[align=center]السلام عليكم

القصيدة الفصيحة.. تلكم الجمانة المتلألئة واللؤلؤة البديعة والتي زهد فيها من

لا يعرف قدرها ولم يذق شهدها، فبخل على نفسه وأسهم في تصحر مشاعره

وتبلد إحساسه دون أن يشعر. أتدري لماذا أخي القارئ؟ لأنه استبدل الذي هو أدنى

بالذي هو خير، ولم يكلف نفسه أن يقتطع من وقته ويقلب بصره في قراءة أرقى

الألفاظ وأبدع المعاني وأجمل التراكيب وأروع الأساليب وأمتع الصور.. زاهداً في

الارتقاء بفكره وتنمية ثقافته. وإني لأعجب ممن يتهم زماننا ويطلق عليه زمن

التصحر الشعري.. وكأني به يرى أنه لا شعراء في هذا الزمن. ألا يعلم من يقول :

إننا في زمن التصحر الشعري أن هذا الوطن الغالي يزخر ويحفل بطاقات شعرية

مبدعة وفرسان شعر أصيلين وكوكبة متميزة من أرباب الفصاحة والبيان؟ ولكن

وآهٍ من لكن! لم تتح لهم الفرصة ولم تسلّط عليهم الأضواء كما سلطت على شعراء

العامية، وكأنه مكتوب عليهم التواري خلف الكواليس وفي الزوايا.. ومع ذلك لم

يخنعوا ولم يستسلموا لهذا الجحود والنكران والإغفال، فأبدعوا وأمتعوا فالقصيدة

الفصيحة شامخة شموخ الجبال الرواسي باسقة كنخلة معطاء حتى وإن أهملها

الإعلام ووسائله ولم يعرف قدرها بعض من رجال المجتمع وأبنائه .. وأنها لو

أعطيت ثلث – والثلث كثير- ما أعطيته القصيدة العامية لرأيت الهطول المستمر

والخصوبة الممتعة والجمال الآسر والبيان الخلاب.. فنحن نمتلك شعراء فصحى

كثرا، بل وشاعرات.. ولعل المتابع يتذكر عند وفاة الإمامين الجليلين عبدالعزيز بن

باز ومحمد بن عثيمين - رحمهما الله - كيف غصت الصحف وحفلت المجلات

بقصائد هي من عيون الشعر وروائعه؟!

علماً بأن الفرصة لم تتح في الصحف إلا لثلاثة أسابيع وقد تقل، وحُجب الكثير من

القصائد عن النشر كما أفردت مؤلفات بمجلدات جمعت عيون الرثاء فيهما.إذاً لعلك

–أخي القارئ- تتفق معي أن الإعلام بوسائله صحفاً ومجلات وإذاعات سبب كبير

وداعم رئيس للشعر، ثم إن قلبت بصرك يمنة ويسرة في وسائل إعلامناتجد أنه

لاتخلوصحيفة يومية من صفحة أو تزيد مهتمة بالشعر العامي،بل وهناك مجلات

خاصة به وبرامج إذاعية وتلفازية وفضائيات خاصة متعددة حتى وصل الحال

بالشعر العامي أن يكون مبتذلا وأصبح يركب موجته ويمتطي صهوته

- إن كان له صهوة - من ليس أهلاً له.. فخلا من المتعة الرائعة والفكرة

الراقية والعاطفة الصادقة والمعاني السامية إلا القليل والقليل فقط .

وإني لأهتبل الفرصة لأوجه دعوة منبعها الفؤاد ورسولها القلم وبريدها هذا

المنبرالراقي.. دعوة للجميع بعودة صادقة ومنصفة لهذه الجمانة

المتلألئة القصيدة العالمية التي تخترق الآفاق وتتغلغل في الأعماق وإعطائها حقها

وإنزالها منزلتها اللائقة بها.. فهي بنت اللغة الخالدة خلود العصور والدهور

وإن كنتم تنظرون إلى الجمهور والعريض الذي حظي به

الشعر العامي فليست الكثرة عبرة إذ هي مذمومة بنص كتاب الله { وإن تطع أكثرمن

الأرض يضلوك عن سبيل الله ****** أمانعلم أننا بتجاهلنا للقصيدة الفصحى بنت اللغة

الخالدة نسهم بشكل مباشر -شعرنا أو لم تشعر-

في حرب ضروس شعواء ضد الفصحى لغة القرآن؟

أيحمد من يعق أمه؟!! أعداؤنا يجتهدون ويبذلون في تعلم لغتنا بغية حربنا

ونحن نجفوهاونطلق عليها ألفاظاً نشازاً: معقدة، جافة، مقيدة، ثقيلة

إن الفخر كل الفخر بالإمساك بزمامها والتمكن من بيانها وارتداء

أردائها والتقرب إلى الله بذلك ففيه الأجر والخير.. .

أحبتي القراء ! عذرا إن قسا قلمي أو نبا حرفي أو كبا أسلوبي..

فما أنا إلا واحد من أبناء لغة القرآن الذين يستظلون بأفيائها الباردة

ويرتشفون مياهها العذبة ويستعذبون نسائمها العليلة..

ويرونها الحضن الدافئ والصدر الواسع الذي يبثونه همومهم من خلاله ويسكبون

على جبين وريقاتهم بمداد حروفهم ما يجيش في خواطرهم ويخالج مشاعرهم.

مقال رااائع للاخ \ عبدالله الغانم
[/align]