السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
[poem=font="simplified arabic,6,white,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/38.gif" border="groove,4,gray" type=1 line=0 align=center use=ex num="1,white"]
حَتّام َ يَا هِيْفَاْءُ أَنْتَظِرُ ؟= هَيّا وَإِلا يَنْقَضِي العُمُرُ
يَومَانِ مَرّا دُونَ رُؤْيَتِكمْ = إِنْ تَصْبُرِي لا لَسْتُ أَصْطَبِرُ
هِيْفَاءْ فِيمَ أَرَاكِ هَانِئَة ؟ = وَأَنَا بِقَلْبِي النّار ُ تَسْتَعِرُ
أَوَلَسْتِ عَاشِقَة ً تُبَادِلُنِي =حُبَّا ً بِحُبِّ كِيفَ يَا قَمَرُ ؟
إِنْ كُنْتِ صَادِقَة َ الودَادِ ألا = زُرْتِ الْفَتَى كِي يَنْعَمَ البَصَرُ
هِيفَاءُ قَدْرَ مَحَبّتِي لَكُمُ = يَهْوَى الْفُؤادَ الحزنُ والكَدَرُ
وَتَرِي حَزِيْنٌ حِيْنَ أَعْزِفُهُ =إِنْ تُقبِلي قدْ يَفْرَحُ الوَتَرُ
هذا هواكِ اشْتَدَّ سَاعِدُهُ = فَأَصَابَ قَلْبِي الضّعْفُ وَالخَوَرُ
لَو نِلْتُ مِنْكُمْ مَا أُؤمّلُهُ = ما ضَرَّنِي سُهْدٌ وَلا سَهَرُ
أَقـْــرَحْتِ رُوحِي مِنْ بُعَادِكُمُ = فَكَأَنَّ دَمْعَ الْرُوح ِ يَنْهَمِرُ
هِيفَاء ُ كَادَ الْقَلْبُ مِنْ فَـَـرَق ٍ = مِنْكُمْ إٍلَى نِصْفِين ِ يَنْشَطِرُ
إِنْ كَانَ هذا الْهَجْرُ مِنْ غُنُج ٍ = مِنْ غير ِما جُرْم ٍ سَأَعْتَذِرُ
أو كانَ ذاكَ الصّدُّ مِنْ مَلَل ٍ = فَنِهَايَتِي أنَّي سأَنْتَحِرُ
فَعَسَى أَنَالُ بُعَيدَ ذاكَ رِضَا ً = فِي الْقَبْرِ حِيْنَ تَضُمُّنِي الْحُفَرُ
بَلْ كِيفَ تَنْعَمُ رُوح ُ مُنْتَحِر ٍ؟ = مَا كَانَ مُعْتَبِرا ً فَيَزْدجِرُ
عَبْدٌ أَضَاعَ الْعُمْرَ فِي لَعِب ٍ = وَأَنَابَ لَمّا مَسَّهُ الْضَرَرُ
يَا رَبُّ فَاغْفِرْ ذَنْب َ مُعْتَذِر ٍ = أَنْتَ الْغَفُورُ وَأنْتَ مُقْتَدِرُ[/poem]
شعر : ظميان غدير
**************
قراءة الناقد والشاعر الاستاذ / عبد الرحيم محمود
ظميان غدير الشاعر الباحث عن العشق يرتاد أفق المستحيل
زورقه نحيل العيدان ، رقيق الشراع ، لين المجاديف ـ لا
تقوى
على الريح العاصف ولا القاصف ، ومع ذلك يغامر الشاعر
بروحة فيلقي بها في أمواج النينو !!
هو بقصد أو بغير قصد - وكثير من الشعراء لا يقصدون - هو
يستعمل الحروف الاستعلائية العميقة ، المفخمة ، كالصاد ،
والحاء ، والطاء ، القاف ... الخ ، والحروف الشديدة تلك
تعبر عن حالة الضيق التي هو بها ، فهم حينا يفتح له الباب
وحينا يصفق في وجهه ، فهو متذمر حائر يتفتت من داخله
فنراه يتساءل بضيق ويريد من هيفاء اختصار وقت انتظار
الجواب كما اختصر حتام ، فاتشديد دليل الضيق ، والاختصار
دليل رغبة شديدة لسرعة الجواب ، وعدم تطويل وقت عذابه
فهو يقول :
حَتّام َ يَا هِيْفَاْءُ أَنْتَظِرُ ؟= هَيّا وَإِلا يَنْقَضِي العُمُرُ
يَومَانِ مَرّا دُونَ رُؤْيَتِكمْ = إِنْ تَصْبُرِي لا لَسْتُ أَصْطَبِرُ
- وتهصف به ريح الشك ، فيتساءل :
هِيْفَاءْ فِيمَ أَرَاكِ هَانِئَة ؟ = وَأَنَا بِقَلْبِي النّار ُ تَسْتَعِرُ
أَوَلَسْتِ عَاشِقَة ً تُبَادِلُنِي =حُبَّا ً بِحُبِّ كِيفَ يَا قَمَرُ ؟
إِنْ كُنْتِ صَادِقَة َ الودَادِ ألا = زُرْتِ الْفَتَى كِي يَنْعَمَ البَصَرُ
- ثم يصف حالة تشتته وتمزق نفسه من الداخل فيقول :
هِيفَاءُ قَدْرَ مَحَبّتِي لَكُمُ = يَهْوَى الْفُؤادَ الحزنُ والكَدَرُ
وَتَرِي حَزِيْنٌ حِيْنَ أَعْزِفُهُ =إِنْ تُقبِلي قدْ يَفْرَحُ الوَتَرُ
هذا هواكِ اشْتَدَّ سَاعِدُهُ = فَأَصَابَ قَلْبِي الضّعْفُ وَالخَوَرُ
- ولكنه هنا يقع في ورطة فيضيء أمام هيفائه الضوء
الأحمر القاني ، فهو يحدد ما يريد ، ولكنه في ما ذكر قد
يثير الشكوك والارتياب والحذر في هيفاء ومن حقها أن
تحذر فاستعمال لو هنا جاء بإدانة لحبه هذا ، فيقول :
لَو نِلْتُ مِنْكُمْ مَا أُؤمّلُهُ = ما ضَرَّنِي سُهْدٌ وَلا سَهَرُ
- ترى لو نال ما يرجي ماذا سيكون موقفه ؟ هل يشتعل به
الشوق أم تهدأ براكين عشقه ، لن أجيب عنه فهو قد أجاب .
- ثم ينتقل لاستبطان داخلي ليستدر عطف هيفاء ، وأظنه
بعد البيت السابق لن ينجح ، فيقول :
أَقـْــرَحْتِ رُوحِي مِنْ بُعَادِكُمُ = فَكَأَنَّ دَمْعَ الْرُوح ِ يَنْهَمِرُ
هِيفَاء ُ كَادَ الْقَلْبُ مِنْ فَـَـرَق ٍ = مِنْكُمْ إٍلَى نِصْفِين ِ يَنْشَطِرُ
إِنْ كَانَ هذا الْهَجْرُ مِنْ غُنُج ٍ = مِنْ غير ِما جُرْم ٍ سَأَعْتَذِرُ
- ثم يوجه تهديدا قد تختبره به هيفاء فهل سينفذ تهديده
أم هو كلام شاعر فحسب ، فيقول :
أو كانَ ذاكَ الصّدُّ مِنْ مَلَل ٍ = فَنِهَايَتِي أنَّي سأَنْتَحِرُ
فَعَسَى أَنَالُ بُعَيدَ ذاكَ رِضَا ً = فِي الْقَبْرِ حِيْنَ تَضُمُّنِي الْحُفَرُ
بَلْ كِيفَ تَنْعَمُ رُوح ُ مُنْتَحِر ٍ؟ = مَا كَانَ مُعْتَبِرا ً فَيَزْدجِرُ
عَبْدٌ أَضَاعَ الْعُمْرَ فِي لَعِب ٍ = وَأَنَابَ لَمّا مَسَّهُ الْضَرَرُ
- ثم يتراجع لأنه يعرف أن المنتحر لا يغفر له فيستغفر
الله عن مجرد التفكير بالانتحار ، فيقول :
يَا رَبُّ فَاغْفِرْ ذَنْب َ مُعْتَذِر ٍ = أَنْتَ الْغَفُورُ وَأنْتَ مُقْتَدِرُ
وبهذا يرق حينا ويصعب حينا يعبر عن القلق الشديد الذي
يعتريه ، ويطلب العون والمغفرة بعد أن تعب وأخذ منه الجهد
كل مأخذ ، فينتظر الجواب ، وأنا لا أتوقع أن يصله جواب
سريع بما يفرحه فيستريح !!
**************
مواقع النشر (المفضلة)