يتم الحديث الان عن مبادرة عربية جديدة بخصوص التسوية السياسية في الشأن الفلسطيني وتقود هذه المبادرة مصر والسعودية وفي هذا الاطار يتحرك وزير خارجية السعودية بنشاط لكسب المواقف العربية والفلسطينية للمبادرة وفي هذا السياق جاء استقبال خالد مشعل رئيس حركة حماس على اعلى مستوى في السعودية وابلاغه برسالة واضحة قريبة من التهديد بضرورة تعديل في الخط السياسي لتجنب ضربة محتملة من قبل اسرائيل..وتتسرب بعض تفصيلات المبادرة والتي تحظى بتاييد امريكي واوروبي والتي تتضمنها رؤية اوباما لحل المسالة الفلسطينية.

بعيدا عن الانهماك في مناقشة التفصيلات من المهم التوجه أولا الى تدبر المرحلة التي تاتي فيها هذه المبادرة على المستوى الاقليمي والدولي لكي ندرك تماما ماذا يراد منها..ونستعين في ذلك بالمبادرات السعودية السابقة لاسيما مبادرة الامير فهد في مطلع الثمانينات والتي اعقبتها حرب لبنان واخراج المقاومة الفلسطينية منه والتي انتهت الى مؤتمر فاس الثاني الذي قدم اول اعتراف باسرائيل ثم مبادرة الملك عبدالله في مطلع القرن الحادي والعشرين و التي كان ثمنها محاصرة ياسر عرفات ومنعه من الخروج او القاء كلمته في مؤتمر القمة المنعقد ببيروت ومن ثم مقاطعته من قبل كل الرؤساء العرب انتهاء بقتله في المقاطعة مسموما والان تجئ المبادرة السعودية في ظل تهديدات اسرائيلية بعملية الرصاص المصبوب2..فهل بدات المغامرة العربية الجديدة للقضاء نهائياعلى طموح الشعب الفلسطيني في امكانية تحقيق بعض اهدافه السياسية..؟

الموضوع لالبس فيه او غموض ذلك ان هذه التحركات الحالية شانها شان ماسبقها لاتريد خيرا بفلسطين او الامة وانها تاتي فقط تلبية لطلب امريكي واضح للتسهيل على الامريكان في تنفيذ استراتيجيتهم قي بلداننا العربية والاسلامية ليتمكنوا من حسم بعض معاركهم في مواقع خطرة كافغانستان والعراق واليمن.

ان الغباء السياسي وحده من يجعل بعض الناس يصدقون ان هذه الحكومات تتحرك لصالح الامة ومستقبلها .. فالتاريخ المعاصر للمنطقة شهد سلوكا منضبطا لهذه الجهات لايمكن وصفه الا بانه يسير في تهيئة الظروف لانتصار الاستراتيجية الامريكية..وماكانت المواقف طيلة عشرات السنين الا ترجمانا لهذه الرؤية .. فلقد وقفوا مع العراق عندما حارب ايران لكنهم وقفوا ضده عندما اعلنت امريكا الحرب عليه..وقفوا ضد حكومة افغانستان عندما كان يدعمها الروس ويقفون معها اليوم لما تعاملت مع الامريكان ..بالامس حاربوا الاحتلال الروسي وجندوا الاف الشباب بحجة الدفاع عن الاسلام ضد الاستعمار الروسي واليوم يحاربون ويطاردون المجاهدين الذين يحاربون الاستعمار الامريكي لافغانستان.

ان حربا شرسة قادمة على فلسطين وعلى غزة بالذات وقد تتمدد الى لبنان وسوريا في محاولة لترتيب طويل الامد في المنطقة لتتفرغ امريكا لحروبها..ولكنها مغامرة خاسرة وكما تورط الامريكان في افغانستان والعراق فانهم لن يكسبوا الجولة في فلسطين.


بقلم الكاتب / صالح عوض