القمر إلى فلقتين، بهذا المعنى يصبح اكتشاف الزراعة قدرة خارقة زودت بها "الأنثى المقدسة" لكي تبدو خليقة بالتتويج الإلهي.
هذا العمل الغرائبي والاعجازي كان تدشينا لمرحلة جديدة تخطوها البشرية نحو الاستقرار في الأرض والتملك وصولا للمدنية والحضارة، لهذا كانت تحمل السلطة والسيادة في المجتمع حتى أصبحت القداسة أنثوية الطابع وبالتالي تركز الانشداد الديني والروحي نحو كائنات أنثوية، فكانت الآلهة "الأم" هي محور الشعور الديني وهي التي تجلب البركة وتمنح المتبتلين من فيوضاتها وعنايتها، وهي التي على شرفها تُشيّد الهياكل والمعابد وترتل الابتهالات والصلوات، لقد هيمنت الأنثى المقدسة على مجمل بل كل الطقوس الدينية.
ويمكن ربط نشأة الظاهرة الدينية برمتها بمديونية الأمومة والحنو الأنثوي. ورغم تشكل الظاهرة الدينية واتسامها بطابع متشابك ومعقد للغاية من خلال تطور الطقوس والسلوك والعقائد إلا أنها تكاد لا تتعدى العلاقة المنفعلة التي يمكننا تأصيلها ومقاربتها جنسيا، فهي أساسا ذات انغراز أنثوي "تهذيبي" تنعكس على الطبيعة البشرية فتساهم في ترقيقها وتلطيفها.
وكما أن الخلود هو الحافز الأساسي في نشأة الشعور الديني كذلك كان الخوف من نبذ الأم المعطاءة بصفته قلق مفزع هو الدافع اللاشعوري الذي يرسخ الحاجة إلى الاحتماء والالتجاء إلى الدين والتعبد. فالشعائر والأحاسيس الدينية حتى وإن اتخذت صيغا مجردة منتزعة من أي سياق تاريخي لا تعدو أن تكون توقا للاحتضان والعناية الخاصة التي يتلقاها الرجل "الطفل" في أحضان الأم - الأنثى.
إن الأديان في صورتها البدائية صناعة ذكورية، يتقرب بها الرجل من الأنثى المقدسة. هذه الأديان نفسها وبسبب حدوث تغيرات اجتماعية جذرية في مرحلة لاحقة باتت صناعة ذكورية خالصة ونقية، يحتل فيها الرجل كل أطراف العلاقة. ومع ذلك فإن تلك الأديان البدائية المندثرة التي فقدت طابعها الديني لتتحول الى مجرد فلكلور أو مادة خصبة ينهل منها الأدباء والشعراء والفنانون في أعمالهم الأدبية والفنية لازالت تحتفظ بتأثيرات متفاوتة في بقية الأديان ذات الطابع الذكوري. ومن أهم تلك التأثيرات وأكثرها وضوحا تلك المساحة الكبيرة التي تحتلها الأنثى المقدسة في أكثر الأديان بقاء ورسوخا في المجتمعات البشرية، سيشمل ذلك بطبيعة الحال كل الأديان السامية، خاصة المسيحية والإسلام. ففي الدين المسيحي تؤدي مريم "العذراء" دور الأنثى المقدسة، الأم- الطبيعة، وفي الإسلام تلعب فاطمة "الزهراء" أو عائشة "أم المؤمنين" نفس الدور الذي يشكل امتدادا مباشرا لإيزيس عند المصريين، وأفروديت عند اليونان، وفينوس عند الرومان، وعشتار في بابل، ومناة عند العرب.
يمكن القول إذن أن الدين كما الحضارة في نشأتها ومراحلها الأولى وعند بلوغها النضج والاكتمال بمثابة أنثى فاتنة أو امرأة جميلة تختزن الرقة واللطف لينعكس ذلك على الرجل فيتلطف سلوكه ويتمدن ويتحول من ذلك الإنسان البدائي والمتوحش والقابع في الكهوف بأدواته ووسائله الحجرية (إنسان النياندرتال أو الكرومانيون) إلى إنسان الحضارة المتمدن الذي استوطن الأرض وأقام المدن وشيد المجتمعات.
هذا الدور المركزي الذي لعبته المرأة يتجلى بوضوح من خلال الدراسات الأنثربولوجية التي تكشف عن سيطرة المرأة على العلاقات الدينية والاجتماعية والاقتصادية عبر شكل من أشكال ونظم القرابة يتمركز حول "خط الأم" وهو نظام كان سائدا في حقب تاريخية طويلة قبل أن ينتقل المجتمع إلى نظام خط الأب بسبب شيوع الملكية الفردية والتي تستدعي تلقائيا هاجس الحفاظ على الثروة، هذا الانتقال وما استتبعه من آثار ألقت بذيولها على الحضارة البشرية وما خلفه من نظم وقيم وعادات وتقاليد شكل منعطفا مفصليا في تاريخ الحضارة والثقافة حتى استقر كصيغة نهائية لقرون قبل أن يشهد التاريخ تلك التحركات النضالية النسوية التي انتفضت على الهيمنة والتسلط الذكوري في محاولة جادة وصادقة لخلق حالة من التوازن والاعتدال.
إن محاولة كهذه تسعى لإعادة الاعتبار للجنس اللطيف ليست مطلبا نسائيا بقدر ما هي مطلب نسوي لا يعني النساء وحدهن وحسب بل الرجال أنفسهم، فهو مطلب للرجل ذاته الذي تعرض للتشويه جراء ضغوط الأدلجة واكراهاتها. وفي الحقيقة تبدو الثقافة الفحولية امتيازا ارستقراطيا لا يقيم أي وزن لحاجيات كل المنتسبين لجنس الرجل، فالامتيازات الذكورية لا تتعدى نطاق الرجل صاحب السلطة وهو المستفيد الأول والوحيد من هذا النسق الثقافي بما له من إمكانات واستثناءات تسمح بها الثقافة.
من هنا يتضح أن الفصل بين الجنسين ما هو إلا أداة سلطوية تحاول من خلالها الثقافة الفحولية تأبيد ذاتها ومنع أي خطر يمكن أن يحد من سيطرتها، وهي ثقافة طالما ارتكزت عليها وسوقت لها التيارات الدينية السائدة في العالم الإسلامي، فيما تخطتها المجتمعات الأخرى فمنحت الجنسين مساحة أكبر من الحرية في التلاقي والاختلاط.
المرأة.. الوطن.. الطبيعة
اتسمت الواقعية التشكيلية في القرن الثامن عشر بحضور أنثوي بارز يستمد من جسد المرأة استعارات وتعبيرات تصويرية جريئة، كان أبرز ممثليها وروادها الأوائل: الفنان الفرنسي جوستاف كوربيه الذي استوحى من جسد المرأة الكثير من الاستعارات وجعل من جسدها موضوعا لأبرز أعماله، من أشهرها "أصل العالم" التي أنجزها في العام 1866، وهي لوحة جريئة أثارت تعليقات كثيرة على مدى قرن كامل.
ولا تكمن جرأة أو أهمية هذه اللوحة في إبرازها لمناطق حميمة في الجسد أو باستعاراتها الجنسية الواضحة جدا والتي بلغت في تمردها أقصى حد، إنما تتجلى أهمية اللوحة في انفتاحها على قراءات تأويلية متعددة تمنح المتلقي أفق أوسع يمكنه من بلورة رؤية للكون واكتشاف روح العالم والتاريخ "أي الحضارة" ولكن باسترخاء الرجل العائد إلى الأنثى والمنصهر في بوتقة الطبيعة/ الأم. وهذا الانكشاف أو التعري للواقع كما في لوحة أصل العالم لا يتأتى إلا مع انسياب أنثوي يصوره كوربيه في لوحة "الفراش المعلق" التي تصور – إلى جانب لوحته "أصل العالم"- الكنه الأنثوي للكون.
إن المرأة هي الطبيعة، أو "أم الطبيعة" كما يراها كوربيه، وإعادة الاعتبار للمرأة استعادة أو عودة للطبيعة/ الوطن. هذه الفكرة هي جوهر كل تلك الأعمال الفنية التي اتخذت من المرأة موضوعا لها، فكون المرأة أصل العالم يعني أن كل اندماج بهذا العالم "المرئي" يحمل في طياته قدسية الأنثى، أما الانشداد للعالم المثالي بما هو ازدراء وتجاوز لهذه الطبيعة فإنه يحجب الأنوثة، من هنا نفهم تلك العلاقة الجدلية بين الأنوثة وكل جنوح أو انحياز كامل لما وراء الطبيعة. وهو جنوح لا يتم إلا بانزواء الأنثى وحجبها ومن ثم حدوث هيمنة واستهلاك ذكوري كامل للمجال.
ولا يؤدي هذا الحجب والانزواء إلى امتهان كامل بقدر ما يؤدي لتشييئها لتكون مجرد متاع أو شيء نفيس كجوهرة يجب أن تختبئ، أن تُنقل من مكان مغلق إلى آخر، من بيت أو سلطة الأب إلى بيت أو سلطة الزوج دون أن يكون لها خيار أو مشاركة، وهو بالضبط التصور المزدوج والهلامي للمرأة الذي تقدمه الأصولية الدينية، ضمن تصور ميتافيزيقي أوسع ينعكس على المكان ليبدو كحيز قابل ومهيأ لتمثل هذا التصور المنحاز ضد الطبيعة/المرأة، هكذا نرى كيف تتشكل أيديولوجيا الفصل التعسفي بين الجنسين، وكيف يترشح عن كل ازدراء للطبيعة ازدراء مماثل للمرأة.
مناهضة الاختلاط تعبير عن فزع ذكوري
لتفكيك هذه الأيديولوجيا -من منظور مختلف- يجب أن نفتش أولا عن الدوافع والمبررات التي تجعل من الاختلاط جريمة أخلاقية تهدد المجتمع! خاصة وأننا نعلم أن التراث الديني لم يمنع أبدا الاختلاط ولم يرد أي نص صريح يدعو إلى حظره، فلمَ الخشية الشديدة من ملاقاة الرجل بالمرأة، هل فعلا سيؤدي الاختلاط لتبعات فساد وانحلال خلقي؟
تأتي أهمية هذا السؤال في أنه يكشف المغزى الحقيقي المتواري خلف كم هائل من المدعيات والمزاعم التي تؤكد الحرص على عفاف وصلاح المجتمع ولكن عبر انحجاب المرأة وانزوائها، وبأقل محاولة لتفكيك بنية الخطاب الأصولي الديني سنجد أن ثمة حضور سلبي للمرأة، مترجم عمليا في مناهضة الاختلاط وتجريمه. في الواقع وعلى العكس مما يتبدى للوهلة الأولى من هذه الحساسية اللامتناهية من كل ما يتعلق بالاختلاط، فإن هذا الحضور الطاغي سلبيا للمرأة لا يعبر عن طهرانية أو حرص أخلاقي بقدر ما يعبر عن خشية في اللاشعور، لأنها تشكل هاجسا مقلقا يقض مضجع كل من هو واقع تحت تأثير هذه الثقافة الفحولية التي هي ليست أكثر من إجراء وقائي يستهدف المرأة ويكشف عن حالة الذعر الوجودي من جاذبيتها وغوايتها.
فأن يلح المرء على شيء يعني فيما يعنيه شعوره بالحاجة إليه، وكلما زادت وتيرة الإلحاح والتركيز على الشيء، سلبا أو إيجابا، كلما كان ذلك كافيا لحدس مدى الحرمان الذي يقلقه ويضنيه، فالأصولي إذ يغالي في إقصاء المرأة وادعاء الطهرانية فذلك بالضبط لأنه مسكون بها، وعليه فالتزمت في الأخلاق الجنسية لا يعبر سوى عن تجذر ذلك الشعور المفزع بالفشل والإخفاق، وإذا ما تجاوزنا حدود اللباقة أو المجاملة أكثر جاز لنا أن نتهم الأصولية الدينية بكل تمظهراتها بأنها مجرد تعبير عن حرمان جنسي. وفي هذا يشير عالم الاجتماع المغربي عبد الصمد الديالمي بعد رصده لعدة براهين نفسية -اجتماعية متظافرة إلى وجود علاقة ملفتة بين الأصولي أو الاسلاموي وبين الحرمان الجنسي انطلاقا من أن الأصولي الديني يتطلع ويحن في لاوعيه إلى جنسانية مرضية وكاملة. وهذا يعني أن المجتمعات الأصولية مهووسة بالجنس على العكس مما تدعيه عادةً.
وبحسب الديالمي توصلت هذه البراهين إلى النتائج التالية:
- ثمة علاقة بين ازدراء الحياة "الزهد" وبين الاضطرابات الجنسية، حيث يصبح الاتحاد الروحي بديل عن الاتحاد الجسدي وتعويض له.
- تهدف بعض أشكال التدين إلى تقليص الأثر السلبي للإخفاق الجنسي، حيث يصبح التدين تدين تعويضي ليس أكثر.
- ارتفاع وتيرة الممارسات الدينية له علاقة مثبتة إحصائيا بالاضطرابات الجنسية.
- دور الظروف الاجتماعية السيئة في ترسيخ أخلاق متزمتة.
- كلما انخفضت درجة الإسلاموية كلما ارتفع قبول تغيير الأوضاع الجنسية بغية الإشباع.
ومن خلال هذه النتائج وغيرها بإمكاننا أن نضيء ومن ثم نفسر تلك الظواهر التي تنشأ في المجتمعات المناهضة للاختلاط، كالسلوكيات الذكورية المتسمة بفضول كبير يسعى لاكتشاف المرأة، والتي تفاقم من ظاهرة التحرش والملاحقة للطيف الأنثوي. وبوسعنا أن نصل لنتيجة حاسمة إذا ما استشهدنا بتلك الدراسات المثبتة إحصائيا والتي تؤكد وجود علاقة طردية بين مناهضة الاختلاط والمبالغة في الحجاب وبين ظواهر محددة كالتحرش بالمرأة والممارسات الجنسية الشاذة وغيرها.
الاختلاط بين الحداثة والأصولية الدينية
إن أخطر عمل تقوم به هذه الأصولية المتخشبة هو استمرارها في ممارسة تشويهية منظمة تتسم بنفس طويل تطال طبيعة المرأة والرجل معا، وذلك بشرعنة القطيعة والانفصال الحاد بينهما عبر مجموعة من المحظورات والقواعد السلوكية التي تمتصها الذات وتتشربها فتتحول إلى رقابة ذاتية تكبح الميل الطبيعي لبعضهما البعض كما تؤدي لتشوهات تجعل المرأة متنكرة لأنوثتها، فيما تجعل الرجل يعاني من سعار جنسي حاد وهي نتيجة -كما نرى- تناقض تماما الغرض الأساسي الذي يتبجح به دعاة الفصل بين الجنسين.
فيما توفر الحداثة فرصة تحطيم التابوات الثقافية العنصرية المصطنعة في ظل رؤية أخلاقية للجنس أكثر مرونة لا تحمل المرأة وحدها مسؤولية العفاف والشرف والستر وغير ذلك من عناوين لازالت المرأة تمثل موضوعا لها في المجتمعات التي لم تنعم بعد بميزة الاختلاط الذي يمثل في حقيقته الطبيعة الغير مشوهة للبشر، فلدى النساء والرجال ميل طبيعي للتلاقي والتداخل والتفاعل لأن أحدهما يكمل الآخر ويتممه، فكلاهما يحتاج الآخر، بل إن حاجة الرجل للمرأة أشد من حاجتها إليه.
قلت في البداية أن ما من حضارة إلا ونشأت على يد المرأة فلم تدشن الحضارات إلا بمباركة الأنثى وحضورها الكامل والأساسي لكنها أيضا -أي الحضارة- لا يمكن أن تحرز النضج والاكتمال والاستمرارية إلا بمآزره الأنثى ومشاركتها الفاعلة، وإن تخللت هذه المسيرة الطويلة للحضارة البشرية بعض المنعطفات التي شهدت جموح وتمرد ذكوري في موازاة انحسار وهزيمة للمرأة.
تاريخيا نجد أن كل المجتمعات التي جعلت المرأة تنكفئ وتتوارى عن العيان قد تراجعت خطوة إلى الوراء لتبدو مستعدة ومهيأة أكثر لتمثل الهمجية المتسمة بالقسوة والخشونة في أنظمتها الثقافية والدينية والسياسية، في مقابل تلك المجتمعات التي هيأت للجنس اللطيف فرصة المشاركة والحضور والاختلاط بالجنس الخشن الذي صار قابلا لتمثل سلوك مدني أكثر رقة ولطافة، إن حضور المرأة جنبا إلى جنب مع الرجل في الشارع والجامعة وكل الأماكن العامة بما فيها دور العبادة سيؤدي لإشاعة ثقافة مرنة وسلوك ملطف مرح يعزز الرغبة في الحياة، ولا يحتاج هذا الكلام لمزيد من الإثبات فبملاحظة أولية نجد أن الذين استطاعوا مغادرة الأسيجة الدوغمائية الضيقة للأديان والأصوليات وتحرروا من اكراهات الأدلجة التي تشوه وتستلب طبائعهم البشرية "الفطرية" ثم انفتحوا على المرأة نجد أنهم قد تأثروا كثيرا بالثراء الوجودي الذي يخلفه تواجدها في حياتهم: الألفة والبشاشة، والملامح المطعمة بلمسات أنثوية رشيقة وجميلة، والعناية الخاصة بالملابس الأنيقة، وحلق الذقن وتصفيف الشعر، كل ذلك يدل على تأثر وتماهي واضح جدا بالأنوثة، بينما الأصولي، والذي هو نفسه يؤكد حالة الحرمان على نفسه، فغالبا ما تطبع على القسوة والفجاجة والطباع الغليظة والتعامل الجاف، إنه رجل متوتر غالبا، لا يجيد التعامل إلا بالصراخ والضجيج وهو يصر دائما على جعل قيافته التي تشي بالبؤس بمثابة نموذج يجب أن يعمم، إنه يبدو دائما بملامح واجمة حزينة، كئيب عابس، يتسم بميل رومنطيقي لكل شيء عفا عليه الدهر وشرب، وإذا ما اتسم بقدر كبير من الحمق فإنه يعمد لإطالة لحيته فيبدو مشوها حدا لا يمكن احتماله على الإطلاق.
لهذا كله كان الاختلاط ضرورة حضارية –أو لنقل نتيجة حتمية لها- تتجلى تماما في كل عناصرها الثقافية الماثلة في الفن والأدب والأديان، والحقيقة لا يمكن تصور شاعر من دون أن يتعثر بامرأة جميلة ليبدأ في قرض شعر الغزل، ولا فنانا تشكيليا أو موسيقيا لم يتذوق طعم المغامرة العشقية التي تلهب أحاسيسه فتجعله مهيئا لتلقي المؤثرات الخارجية الجميلة وصبها في قوالب فنية تضفي على الحياة بهجة وانشراح و"أنوثة".
http://middle-east-online.com/?id=69547
مواقع النشر (المفضلة)