مدونة نظام اون لاين

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 7

الموضوع: كيف نفهم النجاح.. مرة أخرى؟!

  1. #1
    مشرف سابق

    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بين قلمي ودفتري
    المشاركات
    5,921
    معدل تقييم المستوى
    6

    افتراضي كيف نفهم النجاح.. مرة أخرى؟!


    طريف عيد السليطي


    كتبت في الأسبوع المنصرم عن النجاح بمعناه الخاص والشامل، وشددت على حقيقة مهمة لديّ، وهي أن النجاح الذي نعرفه إنما هو النجاح بصنفه الخاص وليس العام، أي النجاح الشخصي وليس الأممي أو الوطني أو الإنساني. إنني عندما أدلف في مكتبة من المكتبات التجارية وأشاهد أطنان الكتيبات الصغيرة عن التنمية الذاتية وتطوير المهارات الشخصية وتحسين القدرات الفردية، أشعر وقتها بالأسف على من يضيعون أوقاتهم بقراءة هذه الكتيبات “الغربية” و“الأجنبية” التي يتم نقلها وتعريبها إلى لغتنا القومية، دون انتقاء ولا فرز للجيد عن الرديء من الكتب.. إن ما يغيب عن بال القارئين لهذه الكتب أو حتى المترجمين لها والمروجين لوجودها هو حقيقة واضحة مفادها أن هذه الكتب تصلح للغرب، ولا تصلح لنا في مجتمعاتنا العربية!
    والسبب هو أن التنمية الذاتية مستحيلة أو شبه مستحيلة في مجتمعات تفتقر للتنمية الشاملة والقومية. كيف يمكن للمرء تكوين تجارة ضخمة، وهو يعاني في مجتمعه من الفقر والبطالة والفساد ووجود المرتشين والمنافقين الذين سيقطعون رزقه وسينتفون ريشه؟ كيف يمكن تعلم اللغات واكتساب الشهادات وتتويج العبقريات في مجتمعات لا تتبنى الكفاءة والموهبة، وبدلًا عنها تستعيض بمقولة “الوراثة”، كمقولة غيبية وميتافيزيقية متعالية؟ صحيح أن البعض استطاع أن “يفعلها” ويضرب ضربته، ويحقق أحلامه، وأمانيه، ولكن هذا الرجل الخارق للعادة لا يتكرر، إنه فرد واحد شذَّ عن مئات وآلاف الأفراد الذين أصابهم القنوط وأعياهم الفشل، لأن مصالحهم الخاصة لا يمكن لها أن تندفع عجلتها بسبب “فرملة” الحركة العامة لبلادهم. وهذا نفسه سببه شيوع فكرة المصلحة الخاصة لوحدها، وعدم توكيد فكرة المصلحة العامة. ثمة وهم آخر أيضًا يتجلى في اعتقاد الكثيرين بأن النضال للمصلحة العامة يترتب عليه بالضرورة التضحية بالذات والفردية وإفنائها في محيط المجتمع اللا متناهي، وهذا القول غير صحيح، بل أكاد أجزم أنه سبب كل الكوارث التي نعانيها في العالم الثالث! إن الكفاح على درجات، وليس بالضرورة مسألة استشهاد وانتحار، فالذي يكتب في الجريدة هو مجاهد على ثغر جبهة المصلحة العامة، والموظف الذي يرفض التعاطي بالرشوة والهدية هو أيضًا مقاتل من نوع خاص، ورجل الدين الذي يترك الوعظ والثرثرة الإنشائية ويتجه لدحض الفساد الأخلاقي القائم هو مجاهد يندر أن يوجد في هذا الزمان المتقلب الوجوه، والمعلم الذي يغرس في طلابه الصغار فضيلة الإيثار والعطاء للآخرين لهو أيضًا قدوة في تعزيز سبل دعم مصالح المجال العام، وهذا يعني باختصار أن المصلحة الخاصة يمكن تحقيقها والاحتفاظ بها بالتوازي مع الحرص على وجود “هم” إنساني واجتماعي.
    لقد تحولت الفكرة السائدة للنجاح إلى بحث لا ينتهي عند إشباع الحاجات الغريزية، فالبحث عن مسكن ومأوى يتصدر هذه الأفكار الاستهلاكية، وبعده يأتي البحث عن المأكل والمشرب والملبس والمال ثم الزوجة، وبعدها تأتي مشكلات الأبناء الكثيرة.. وهذا كله كفيل بغرس الأنانية في النفوس وتغييب فكرة الإيثار ونفع المجتمع. ولو أمعنّا النظر لوجدنا أن التعقيدات المادية والاقتصادية سببها الرئيس هو عدم التفكير بالمصلحة العامة خصوصًا لدى بعض المسؤولين ويتبعهم في ذلك صغار الموظفين الذين يتخذون من صورة “المسؤول” قدوة لهم، فنجد أن الهم الاجتماعي الشامل قد غاب عن وعي وإدراك الكثيرين، ومثله فإن المصالح الخاصة بالمواطنين والأفراد الكادحين قد غيبتها أطماع البعض، لا سيما من يهوون التسلق على الأكتاف وسرق اللقمة من أفواه الآخرين!
    هذا لا يعني بالطبع أن يصاب المرء باليأس والإحباط والملل، ولكن هذا هو تفكير عمومي في الوضعية الراهنة التي ولدنا ووجدنا أنفسنا فيها. إن النجاح الشخصي مهما كبر، فلن يغني عن نجاح الجماعة، وإن الطموح الفردي مهما اتسع، فلن يؤدي إلى نجاح أمم بكاملها، وإن التفكير النفعي والذاتي البحت، لن يؤدي بالضرورة إلى أفكار كبيرة تعم في خيرها الجميع. وقد يعترض معترض ويقول إن من مصلحة المجتمع نجاح أفراده، وأن هذا لا يلزم عنه “تفكير” في مشروعات شمولية، أقول إن هذا صحيح في مجتمعات ترعى مساواة الكل وتشرف على تقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة، ولكن هذا للأسف لا يحدث، فالصراع لأجل المكاسب الشخصية بات يدمر حيوات الجميع، وبات خطرًا محدقًا ينبغي التصدي له. وهذا يدفعني للقول إن النجاحات الفردية الملهمة والصغيرة قد تكون ممكنة، لكنها لن تكون بنفس سهولة التحقق حينما يكون ثمة مشروع وطني ضخم يرعى حقوق الناس، ويشرف على سير حيواتهم بأسهل الطرق وأحسنها. إن الإنسان نفسه هو قصة صراع طويلة، إنه مشروع لم يكتمل بعد كما يقول سارتر، وهذا المشروع نفسه لن ينجز غاياته وأهدافه ما لم تكن هناك وحدة تضامنية في مسألة مراعاة حقوق الآخرين وتأييد إنسانيتهم والأخذ بأيديهم وحماية وجودهم، أما أن تكون المسألة شخصية بحتة وأنانية مطلقة فهذا لن يقود إلا لمزيد من الدمار، أو في أحسن الأحوال بقاء الوضع على ما هو عليه، بكل سلبياته ومساوئه.

  2. #2
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين دجله والفراات
    المشاركات
    12,343
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: كيف نفهم النجاح.. مرة أخرى؟!

    النجاح الشخصي مهما كبر، فلن يغني عن نجاح الجماعة، وإن الطموح الفردي مهما اتسع، فلن يؤدي إلى نجاح أمم بكاملها،

    مقاله رائعه
    :25ar::24ar:

  3. #3
    مشرف سابق

    تاريخ التسجيل
    Aug 2008
    الدولة
    بين قلمي ودفتري
    المشاركات
    5,921
    معدل تقييم المستوى
    6

    افتراضي رد: كيف نفهم النجاح.. مرة أخرى؟!

    ومتابعة اروع دمتي بسعادة اختي حزينة
    :25ar:

  4. #4
    كبآآر الشخصيآت

    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    الدولة
    قلعة و1درين
    المشاركات
    12,600
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كيف نفهم النجاح.. مرة أخرى؟!

    كيف يمكن للمرء تكوين تجارة ضخمة، وهو يعاني في مجتمعه من الفقر والبطالة والفساد ووجود المرتشين والمنافقين الذين سيقطعون رزقه وسينتفون ريشه؟ كيف يمكن تعلم اللغات واكتساب الشهادات وتتويج العبقريات في مجتمعات لا تتبنى الكفاءة والموهبة،



    إن النجاح الشخصي مهما كبر، فلن يغني عن نجاح الجماعة، وإن الطموح الفردي مهما اتسع، فلن يؤدي إلى نجاح أمم بكاملها،


    مقال منطقي جداً..

    شكراً لاختيارك:25ar:

  5. #5
    روٍح ياخوٍان ما عندكـ ضميرٍ
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    2,613
    معدل تقييم المستوى
    3

    افتراضي رد: كيف نفهم النجاح.. مرة أخرى؟!

    كل الشكر لك مقالات رائعه :25ar:

المواضيع المتشابهه

  1. كيف يجب أن نفهم الشعر
    بواسطة ظميان غدير في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-11-2008, 05:35 AM
  2. خطــــــــــــــــــوات تعلم وفهم اللغة الانجليزية
    بواسطة عاصمة مملكة الحب في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 16-09-2006, 08:24 PM
  3. مات الوداد
    بواسطة SHAKUR في المنتدى قصائد وخواطر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-11-2005, 03:13 PM
  4. كيف نفهم لغة العيون؟
    بواسطة @أبو مشعل@ في المنتدى الارشيف
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 28-10-2005, 10:38 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •