أوباما يصرح بأنه يتحمل مجموعة من الأخطاء أدت إلى محاولة تفجير طائرة أمريكية في يوم الميلاد.
رغم إن الإدارة الأمريكية قامت بالكثير من الإجراءات الأمنية والمراجعات والتشديدات في المطارات والدراسات حول قوائم الأسماء وغيرها... وجد من يتحمل هذا الخطأ الأمني، وبمجرد تصريح الرئيس الأمريكي فهو يضع نفسه أمام مسؤولياته، وعبر عن ذلك قائلاً أنه فشل واسع بالترتيبات الأمنية، في اللحظة التي لا نسمع أو نشاهد مسؤول فلسطيني يعترف منذ أكثر من خمسة وأربعون عاماً أنه أخطأ في أية إجراءات عملية أو ترتيبات سياسية حولت مسار القضية الفلسطينية، وأن جميع قادة وفصائل العمل الوطني مترفعون عن الأخطاء وما يصيب قضيتنا من مصائب هي عبارة عن مكائد خارجة عن إرادتهم، فأحداث الأردن ولبنان واتفاقية أوسلو والخلاف الفلسطيني والانقسام كله عبارة عن مؤامرات مصدرها الكيان الصهيوني أو الحكومات الرسمية العربية وليس للقادة أي دور بما وصلت إليه السياسية الفلسطينية فالمتربعون على رأس الفصائل والمالكون الوحيدون لسياستها لا يصدر منهم أية أخطاء، والجيد في ذلك أنهم يحولون انتكاسات الشعب الفلسطيني إلى انتصارات، فالخروج من الأردن والحفاظ على الثورة كان انتصاراً، والخروج من لبنان عام 1982 كان انتصاراً، وتوقيع اتفاق أوسلو كان انتصاراً، والموافقة على دولة بحدود 1967 والاعتراف بالكيان الصهيوني كان انتصاراً، والدخول إلى المتاهة الكيان الصهيوني كان انتصاراً، وحصار الرئيس عرفات واستشهاده كان انتصاراً، وانتخاب الرئيس محمود عباس ومشاركة حماس بالانتخابات البلدية والتشريعية بضغط أمريكي ونجاحها مقابل وقف العمليات كان انتصاراً، والانقسام الفلسطيني وسيطرة حماس على غزة بالسلاح، وإنهاء المقاومة المسلحة في الضفة وسيطرة أمن السلطة انتصاراً، فهل هذه جميعاً المذكورة أو الغير مذكورة انتصارات حقيقية وتسجل في سجل الخالدين لأصحابها أم هي حقيقة انتكاسات؟ وهل بقاء حماس بقوتها في غزة بعد الحرب الأخيرة عليها إذا علمنا أنها أوقفت الصواريخ ووقعت مع نفسها تعهد بوقف الصواريخ، والبحث عن انتصارات تسجل لها أمام السلطة الأخرى في الضفة كان انتصاراً.
هل نريد كسر الحصار أو إنهاءه أو مقاومة الاحتلال أو تأمين حياة كريمة للمواطنين أو الاستمرار بالعمل لمواجهة سياسات الكيان المدروسة عبر ردات فعل غير مدروسة، هل سنعلن الدولة بحدود 1967 بدون استمرار للمفاوضات بالحدود الموجودة أم سنعمل لإتمام المفاوضات، الكثير من الانتصارات والانتكاسات المتداخلة معها، حتى أننا لم نستطع التمييز لأننا ضعفاء حيث أننا أصبحنا نعتبر أن بقاء الشعب الفلسطيني على جزءاً من أرضه انتصاراً دون أن ندرس ما يحاك لهذا الشعب من مؤامرات أو ما ينتظره من مآسي.
لذلك نتمنى من قياداتنا المنتصرة دائماً أن تجلب لنا انتصاراً حقيقياً ولو لمرة واحدة، ونحن نعلم جميعاً أنهم قادرون على تحقيقه كونه له علاقة بهم فقط إذا امتلكوا الإرادة الأزمة ولو لمرة واحدة، وهذا الانتصار هو انتصار على جزء من المصالح الضيقة لبعض فصائله، حيث نتمنى أن تكون بداية عام 2010 بشرى لمصالحة فلسطينية تخرجنا مما نحن فيه من ضعف وتضع أمام الشعب الفلسطيني خطة عمل وأهداف واضحة تتيح لجميع الأطراف العمل يد بيد لتحقيقها ولو لمرة واحدة، حيث لا نشاهد طرف يعمل وآخر يسعى لإفشال ما يعمل عليه، أي توحيد المسار الفلسطيني بعد أن أصبح هناك مقاربة عملية على المستوى السياسي بين الفصائل مجتمعة، وهذا ما سنعتبره بداية حقيقية لانتصارات قادمة، ولا نطلب من القيادة أن تعترف بأن ما جرى من انقسام وضعف هو مجرد فشل في السياسة الفلسطينية في المرحلة السابقة، ونقبل تحميل الكيان الصهيوني مسؤولية ذلك.
وهو الانتصار الحقيقي الأول.. الذي سيبشر بانتصارات قادمة...




منقول بقلم الكاتب / يوسف عياش