مدونة نظام اون لاين

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 10

الموضوع: آغآثآ كريستي.... [آلحِصآن آلآشهَب]

  1. #1
    ... عضو مـاسي ...


    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,413
    معدل تقييم المستوى
    2

    Rose آغآثآ كريستي.... [آلحِصآن آلآشهَب]

    آلسَلآم علِيْكم وَرحمة آلله وبَركآته


    صبآحكم \ مُعطَر بـ ذّكر آلرحمـَن

    مسآءكم \ يُختَم بـ نُوْر آلقُرْآآن

    مِيْن مِن مَن يُحِب آلرِوآيَآت مآ يَعرِف آغآثآ ؟؟!!

    آكِيْد آلكِل يَعرِفهآ وَقآرِيْ مِن كُتبهَآ ...

    آنآ آلحِيْن بَقرآ ثآنِيْ رِوَآيه لِي مِن آغآثآ ... وَحبِيْت تِشَآركُونِي فِيْهآ




    .... الحِصَان الأَشْهَب ....

  2. #2
    ... عضو جديد ...


    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    5
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي


    يعطيك العافية ..

    ماعندك رابط لتحميييييل الرواية ؟

  3. #3
    ... عضو مـاسي ...


    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,413
    معدل تقييم المستوى
    2

    افتراضي

    يعطيك العافية ..

    ماعندك رابط لتحميييييل الرواية ؟


    ./



    آلله يِعَآفِيْك وَيُعآفِيْ مَرْضى آلمُسْلمِيْن

    آنآ آلحِيْن آكتِب آلفَصْل آلآوَل ع’ آلوُورْد

    وكِل مآ كِتَبْت فَصِل نَزَلتَه

    نَوَرتِ





    \.

  4. #4
    ... عضو مـاسي ...


    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    1,413
    معدل تقييم المستوى
    2

    افتراضي

    توني مخلصَة كِتَآبَة آلفَصْل آلآوَل وآن شآءْ آلله آذّآ قِمت كِتَبْت آلفَصِل آلثآنِيْ






    مقدمة مارك إيستبروك

    يبدو لي أنه يوجد لمعالجة حادث ((الحصان الأشهب)) الغريب أسلوبان, ورغم كل النظريات فإنه يصعب تبسيط الأمر. إن المرء لا يستطيع أن يبدأ من البداية حتى النهاية ثم يتوقف, إذ أين هي البداية؟ وبالنسبة لأي مؤرخ فإن هذه هي الصعوبة دائماً. عند أي نقطة في التاريخ يبدأ ذلك الجزء المعين من التاريخ؟

    وفي هذه القضية, يمكنك أن تبدأ من اللحظة التي ينطلق منها الأب غورمان من بيته لزيارة امرأة تحتضر, أو يمكنك أن تبدأ قبل ذلك من أمسية معينة في تشيلسي.

    وربما أختار أنا البدء من تلك الأمسية, طالما أنني أنا الذي أكتب بنفسي الجزء الأكبر من أحداث هذه القصة.





    الفصل الأول

    علا صوت آلة القهوة ورائي بفحيح كأنه أفعى غاضبة. كان لصوتها شيء يوحي بالشر, وفكرت بأن معظم ضوضائنا المعاصرة تعطي هذا الإيحاء, فصيحات الغضب العالية المرعبة للطائرات النفاثة تعبر السماء, وتلك الدمدمة البطيئة المخيفة لقطار الأنفاق عندما يقترب من المحطة, والشاحنات الثقيلة التي تهز أركان بيتك عندما تمر أمامه... حتى الأجهزة المنزلية الصغيرة اليوم –رغم أنها مفيدة فيما صنعت له- تحمل أصواتها نوعاً من التحذير والرعب: جلاية الصحون, والثلاجة, وقدور الضغط, والمكنسة الكهربائية... كلها تبدوا وكأن لسان حالها يقول: " ... احذر, أنا جني مسخر لخدمتك, ولكن إذا فشلت في السيطرة عليّ... ".
    عالم خطير... إنه عالم خطير فعلاً.
    حركت الفنجان الموضوع أمامي. كانت رائحته جميلة.
    - ماذا تريد أيضاً؟ شطيرة لحم وموز؟
    بدت لي تلك تشكيلة غريبة وغير متجانسة, فالموز يذكرني بأيام الطفولة, أما اللحم فيرتبط بذهني بالبيض. ومع ذلك –عندما تكون في تشيلسي- يجب أن تأكل ما يأكله أهالي تشيلسي. وافقت على شطيرة الموز واللحم.
    وبالرغم من أنني عشت في تشيلسي (حيث كانت لي شقة مفروشة هناك في الأشهر الثلاثة الأخيرة) إل أنني كنت أشعر بالغربة في هذه المنطقة. كنت أكتب كتاباً عن مظاهر معينة للفن المعماري المغولي, ولهذا الغرض كان بوسعي العيش في أي مكان: هامبستيد أو بلومزبري أو ستريثام أو تشلسي, الأمر سيان بالنسبة لي. كنت لا أدرك شيئاً مما حولي باستثناء ما كان يهمني في حرفتي, كما أن الجيران المحيطين بي لم يعبؤوا بي أبداً, فقد كنت أعيش في عالمي الخاص المستقل.
    وفي هذه الأمسية -بالذات- عانيت من إحدى تلك التغيرات المفاجئة التي يعرفها جميع الكتاب. الفن المعماري المغولي... الأباطرة المغول... الأسلوب المغولي في الحياة... كل هذه الأشياء, إضافة إلى جميع المشكلات التي تثيرها الحياة المغولية أصبحت –فجأة- غباراً ورماداً. بماذا تهمني؟ ولماذا أريد الكتابة عنها؟
    عدت بضع صفحات للوراء, وأعدت قراءة ما كتبته. بدا لي كله مكتوب بأسلوب سيء ومتماثل ولا يثير أي إهتمام. بلا شك لقد كان محقاً ذلك الذي قال:(( التاريخ هراء)) ( أهو هنري فورد؟...).
    دفعت بأوراق المخطوطة بعيداً باشمئزاز ونهضت ونظرت إلى ساعتي. كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة ليلاً, وحاولت أن أتذكر إن كنت تناولت العشاء أم لا... ظننت –من خلال أحاسيسي الداخلية- أنني لم أتناوله. الغداء تناولته, نعم, في مطعم أثينام, وقد كان ذلك منذ وقت طويل.
    ذهبت وبحث في الثلاجة. كانت فيها قطعة متبقية من لسان مجفف. نظرت إليها فلم أُسِغْها, لذلك خرجت إلى شارع كينغ ودخلت أحد المقاهي التي تقدم القهوة السريعة واسمه مقهى ((لويجي)), وكان الاسم مكتوباً بالنيون الأحمر على نافذته. وها أنا أتأمل –الآن- شطيرة الموز واللحم وأنا أفكر في الإيحاءات الشريرة لضوضاء حياتنا اليوم وتأثيراتها على المحيط الذي نوجد فيه.
    أزّت ماكينة القهوة في أذني مرة أخرى. أشرت إليهم ليحضروا لي فنجاناً آخر من القهوة ثم نظرت حولي. كانت أختٌ لي تتهمني دائماً بأنني لست قوي الملاحظة ولا ألاحظ ما يدور حولي. كانت تقول: " أنت تعيش في عالم خاص بك". أما الآن فقد لاحظتُ ما يدور حولي. كان من المستحيل أن لا تقرأ عن مقاهي تشيلسي وزبائنها في الصحف كل يوم, كانت هذه فرصتي لتقويم ودراسة الحياة المعاصرة.
    كان الجو معتماً في المقهى, لذلك لم تكن الرؤية ممكنة بوضوح, ومعظم الزبائن كانوا من الشباب الصغار. لم يكونوا جيل الرفض, بل مما يمكن أن أسميه جيل ما بعد الرفض. فقد ظهرت الفتيات القذرات كما أراهن دوماً هذه الأيام, كما يبدو أنهن يلبسن ملابس ثقيلة بقصد الدفء. لاحظت ذلك عندما خرجت قبل بضعة أسابيع لتناول العشاء مع بعض الأصدقاء, فالفتاة التي تجلس بجانبي كانت في العشرين من عمرها تقريباً, وكان المطعم حاراً, ولكنها كانت تلبس كنزة صوف صفراء وتنورة سوداء وجوربين من الصوف الأسود والعرق يتصبب من وجهها طوال فترة جلوسها, كانت رائحتها نتنة كرائحة الصوف الذي يشرب العرق, كما أوحت لي رائحة شعرها بأنها لم تغسله منذ فترة طويلة, وحسبما قاله أصدقائي, فإنها كانت جذابة جداً, ولكنها لم تكن كذلك في نظري! كنت أرغب لو أقيتها في حمام ماء ساخن وأعطيتها قطعة من الصابون لتستحم جيداً! وأحسب أن ذلك يُظهر –تماماً- إلى أي مدى كنت بعيداً عن تطورات الزمن...
    صحوت من تلك التأملات على صوت قوي مفاجئ, فقد بدأت شابتان على طاولة مفاجأة لي شجاراً بينهما. وحاول الشابان اللذان بصحبتهما تسوية الأمور ولكن دون جدوى, وفجأة بدأتا بتبادل الصراخ وصفعت واحدة منهما صاحبتها فقامت الثانية بإيقاع الأولى عن كرسيها. تشابكتا بالأيدي كما يتصارع الرعاع وصرختا وهما تتسابّان بطريقة هستيرية. كانت إحداهما ذات شعر أحمر أشعث والأخرى ذات شعر أشقر أملس. لم أعرف شبب الشجار الذي بدأ بينهما, وتدافعت في أذني عبارات الشتائم وصرخات وصيحات الاستهجان من الطاولات الأخرى.
    جاء صاحب المقهى (وكان نحيفاً إيطالي القسمات, وأظنه لويجي الذي أطلق اسمه على المقهى) ليتدخل بينهما بصوت ذي لهجة لندنية خالصة: كفّا عن ذلك... توقفا... توقفا... ستجمعان علينا الناس. سأستدعي لكما الشرطة. قلت لكما توقفا.
    لكن الفتاة الشقراء كانت ممسكة بصاحبتها من شعرها تشده بقوة وهي تصرخ: ما أنت سوى قذرة خطافة للرجال!
    ردت الثانية: بل أنت القذرة.
    ثم قام لويجي والشابان المُحرجان برفقة الفتاتين بالفصل بينهما. كانت الفتاة الشقراء قد نزعت خصلات كبيرة من شعر الفتاة الحمراء وكان الشعر بين أصابعها. رفعت يدها عالياً بنشوة المنتصرة وألقت بالشعر على الأرض.
    فُتح الباب المؤدي على الشارع بقوة ووقفت ((السُلطة)) بملابسها الزرقاء عند العتبة! سأل الشرطي بكل فخامة الشرطة: ما الذي يجري هنا؟
    تشكلت على الفور جبهة مشتركة في وجه العدو. قال أحد الشابين: مجرد لهو ولعب.
    قال لويجي: هذا كل ما في الأمر.. مجرد لهو بين الأصدقاء.
    ثم دفع خصلات الشعر بقدمه تحت أقرب طاولة, وتبادلت المتحاربتان الابتسامات المزيفة. ونظر الشرطي إلى كل واحد من الموجودين نظرت ارتياب.
    قالت الشقراء بلطف. إننا ذاهبون الآن... هيا يا دوغ.
    وبالمصادفة كان العديد من الزبائن الآخرين يهمون بالخروج. راقبهم الشرطي عابساً وهم يخرجون. كانت عينه تقول إنه تغاضى عن الأمر هذه المرة فقط... ثم انسحب ببطء.
    دفع مرافق الفتاة الحمراء الفاتورة, قال لويجي للفتاة التي كانت ترتب وشاحها: هل أنت بخير؟ لقد أساءت ((لو)) التصرف معك بتمزيق شعرك من جذوره بهذا الشكل.
    قالت الفتاة بدون اهتمام: "إنها لم تؤذنِي". ثم ابتسمت له وقالت: أنا آسفة على هذا الشجار يالويجي.
    خرج الجميع وفرغ المقهى. تحسست جيبي لأدفع الثمن, وقال لويجي وهو يرقب الباب: " إنها ذات روح رياضية دون شك" .
    ثم امسك بالفرشاة وكنس خصلات الشعر.
    قلت له: لا بد أن ذلك كان مؤلماً جداً.
    اعترف لويجي قائلاً: كنت سأصيح ألماً لو كنت مكانها, لكن تومي هذه ذات روح رياضية حقيقية.
    - هل تعرفها جيداً؟
    - آه, إنها تأتي إلى هنا نعظم الليالي. اسمها توماسينا تاكرتن. هذا اسمها الكامل, ولكنها معروفة هنا بتومي تاكر, وهي غنية جداً أيضاً. ترك لها والدها ثروة, ولكن ماذا تحسبها تفعل بها؟ إنها تأتي إلى تشيلسي وتعيش في غرفة منتنة قرب جسر واندسورث وتتسكع في المنطقة مع عصابة تعيش كلها على نفس المنوال... وما يدهشني أكثر أن لأكثر من نصفهم أموالاً. يمكنهم أن يحصلوا على أي شيء يريدونه ويقيموا في أضخم الفنادق إن أرادوا, ولكن يبدوا أنهم يحصلون على شيء من الإثارة في حياتهم بهذا الشكل. نعم... إن ذلك يحيرني.
    - لو كنتَ مكانهم: هل ستختار هذه الحياة؟
    - أنا رجل عاقل... ولكنني أحصل على أرباح منهم!
    نهضت لكي أذهب وسألته عن سبب الشجار.
    - آه, لقد سرقت تومي من الفتاة الأخرى صديقها. ولكن صدقني, إنه لا يستحق هذا الشجار عليه!
    قال لويجي بأريحية: إن ((لو)) فتاة رومانسية جداً.
    لم تكن تلك هي نظرتي للرومانسية, ولكني لم أقل ذلك.
    * * *
    بعد ذلك بأسبوع وقعت عيني على أحد الأسماء في عمود الوفيات بجريدة ((التايمز)). كان الخبر يقول:
    توفيت الآنسة تاكرن في الثاني من أكتوبر في أمبرلي
    عن عمر يناهز العشرين عاماً. اسمها توماسنيا تاكرتن,
    وهي الإبنة الوحيدة للرحال توماس تاكرتن الحامل
    للقب فارس, من كارينغتن بارك, أمبرلي. الجنازة
    خاصة. لا ورود.

    * * *
    لا ورود للمسكينة تومي تاكر ولا مزيد من الإثارة في الحياة في تشيلسي. لقد أحسستُ بتعاطف سريع مفاجئ مع أمثال تومي تاكر في هذا الزمن. ومع ذلك ذكرت نفسي: " كيف أعرف أن وجهة نظري هي الصحيحة؟ من أكون حتى أسميها حياة ضائعة؟ ربما كانت حياتي أنا, حياتي الهادئة والعلمية المغمورة في بطون الكتب والمنعزلة عن العالم والناس, هي الحياة الضائعة... حياة من الدرجة الثانية. لأكن صادقاً الآن, هل أجد إثارة في هذه الحياة؟ فكرة غريبة جداً. إن الحقيقة بالطبع هي أنني لم أطلب الإثارة, ولكن ربما كان علي أن أطلبها!".
    إنها فكرة غريبة ولا تلقى كثيراً من الترحيب من جانبي.
    صرفت عن تفكيري تومي تاكر وعدت إلى مراسلتي. كانت أهم رسالة هي تلك التي تلقيتها من ابنة عمي رودا ديسبارد وتطلب مني فيها تقديم خدمة لها. تعلقت بهذه الخدمة حيث لم أكن أشعر بمزاج للعمل هذا الصباح, وكانت هذه عذراً رائعاً لتأجيل العمل.
    خرجت إلى شارع كينغ وأوقفت سيارة أجرة انطلقت بي إلى محل إقامة صديقة لي هي السيدة أريادني أوليفر.
    كانت السيدة أوليفر كاتبة روايات بوليسية معروفة مشهورة, وكانت خادمتها ميلي ((تنّيناً)) يحرس سيدته من عاديات العالم الخارجي.
    رفعت حاجبيّ متسائلاً دون أن أتلفظ بالسؤال, فأومأت ميلي برأسها بقوة وقالت: اصعد إليها مباشرة يا سيد مارك. إن مزاجها متعكر هذا الصباح, وقد تستطيع مساعدتها في الخروج من حالتها هذه.
    صعدت الدرج وطرقت على أحد الأبواب طرقات خفيفة, ثم دخلت دون أن أنتظر السماح لي بالدخول. كانت غرفة عمل السيدة أوليفر كبيرة الحجم وجدرانها مغطاة بورق عليه رسومات طيور مختلفة تبني أعشاشها في غابات استوائية, أما السيدة أوليفر ذاتها فكانت في حالة تبدو أقرب للجنون وتذرع الغرفة جيئة وذهاباً وتتحدث مع نفسها. نظرتْ إليّ نظرةَ لا مبالاةٍ قصيرةً ثم أكملت دورانها. كانت عيناها تنظران إلى الجدران دون تركيز, ثم تلقيان نظرة خارج النافذة, ومن وقت لآخر تغلقهما وكأنها تعاني من ألم عظيم.
    تساءلت السيدة أوليفر بإلحاح: لماذا؟ لماذا لم يقل البله فوراً إنه رأى الببغاء؟ لماذا لم يقل ذلك؟ لم يكن بمقدوره أن لا يراه! ولكن إن ذكر فعلاً أنه رآه فإن ذلك سيدمر كل شيء. لابد من وجود طريقة... لا بد...
    زمجرت وعبثت بأصابعها بشعرها الرمادي القصير... أمسكته بيد غاضبة ثم قالت وقد نظرت إليّ فجأة: مرحباً يا مارك... إنني سأصاب بالجنون.
    ثم تابعت شكواها: ومونيكا أيضاً... كلما حاولت جعلها أكثر لطفاً كلما أصبحت أكثر إثارة للغضب. فتاة غبية... كما أنها راضية بنفسها! مونيكا... مونيكا! أظن أن الاسم غير مناسب. نانسي؟ هل ذلك أفضل؟ جوان؟ الكل اسمهن جوان. سوزان؟ لقد استخدمت هذا الاسم. لوسيا؟ لوسيا؟ لوسيا؟ أحسب أنني أستطيع تخيل فتاة باسم لوسيا: ذات شعر أحمر تلبس كنزة ذات ياقة مرتقعة... وبنطالاً أسود ضيقاً... أو جوارب سوداء.
    لكن هذه الفرحة القصيرة نغّصها تذكّر مشكلة الببغاء, فتابعت السيدة أوليفر مشيتها في الغرفة بحزن وهي ترفع بعض الأغراض عن الطاولات دون تركيز ثم تضعها ثانية في مكان آخر. ثم تنهدت وقالت: إنني سعيدة لأنه أنت.
    - هذا لطف منك.
    - كان يمكن أن يكون غيرك... امرأة سخيفة تريد مني إقامة سوق خيري, أ رجلا يريد أن يتحدث التأمين الخاصة بميلي والتي ترفض ميلي أخذها قطعياً... أو السباك. وقد يكون شخصاً يريد إجراء مقابلة معي... ليطرح تلك الأسئلة المحرجة التي تتكرر في كل حين: ما الذي جعلك تفكرين باحتراف الكتابة؟ كم قصة كتبت؟ كم جمعت من الأموال؟ إلخ... إلخ... إنني لا أعرف الإجابة على أي واحد منها, مما يجعلني أبدو كالحمقاء. ليس هذا ما يهمني لأنني أظن أنني سأصاب الجنون بسبب أمر هذا الببغاء.
    قلت متعاطفاً معها: أهي فكرة تستعصي على التجسيد؟ ربما كان من الأفضل أن أرحل.
    - كلا, لا تفعل, فأنت تلهيني عن هذا الموضوع على أية حال.
    قبلت هذا الإطراء المشكوك فيه. ثم سألتني السيدة أوليفر بكرم غامض: هل تريد لفافة تبغ؟ هناك بعض اللفافات. نظرت في غطاء آلة الطباعة.
    - شكراً لك, لدي علبة لفافات. خذي واحدة. آه... لا, فأنت لا تدخنين.
    قالت السيدة أوليفر: ليتني كنت أدخن... مثل رجال التحري الأمريكيين هؤلاء الذين يضعون علب لفافات التبغ في جيوبهم والتي يبدو أنها تحل كل مشكلاتهم. أتعرف يا مارك, إنني حقاً لا ادري كيف يمكن لأحد أن ينجو بجريمة قتل ارتكبها في الحياة الواقعية. يبدو لي أنك في اللحظة التي ترتكب فيها جريمة قتل يكون كل شيء واضحاً إلى أبعد حد.
    - هراء, لقد عملتِ الكثير منها.
    - كتبتُ خمساً وخمسين قصة بوليسية على الأقل. نعم, إن الجريمة سهلة جداً وبسيطة, ولكن حجبها هو الأمر الصعب. أعني: لماذا يكون الفاعل أي شخص أخر عداك؟ إنك تبقى بعيداً أميالاً عن مسرح الجريمة.
    - لكن هذا لا يكون في النسخة الأخيرة الكاملة.
    قالت السيدة أوليفر بغموض: آه, لكن هذا ما يكلفني كثيراً. قل ما تشاء, ولكن ليس من الطبيعي أن يوجد خمسة أشخاص أو ستة في مكان الجريمة عندما يقتل شخص ويكون لدى الجميع دافع لقتله... إلاّ إذا كان شخصاً كريهاً إلى حد كبير, وفي هذه الحالة لن يهتم أحد إذا قتل أو لم يُقتل, ولن يهتم أيضاً بمن قتله.
    - لقد فهمتُ مشكلتك. ولكن إن كنت قد تعاملت معها خمساً وخمسين مرة بنجاح فإنك ستنجحين في التعامل معها مرة أخرى
    - هذا ما أقوله لنفسي المرة تلو الأخرى, ولكني في كل مرة لا أستطيع تصديقه, ولذلك أشعر بعذاب كبير.
    أمسكت السيدة أوليفر بشعرها وشدته بعنف, فصرختُ: لا تفعلي ذلك, ستخرجينه من جذوره.
    - هراء.. إن الشعر قوي. ولكني –عندما أصبت بالحصبة وأنا في سن الرابعة عشرة وكانت حرارة حسمي مرتفعة- تساقط شعري... كل الشعر القريب من جبهتي, كان مخزياً جداً, وقد احتاج ستة أشهر حتى نما ثانية. إنه شنيع بالنسبة لفتاة, فالفتيات يتأثرن كثيراً من هذا. لقد فكرت بالأمر بالأمس عندما كنت في زيارةٍ لماري ديلافونتين في درا الرعاية تلك, وكان شعرها يتساقط كما تساقط شعري, وقالت إنها ستضع باروكة حتى تتحسن حالتها... ولكن إذا كنت في الستين من عمرك فإن الشعر لا ينمو مرة أخرى في الغالب.
    قلت: لقد رأيت فتاة تشد فتاة أخرى من شعرها من جذوره قبل أيام. (وقد شعرت وأنا أقول ذلك بنبرة فخر خفيفة في صوتي باعتباري امرءاً خَبِرَ الحياة).
    سألتني السيدة أوليفر: ما هذه الأماكن الغريبة التي تزورها؟
    - حدث هذا في أحد المقاهي في تشيلسي.
    - آه, تشيلسي! أظن أن كل شيء يحدث هناك, الفوضويون والشيوعيون وجيل الرفض. إنني لا أكتب عنهم كثيراً لأنني أخشى من الخطأ في المفردات والأسماء. أظن أن من الأسلم للكاتب أن يبقى في إطار ما يعرفه. ومع ذلك يمكنك أن تأخذني إلى مقهى في تشيلسي في أحد الأيام... لمجرد إغناء تجربتي.
    - في أي وقت تشائين. هذه الليلة؟
    - ليس الليلة. إنني مشغولة كثيراً في الكتابة.. أو بالأحرى في القلق لعدم استطاعتي الكتابة. إن ذلك هو –حقاً- أكثر ما يضجر في مسألة الكتابة... رغم أن كل شيء مضجر في الواقع, باستثناء تلك اللحظة التي ترى فيها أن كل ما تفكر فيه سيكون فكرة رائعة ولا تحتمل الانتظار. قل لي يا مارك: هل تعتقد أن من الممكن قتل شخص بواسطة التحكم عن بعد؟
    - ماذا تقصدين بالتحكم عن بعد؟ أن تضغطي على زر فتنطلق منه إشعاعات قاتلة؟
    - لا, لا, ليس الخيال العلمي.
    سكتت مترددة ثم قالت: في الحقيقة أنا أعني السحر!
    - هل تقصدين الأجسام الشمعية وبداخلها الدبابيس؟
    قالت السيدة أوليفر بازدراء: الأجسام الشمعية لا تستحق الذكر. لكن أموراً غريبة تحدث في أفريقيا أو في جزر الهند الغربية, فالناس يقولون ذلك دائماً.. كيف يتلوى السكان على الأرض ثم يموتون. يسمونها هناك ((الجوجو)). على أية حال, أنت تعرف ما اعنيه.
    قلت: إن كثيراً من ذلك يُعزا هذه الأيام بقوة الإيحاء. تقال كلمةٌ لضحية بأن موته قد قرره الطبيب ثم يقوم عقله الباطن بعمل الباقي.
    قالت السيدة أوليفر متأففة: لو أشار إلي شخص بأنني محكوم عليّ بأن أستلقي وأموت لتلذذت بإحباط آماله!
    ضحكتُ وقلت: لأن في عروقكِ دماء غربية اعتادت الشك منذ قرون, لا أوهام مسبقة لديك.
    - إذن أنت ترى إمكانية حدوث ذلك؟
    - لا أعرف عن هذا الموضوع ما فيه الكفاية حتى أحكم عليه. ما الذي ذكرك به؟ هل ستكون رائعتك الجديدة بعنوان ((جريمة قتل بالإيحاء))؟
    - لا, يكفيني تماماً سم الفئران القديم أو الزرنيخ أو الأداة الحديدة الثقيلة التي لا تخيب ضربتها, وأفضل الابتعاد عن الأسلحة النارية إن كان ممكناً, فالأسلحة النارية مخادعة. لكنك لم تأت إلى هنا لتتحدث معي حول قصصي.
    - بصراحة, لا. الحقيقة أن ابنة عمي رودا ديسبارد عندها مهرجان في الجمعية و...
    - لن أكررها ثانية! أتعرف ماذا حدث في المرة الأخيرة؟ لقد قمت بالتخطيط لمسابقة كشف القاتل وأول ما حدث هو وجود جثة حقيقية. إنني لم أتخلص من آثار ذلك الحادث!
    - إنها ليست مسابقة البحث عن القاتل. كل ما عليك أن تفعليه هو أن تجلسي في خيمة وتوقعي على قصصك... مقابل خمسة شلنات كل مرة.
    قالت السيدة أوليفر متشككة: حـ.. حسناً, لا بأس بذلك. هل سيكون عليّ افتتاح المهرجان؟ أو قول أشياء سخيفة؟ وهل علي ارتداء قبعة؟
    أكدت لها أن شيئاً من ذلك لن يكون مطلوب منها, ثم قلت مشجعاً: وسيكون ذلك لمدة ساعة أو اثنتين فقط. وبعده ربما ستكون مباراة كريكت.. لا, أظن أن ذلك لن يحدث في هذا الوقت من السنة. ربما ستكون فقرة للعب الأطفال, أو مسابقة الثياب المتنكرة.
    قاطعتني أوليفر بصرخة مدوية: هذه هي.. كرة الكريكت! بالطبع! يراها من النافذة ترتفع في الهواء, فتلفت انتباهه.. ولذلك لا يذكر الببغاء أبداً إن قدومك إليّ جميل يا مارك.. أنت رائع!
    - إنني لا أفهم تماماً...
    - قد لا تفهم, لكنني أفهم... إنها مسألة معقدة ولا أريد إضاعة الوقت في الشرح. إن رؤيتك شيء رائع, وما أريده منك الآن أن تذهب... فوراً!
    - بالتأكيد, ولكن ماذا بخصوص المهرجان؟
    - سأفكر بالأمر, لا تزعجني الآن. أين وضعت نظارتي؟ يا إلهي! كيف تختفي الأشياء...؟
    * * *

  5. #5
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    13,396
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    شكرا موكا

    ويعطيك العافية

    وأغاثا غنية عن التعريف

المواضيع المتشابهه

  1. حصريا...مقابلة مع الكاتبة الشهيرة أغـــاثا كريستي
    بواسطة دقات قلبي في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 17-11-2005, 07:23 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •