مدونة نظام اون لاين

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله وشيئ من ذكريات التعليم

  1. #1
    ... عضو جديد ...


    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    الامارات
    المشاركات
    9
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد رحمه الله وشيئ من ذكريات التعليم

    حينما أسندت وزارة المعارف لخادم الحرمين الشريفين - أعزه الله وحفظه - كانت أول مسؤولية إدارية عليا كلف بها ، وذلك في غضون عام 1373هـ كما أتذكر ، وكان عدد المتخرجين السعوديين في الجامعات العربية عامة والمصرية خاصة عددًا محدودًا ؛ فكان من سعة أفقه وكريم تطلعاته أن يختار عددًا منهم لتكليفهم بمسؤولية العمل معه ، فحرص على إقناعهم بالانتقال من أعمالهم لهذه الوزارة الناشئة ، وكنت أنا واحداً منهم ، وعملت معه - حفظه الله - منذ عام 1374هـ ، وبالتحديد في غضون ذلك العام ، وكان سبق لي أن تدارست ميزانية هذه الوزارة الوليدة بحكم عملي مديرًا عامًا للميزانية بوزارة المالية ، وكان ذلك بمدينة الرياض ، وحضر بنفسه - يحفظه الله - من حرصه على مناقشة تلك الميزانية مع رجاله الذين كانوا على رأس العمل بوزارة المعارف ، وبعد نقاش عميق وطويل تمت موافقة وزارة المالية على ما جاء ممكنًا بالميزانية المقترحة للتعليم ، وكان هناك موقف طريف فقد أمر - يحفظه الله - بإيجاد عدد من وظائف كثيرة خارج الهيئة آنذاك ؛ ولكن حينما رجعت لمرجعي - وزير المالية آنذاك معالي المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان - ارتأى تخفيض العدد ؛ لأن وزير المالية يحرص على المواءمة بين القدرة المالية ومختلف المتطلبات للوزارة والإدارات الأخرى ، فجرى تخفيض العدد للنصف ، ولم أستطع أن أتصل بمقامه الكريم لأشعره بذلك ، حتى لا تقع مشكلة بين وزيرين . وعندما صدرت الميزانية ، ولحظ ذلك عاتبني بشدة ، وقلت له : " إن ما تم كان خارجاً عن إرادتي " ، وظل - يحفظه الله - يذكر ذلك بكلمات تلمح إلى أنني أتسم بروح رجال المالية الذين لا يهمهم إلا المال أو ما في حكم ذلك ، ولذلك حينما اختارني - حفظه الله - كان يحرص أن أواجه موظفي وزارة المالية في دراسة ميزانيات المعارف بعد ارتباطي بها ، وقال : "أنت خير من يواجههم ؛ لتذوق المتاعب التي مارستها لوزارة المعارف" ، وكان في كثير من المناسبات يداعبني بذلك .
    لقد استمر عملي معه - حفظه الله - حتى هذه الأيام وارتباطي بمقامه الكريم ، فقد أصبحت وكيلاً لوزارة المعارف ، ثم وزيراً للدولة ، ورئيساً لهيئة الرقابة والتحقيق ، ثم وزيراً للحج والأوقاف ، ثم مستشاراً بالديوان الملكي . وقد كان - يحفظه الله - يحيطني بعنايته المباشرة ، وكثيراً ما اختارني عضواً في اللجنة العليا لسياسة التعليم والمجلس الأعلى للجامعات ، وعضواً بمجالس عدد من الجامعات ، وذلك فضلٌ منه ، ورعاية للمحيطين به .
    وفي وزارة المعارف كان لي عدد من الذكريات معه ، فهو - يحفظه الله - يتسم بدقة الملاحظة ، وقوة المتابعة ، وحسن الخلق ، وفن التعامل مع الآخرين.
    ومن مفاجآته التي عشت بعضها أنني ذهبت للزواج من فتاة سعودية تعيش بمصر للدراسة ، وفجأة توجه مقامه الكريم إلى لبنان ، وسأل عني ، وأخبروه أني بالقاهرة للزواج ، وإذا بي أتلقى اتصالاً هاتفياً من معالي الشيخ إبراهيم العنقري - الذي كان آنذاك مديراً لمكتبه ، حفظه الله ، ثم مستشاراً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين - يطلب مني التوجه إليهم ببيروت ، فأخبرته أني في ثاني أيام الزواج ، وما أن تمت المكالمة إذا بي أفاجأ بأمر كريم من مقامه بالتوجه إلى لبنان ؛ فأعمال الوزارة عنده - حفظه الله - أهم من أي عمل آخر ، ومن معاد القول أنه طور وزارة المعارف تطويراً كبيراً جداً ، وذلك بما له من رؤية وبصيرة ثاقبة ، وما منَّ الله عليه من سعة الأفق وحرصه على أن تتقدم بلاده ، وترتقي إلى مصاف الدول التي سبقتها ، ولولا الله ثم عزمه المستمر ومتابعته المباشرة وحرصه على رفع مستوى التعليم بالمملكة كماً وكيفاً وما يتبع هذا من رفع مستوى الإداريين والفنيين بجهاز الوزارة لولا ذلك ما تحقق للتعليم قفزاته الهائلة ، فدفع الموظفين إلى التدريب المستمر - على رأس العمل - وحرص - يحفظه الله - على الاستفادة واكتساب الخبرة بينهم وبين الخبراء المصريين والعرب ؛ ليستفيدوا من علمهم وخبرتهم ، وحرص على رفع الأداء التعليمي برفع مستوى المدرسين ، وذلك بإنشاء معاهد المعلمين ، وحرص على استقدام المعلمين من الدول العربية ؛ ليواجه بهم التوسع الذي تحقق في جميع مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي ، وكذلك في إيجاد عدد من معاهد التعليم الصناعي والزراعي والتجاري ، وأصبحت وزارة المعارف آنذاك تنشئ أو تبني مدرسة كل ثلاثة أيام في المدن والقرى ، بل الهجر ، وكان على الرغم من ثقته برجاله إلا أنه كثيراً ما كان يتأكد من صحة الإنجاز وعدم التلاعب في المقاولات بالوقوف بنفسه ، وإرسال رجال من طرفه وفي ضوء ما يتضح له يتصرف نحو إعطاء المزيد من الثقة أو سحبها ، وزاوج بين الثقافة والتعليم ، فأخذ يضم خيرة رجال الفكر والأدب والشعر ، ولم يترك منحى من مناحي التقدم التعليمي والثقافي إلا سلكه ، واستقدم خبراء من مصر لإعادة النظر في المنهج والكتاب والخطة . ومن المواقف الصعبة التي واجهها - حفظه الله - أن هناك دولة عربية كانت تمد وزارة المعارف بأكبر عدد من المدرسين ، فتوقفت عن ذلك لأسباب سياسية ، وطلبت من مدرسيها الموجودين الانسحاب ، وذلك قرب الامتحان ، وشعرنا جميعنا بصعوبة الموقف ، وتوقف الدراسة ، وليس ذلك بالأمر الهين ، وكان تفكيرنا منصباً على محاولة استرضاء تلك الدولة ؛ ولكنه - رعاه الله - سار في طريق آخر ، فحث جميع الطاقات السعودية في الوزارات الأخرى على سد هذا النقص مهما كانت الظروف ، واستجابوا لندائه، وتمت الدراسة ، وانتظمت الامتحانات ، وسارت الأمور على خير وجه . وقد حصل مثل هذا الموقف لبلد عربي كبير ، ولكنه اضطر إلى أن يتم نجاح الطلاب تلقائياً من صف إلى صف ، وبثاقب تفكيره - حفظه الله - حقق الاستمرارية حتى عادت الأمور إلى مجاريها .
    ومن مواقفه - حفظه الله - أن طلاباً سعوديين في بلد عربي اشتكوا من مضايقاتهم - وكانوا طلاباً موفدين من وزارة المعارف للتعليم الجامعي - فاجتمع برجال وزارته ، وقال : " إن علينا أن نطلب العلم من نفس المنابع التي حصل الآخرون عليها ، وإن كان هناك ضرورة لتعديل منهج ما أو سد ثغرات فلتستكمل " ، ووجه بأن توجه البعثات لبلدان أوروبا وأمريكا ، وكانت أول بعثة دراسية كثيرة العدد ، واستمر ذلك التوجيه .
    وكان ذلك في صالح المملكة وطلابها ؛ فتعددت ألوان المعرفة ، ثم كانت المفاجأة حين أصر على ضرورة إقامة جامعة سعودية ، وكنا مشفقين من تلك الرغبة ؛ لعدم وجود الإمكانيات الكافية لذلك ، ولكنه كلف لجنة من خبراء عرب ، ومن رجال وزارته ، وتمت دراسة الفكر ، ثم ما لبثت أن تحققت بإنشاء جامعة الملك سعود بالرياض التي بدأت بكليتي الآداب والعلوم ، واستقدم الدكتور/ عبدالوهاب عزام مديراً لتلك الجامعة ، ولولا الله ثم مضاء عزيمته - حفظه الله - لما تم قيام الجامعة ، فمن مناقبه الحميدة - أطال الله بقاءه - أنه لا يخضع للصعاب ، بل هو الذي يُخْضِعُ الصعاب .
    ومن أهم مآثره حزمه في مواطن الحزم ، ولكن على سياسة :
    فقسا ليزدجروا ومن يك حازمًا فليقس أحيانًا على من يرحم
    ومما لمسته في عملي معه - حفظه الله - حينما كنت مديراً لمكتبه بالنيابة عن معالي الشيخ إبراهيم العنقري أنني كثيراً ما أشعر بالحيرة إزاء مذكرة ما تلقتها الوزارة من جلالة الملك آنذاك ، أو مواضيع صعبة من بعض وزارات المعارف بالدول الأخرى ، واجتهد في إبداء ما يكتبه تحت توقيعه حفظه الله ، ولكن بعد قراءتها يجد لها مخرجاً سهلاً ، لسمو روحه ، وعلو همته ، ولهذا فقد تعلمت الكثير من مقامه ، رعاه الله .
    ومن حرصه على رسالة التعليم أنه كان يذهب بنفسه أسبوعياً إلى المدارس الثانوية وأحياناً الابتدائية ؛ ليشاهد دون سابق إنذار سير المدرسة والمدرسين والتدريس ، ويبدي ملحوظاته بعد كل زيارة .
    وقد كان حريصاً على حضور المؤتمرات التعليمية في البلاد العربية وغيرها . وكان يفاجئ أحياناً بزيارة من يبنون المدارس ، وكثيراً ما كان يعدل في رسومها لمصلحة المدرسة ومن أجل مستقبل تطورها وكل من يعرفه - حفظه الله - يعرف أن لمساته في البناء لمسات مجرب وخبير .
    وكان - حفظه الله - يحرص على مال وزارة المعارف ، فقد كان يناقش بشدة فيما يوقعه من مصروفات ، ويلغي أو يعدل ما يراه وفقاً لذلك ، وكان يشارك مشاركة مباشرة في إعداد الميزانية في كل عام ، ويوجه بدراستها في مجلس الوزراء ، ويتابع ذلك يومياً .
    أما ما لمسته من كريم أخلاقه فهو حبه للخير ، ومراعاة المحتاجين ، والحرص على رفع مستوى كل المواطنين ؛ ليصبحوا في المقدمة من أجل مستقبل أفضل، وكان يسعى بنفسه لزيارة منسوبي الوزارة في حال مرضهم في منازلهم أو في المستشفيات ، وكان يتألم إذا رأى مريضاً منهم مرضاً شديداً ، ويهيئ له كل أسباب العلاج ، ويتميز - حفظه الله - بالمقدرة على الحجة بعد معرفة أدق التفاصيل ، وكان الواحد منّا يجيء إلى مقامه ، وهو في حالة يأس ، ويشرح له ظروفه ، ولا يخرج إلا وقد احتواه بحبه ورعايته وجميل صبره .
    وكان الواحد منا يجيء لمقامه ليشكي ما يعانيه في وزاراته أو فيما يرجوه من أعمال لم تحقق بسبب مالي أو غيره ، فيتحدث معه حديث العارف الخبير ، فيخرج مستصغراً ما مرّ به إزاء تلك المعرفة .
    رحمه الله ووسع مدخله واسكنه فسيح جنته.




    و سلامتكــــــــــم

  2. #2
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    السعوديه
    المشاركات
    2,063
    معدل تقييم المستوى
    3

    افتراضي

    مشكوره اختي يعطيك العافيه

    ورحمة الله على الفقيد الغالي

  3. #3
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    قلب أمي
    المشاركات
    6,869
    معدل تقييم المستوى
    7

    افتراضي

    وكان ذلك في صالح المملكة وطلابها ؛ فتعددت ألوان المعرفة ، ثم كانت المفاجأة حين أصر على ضرورة إقامة جامعة سعودية ، وكنا مشفقين من تلك الرغبة ؛ لعدم وجود الإمكانيات الكافية لذلك ، ولكنه كلف لجنة من خبراء عرب ، ومن رجال وزارته ، وتمت دراسة الفكر ، ثم ما لبثت أن تحققت بإنشاء جامعة الملك سعود بالرياض التي بدأت بكليتي الآداب والعلوم ، واستقدم الدكتور/ عبدالوهاب عزام مديراً لتلك الجامعة ، ولولا الله ثم مضاء عزيمته - حفظه الله - لما تم قيام الجامعة ، فمن مناقبه الحميدة - أطال الله بقاءه - أنه لا يخضع للصعاب ، بل هو الذي يُخْضِعُ الصعاب .
    ومن أهم مآثره حزمه في مواطن الحزم ، ولكن على سياسة :
    فقسا ليزدجروا ومن يك حازمًا فليقس أحيانًا على من يرحم

  4. #4
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    أنا وخلي كل دار وطنا
    المشاركات
    3,886
    معدل تقييم المستوى
    4

    افتراضي

    مشكووورة
    والله يغفر له ويرحمه

    وامواات المسلمين اجمعين
    واظن هذا غيض من فيض
    مما قدم لهذا البلد الامين

  5. #5
    ... V I P...


    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    Oregon State
    المشاركات
    3,114
    معدل تقييم المستوى
    4

    افتراضي

    الف شكر لك على هالموضوع .... ورحم الله

    فقيدنا واسكنه فسيح جناته .

المواضيع المتشابهه

  1. صدق أولا تصدق... رقم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ( ابو متعب )....
    بواسطة طموحة بإحساس مجروووووحة في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05-11-2008, 04:35 PM
  2. مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 29-09-2006, 03:53 AM
  3. خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيزفي ذمةالله
    بواسطة الحـــزين1 في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 06-08-2005, 10:47 AM
  4. (سيرة موجزة عن خادم الحرمين الشريفين رحمه الله )
    بواسطة سعودي وايلي في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 03-08-2005, 02:30 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-08-2005, 06:58 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •