ط¬ط±ظٹط¯ط© ط§ظ„ط±ظٹط§ط¶ : ط§ظ„طھظ…ط±ظٹط¶ ط¨ظٹظ† ط§ظ„ط±ط³ط§ظ„ط© ظˆط§ظ„ظˆط¸ظٹظپط©



على قامة الريح

التمريض بين الرسالة والوظيفة

فهد السلمان
أعتقد أن ما لا يقل عن 70% من نجاح الخدمات الصحية يقوم على التمريض والخدمات المساندة ، فالتمريض هو الذي يتابع حالة المريض أولا بأول ويسجل تطورات حالته وتفاعله مع الأدوية والعقاقير التي يتناولها ، والخدمات المساندة كفنيي المختبرات والأشعة وغيرها هي التي تعطي الصورة الدقيقة للطبيب ليقرر على ضوئها ما تستحقه هذه الحالة أو تلك ، ومهما كانت مهارات الأطباء وكفاءاتهم العلمية فإنها تبقى عديمة الفائدة والجدوى ما لم تستند إلى مهارات تمريضية وفنية مؤهلة .. وعلى هذا الأساس فالتمريض ليس مجرد وظيفة أو مهنة لأنه عمل شاق يقوم بالدرجة الأولى على الحس الإنساني ، ويعتمد على قدر كبير من الوجدان الذي يمزج الوظيفة بالرسالة ليكونا بالنتيجة شأنا واحدا لا ينفصل أحدهما عن الآخر .. بمعنى أن مهمة التمريض لا يمكن إلا أن تكون وظيفة ضمان اجتماعي ما لم تكن مسبوقة برغبة إنسانية في ممارستها والإحساس بتحقيق الذات في ترجمة رسالتها السامية وأهدافها العظيمة .
الملاحظ أننا في السنوات الأخيرة توجهنا بشكل كبير إلى وظائف التمريض على أنها شواغر وظيفية يجب أن يشغلها المواطنون والمواطنات بقطع النظر عن تلك الاعتبارات التي تشكل المعيار الأساس للقبول بمهنة التمريض ، ونشأ عن هذا التوجه أن انتشرت معاهد التمريض بأسلوب تجاري فج يكاد يبيع شهاداته بالريال لمن يدفع ، ووجد فيها بعض الباحثين والباحثات عن الوظائف للهرب من شبح البطالة المهرب الآمن للوصول إلى الغاية الوظيفية دون الاستعداد النفسي ودون التأهيل المجزي ، وعندما تنبهت الوزارة إلى هذا المأزق عالجت الخطأ فقط برفع درجة التأهيل لتعلن رفضها لأي تأهيل دون درجة البكالوريوس .. دون أن تتوقف عند مسألة الحس الإنساني والوجدان القادر على استيعاب مشقاتها ، مما يعني الاستمرار في نفس الخط .
كلنا يشاهد كل يوم كيف تتعامل بعض الممرضات بغرس الإبر في أجساد المرضى كما لو كانت بالونات جامدة بلا أي حس ، وكيف يتم تحريك هذه الإبر في كل الاتجاهات بحثا عن الوريد ، شاهدنا كيف يستعجل البعض إعطاء الحقن كهم ثقيل قبل التأكد من تنفيذ تعليمات الطبيب ، شاهدنا كيف يشيح البعض بوجوههن بكثير من التذمر لمجرد طرح سؤال هو من حق المريض ، وكأنهن لا يسألن عما يفعلن . شاهدنا كيف يبني طبيب ما احتمالاته على صورة أشعة مهزوزة ، وكيف يمضي مريض يتوجع مزيدا من الوقت بانتظار استجابة ممرضة تصر على أن تتلكأ لإتمام مكالمة جوال .
لا أريد أن أقف في صف الممرضة الأجنبية لا والله لكنني أتساءل من أوصلنا إلى هذه المشاهدات أليست هي السعودة غير المحسوبة ؟ .. ثم أيهما أهم توفير الوظيفة لأي عاطل أو عاطلة أم صحة المرضى ؟ ، ألا يمكن أن تتحقق أطراف المعادلة كاملة بتحقيق السعودة مع التأهيل إلى جانب الوجدان الإنساني بقليل من الضوابط التي تنظم الانخراط في هذه المهن الإنسانية الشريفة ، ليتوازى ما تنفقه الدولة على الخدمات الصحية مع المنتج الخدمي الذي ينجم عنها ؟