http://www.alriyadh.com/2010/10/11/article567046.html
حول العالم
حاجز الملح
فهد عامر الأحمدي
شح المياه أصبح ظاهرة عالمية والأمل بعد رحمة الله هو توسعنا في تحلية مياه البحر..
وبالإضافة إلى أهمية التطور التقني في هذا الموضوع أتساءل عن إمكانية زراعة كُلية إضافية للأطفال ليتاح لهم مستقبلا الشرب مباشرة من مياه البحر. فمن المعلوم أن كلية الإنسان تقوم بمهام حيوية عديدة أهمها تصفية الدم من السموم والأملاح. ورغم أن الكليتين ترشحان في اليوم الواحد قرابة 200 ليتر من الدم ؛ إلا أنه يمكن لكلية واحدة تحمل هذا العبء بدون مشاكل تذكر . أما إذا فشلت الكليتان سويا أو فاقت نسبة السموم في الدم قدرتهما على التصفية والتصريف فقد يتسمم الجسم ذاته وينتهي بالوفاة...
وكما تستطيع كلية واحدة تحمل عبء كميات كبيرة من الأملاح والسموم يمكن لكلية ثالثة وربما رابعة وخامسة مساعدتنا على الشرب مباشرة من البحر وإبعاد شبح المجاعة والجفاف.. وبالاضافة الى استنبات الكلى الطبيعية يمكن مستقبلا تصنيع كلى اصطناعية صغيرة تؤدي نفس المهمة.. وإجراء كهذا يتطلب مهارة جراحية للتنسيق بين الكلى "الأصلية" و"الإضافية" وربط الجميع بالشريان الكلوي للمساهمة في تصريف السموم والأملاح !!
والفكرة على أي حال ليست مستحيلة أو خيالية ؛ فالمخلوقات البحرية والبرمائية تملك كُلى طبيعية (ممتازة) لها القدرة على تصفية الملح من مياه البحر، في حين لا تستطيع كليتا الإنسان التعامل إلا مع معدل أملاح أقل (بقليل) من النسبة الموجودة فيها.. وبسبب هذا القصور يؤدي إفراط الإنسان في الشرب من البحر الى فشل كليتيه وبالتالي وفاته بسبب تراكم فارق الملح. وفي المقابل تستطيع كلى الأسماك والسلاحف (وحتى الجمال) التعامل مع نسبة ملح تفوق الموجودة في البحر وبالتالي الشرب منه بلا مشاكل تذكر!
... على أي حال، ما ذكّرني اليوم بهذا الموضوع هو قراءتي خبرا غريبا عن مواطن سعودي يدعى "سعد النجمي" اكتشف متأخرا أنه يعيش بكلية واحدة فقط . فخلال فحص روتيني بأحد المستشفيات اكتشف الطبيب امتلاكه لكلية واحدة فظن أنه تبرع بكليته الأخرى لشخص قريب . غير أن الرجل أكد عدم تبرعه بأي شيء كما أكد عدم إصابته بأي مرض يدعو لاستئصال الكلية .. وبعد الكشف والتحليل اتضح أنه ولد أصلا بكلية واحدة وأنه عاش طوال عمره سليما معافى بسبب إمكانية العيش ب .. كلية واحدة .. !!
ورغم ندرة هذه الحالة إلا انها ليست استثنائية أو مستحيلة ؛ فقد تتلف إحدى الكليتين أو تضمر خلال وجود الجنين في بطن أمه .. كما قد تتشكل كلية واحدة فقط بسبب خلل وراثي فريد لايتكرر إلا بنسبة واحد على ثلاثة ملايين .. وامتلاك البعض لكلية واحدة فقط حالة استثنائية لايوازيها سوى امتلاك الأخوين "جوزيب" و"آرنت" لأربع كُلى .. فبعد حادث سير عادي اكتشف أحد الأطباء أن جوزيب جاليك يملك أربع كلى تعمل بتناسق رائع . وحين أخبره الطبيب بذلك استغرب قليلا ولكنه قال "هذا يفسر قدرتي على شرب كميات كبيرة من الكحول دون تأثير يذكر" ؛ فامتلاك أربع كلى يعني قدرة أكبر على تصفية الدم من مختلف السموم بما في ذلك ام الكبائر .. ولأن شقيقه سكير مثله وشر البلية ما يضحك ذهب الى نفس الطبيب فاتضح أنه أيضا يملك أربع كلى تعمل جميعها بشكل جيد!!!
... في مدن الملح نقول عن حالات كهذه "اللهم لا حسد" !
مواقع النشر (المفضلة)