عزوف الشباب عن القراءة وتهجين اللغة...
في زمننا هذا زمن السرعة وتعدد الأراء والتكنولوجيا الحديثة والسريعة، وكذا العولمة التي إنساق وراءها الجميع وذلك لما قدمته من إغراءات ، وكذا طهور عالم أو عوالم الانترنيت أو ما يعرف "بالقارة السابعة " التي بصمت بصمتها في عقول الشباب ولما لا نقول استلهمت بزخاريفها الكبار والصغار من جميع الفئات العمرية، وتعدد وسائل اكتساب المعرفة التي باتت كالشلال في عصرنا، وهذه الوسائل إما أن تكون مقروءة أو مسموعة أو مرئية أو إتخذت شكلا آخر،ولما لا فكل يوم تظهر أشياء جديدة لتباغتنا بشكلها الجذاب الذي قد يجرف معه البعض بأضوائه اللامعة، ولكن القراءة هي الركن الأساسي واليسير وذلك لما تمتاز به من يسر وبساطة، والتحرر في مجالاتها وميولاتها وعدم التقيد بأية قيود ويبقى الكتاب هو الرفيق والأنيس الوحيد الذي لا يملك ولا يمن عليك ، لكن ومع كامل الأسف أن معظم الشباب في عصرنا هذا عصر العولمة والتقدم بأضوائه اللامعة، ولكن القراءة هي الركن الأساسي واليسير وذلك لما تمتاز به من يسر وبساطة، والتحرر في مجالاتها وميولاتها وعدم التقيد بأية قيود ويبقى الكتاب هو الرفيق والأنيس الوحيد الذي لا يملك ولا يمن عليك ، لكن ومع كامل الأسف أن معظم الشباب في عصرنا هذا عصر العولمة والتقدم العلمي و التكنولوجي و السرعة و الغلبة للأقوى بتنا مائلين نحوأ سرع الطرق في القراءة والمعرفة وليس فقط في الجانب المعرفي بل السرعة هي هاجسنا الوحيد في كل الجوانب في جلب المال والوصول إلى أعلى المراكز وكل شيء فالسرعة هي مسعى الجميع مهما كانت النتائج مرضية أو غير مرضية المهم هو الوصول بسهولة وبدون عناء إلى معلومة أو شيء من هذا القبيل، لهذا إبتعدنا عن القراءة المثمرة والنافعة وقطعنا كل الصلة بها،وبات هاجس كل الشباب اليوم هو الاتجاه المفرط والضال نحو وسائل الإعلام بجميع أشكالها وأصنافها وأغمض الطرف على جانبها الإيجابي من بث بعض البرامج الدينية والتثقيفية وإنساقوا نحو جانبها السلبي بحيث استهواهم الجانب الترفيهي، وبالتالي ضاعت عقول الشباب، بقوا بدون ثقافة تنمي شخصيتهم وتساعدهم على الانتقاء والتميز وتكوين شخصية قائمة الذات وقوية يعتمد عليها وهذا كله دفعهم إلى ارتكاب أخطاء شنيعة من العيب كل العيب التحدث عنها أو حتى مناقشتها مع أحد على مستوى النطق أو البلاغة أو النحو وتضيع معاني الكلمات والوقوع فيما يسمى " بالعرنسة" مثلا التحدث باللغة العربية التي يتم تهجينها بكلمات من اللغة الفرنسية وبالتالي الوقوع في الخلط الغير المفيد بالنسبة للغة العربية ونظيرتها الفرنسية وهذا العمل أصبح شنيعا في وقتنا هذا إذ بتنا نلاحظ نزوح قوي للغة الشات " أو الميساجات ، فلغة الشات التي تستعمل في الفضاء السايبيري التي يتحدث بها الشباب وهي دارجة الفرنسية التي لا تـنسب للفضاء الفرنسي ولا العربي المحض وهذا مشكل خطير في حد ذاته إذ بتنا نقتص تدريجيا للغتنا الأم ( العربية ) ونقع بالتالي في متاهات عارمة و حتى اللغة الفرنسية ثم التطاول عليها بدرجتها وإدخال في قاموسها بعض الأرقام باعتبارها حروف يعبر بها القارئ عن مغزاه في رسائله أو في الفضاء السايبيري وحتى في الفضاء الخارجي بين الشباب. إذن من هو المنتج الأول لهذه الظاهرة ؟ وماعواقب هذه العادات السيئة التي أصبح حتى المثقف والعارف يستعملها ؟ وماهي الميكانيزمات الأساسية والضرورية للنزوح عن هذه الظاهرة الخطيرة ؟ إنها أسئلة طرحها الجميع قبلي من المثقفين وذوي العقول النيرة، لكن أجوبتها بقيت معلقة لحد الآن مادامت الظاهرة تنمو بسرعة كالبرق، وقاموا باحثين عدة بدراسة هامة حول هذا الموضوع وفي البحث عن أصل و مكمن الظاهرة، " لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن " " إنها تتفشى يوم بعد يوم لأنها دخلت بيوتنا ومدارسنا وجميع الأنحاء التي يعمر فيها الجنس البشري إنها أصبحت عادة جماعية مشتركة يصعب البعد أو الإقلاع عنها، في نظري أن هذه العادة أصبحت كفيروس يدخل في جسم الإنسان وعقله ولا يمكن إخراجه إلا بمشقة الأنفس وهذا نظرا للبعد كل البعد عن القراءة الهادفة والمطالعة الصائبة وحب التعليم وتكوين الرصيد المعرفي والتعود والابتعاد عن كل ما يحرف أو يزعزع اللغة الأم " العربية " ، وحتى نظيرتها الفرنسية، لكل قواعدها الخاصة بها، فأصبح بسهولة تامة نمو لغة دخيلة وجديدة يتعامل بها الجيل الجديد وباتت تقتحم حتى حقول الطبقة المثقفة إذ أصبحوا حتى هم يتعاملون بها، وهذه الظاهرة ظهرت مع تكاثر وسائل الإعلام وبروز العولمة، وكدا ابتعاد الشباب وجميع الفئات المجتمعية من قراءة الكتب التي لها قيمة ووزن في ساحة المعرفة ككتب لكبار الكتاب و الناقدين والفلاسفة مثل ( ابن رشد والفارابي وابن سينا...) وغيرهم من الكتاب لاكتساب معارف ثقيلة لكتاب له وزن ثقيل، لا قراءة بعض المجلات التي لا دور لها إلا إفساد عقول الشباب بحيث تعمل على إصدار بعض المواضيع الساخنة وصور تشمئز منها النفوس ومقالات تافهة كان هم أصحابها هو الكسب المادي ، وبالتالي اختلط الصحيح بالسقيم وأصبح الشاب القارئ يفضل هذه المجلات نظرا لشمولها على صور كثيرة ومتنوعة وبعض الموضوعات الصغيرة التي تقرأ في دقيقتين عوض أن يقرأ كتاب كبير يأخذ وقته الثمن لساعات طويلة أو يوم أو بعض يوم ولكن الفائدة ستعم أكثر من القارئ السريع والمتعدد لموضوعات تافهة وغير مجدية. وبعد أن قمت بإبراز الأسباب الأولى التي نتج عنها السبب الثاني سأعمد إلى طرح بعض الحلول التي قد تكون هادفة لترسيخ مبدأ القراءة والمطالعة التي قد تكون فال خير على النزوح عن ظاهرة العزوف عن القراءة وبالتالي الابتعاد عن تهجين اللغة، وهي كالتالي: إدراك ومعرفة الفوائد التي تكمن في القراءة ، وذلك في تكوين ورفع المستوى الثقافي عند الشخص وبالتالي إذا أصبح الإنسان متمكن من اللغة العربية وبلاغتها ونحوها بالتالي سنبتعد عن الوقوع في الخطأ وتعلم كذلك اللغة الأجنبية (أي الفرنسية وغيرها من اللغات... )، سيتكلم بها مباشرة بدون أن يعمد إلى تهجينها وبالتالي سيصبح عندنا إنسان مثقف وعارف ومتمكن ونبتعد عن الملفوظات التي يتلفظ بها الشباب وعامة الناس في جل الفضاءات وكذلك حث الأبناء على قراءة القرآن وحفظه لأنه يكسب ثواب الدنيا والأخرة ويقوي الركيزة الدينية وتصبح عندهم القدرة على الحفظ والفهم والاستيعاب وتخزين المعلومة، ولا ننسى حتى في الجانب التعلمي من فصاحة اللسان وبلاغة ونحو ، وكذلك غرس عادة القراءة منذ الصغر عند الأطفال وتعويدهم على ذلك ، وقراءة كتب لها وزن وقيمة معرفية لا الكتب والمجلات التي لا تهدف إلى شيء وهذه الكتب يكون هدفها مادي لا غير، وكذلك متابعة ما يصدر من الكتب ومحاولة الحكم عليها وإغناء الساحة بالنقد الهادف والبناء الذي يبعد الضعاف عن تسلق ذرى التأليف، وإذا توفرت هذه الشروط لن نقع في التخليط والتهجين وبالتالي ستصبح لغتنا سليمة وتعلمنا بناء وهادف ونحترم كل لغة حسب قواعدها ومناهجها، لتحبيب القراءة والمطالعة للشباب وكل الفئة المجتمعية وتقوية دعامة المجتمع المعرفية وبتالي الإقلاع عن ظاهرة "العرنسة" التي تفشت بسرعة مهولة في جل المجتمعات، إذن ما هي الأسباب الأكثر عمقا والغامضة وراء عزوف الشباب عن القراءة ؟ وما هي الجهود المبذولة أكثر للإقلاع عن هذه الظاهرة ؟
بقلم الكاتبة / سليمة العماري
مواقع النشر (المفضلة)