::
يقول الخبر الذي نشرته صحيفة " الرياض " قبل يومين:
( اعتبرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد " الواسطة غير الحميدة " التي تتفشى في المجتمع نوعاً من
أنواع الفساد بما تحمله من أضرار اجتماعية نتيجة جهل البعض بمخاطرها ) .
انتهى الخبر ، و .. ضع - عزيزي القارئ - تحت ( غير الحميدة ) ألف خط ، وبعدها عشرة آلاف علامة تعجب !
هذه " الخصوصية السعودية " رعاها الله :
فمثلما هناك زواج طبيعي – يتم أمام الله وخلقه – هناك أيضاً زواج مسيار ومسفار ووناسة وسياحي !
ومثلما هناك اختلاط مُحرم ، هناك اختلاط جائز ، واختلاط عابر ... !
وعلى نفس السياق : الواسطة غير الحميدة تعني أن هناك ( واسطة حميدة ) يجب قبولها والتعامل
معها بشكل طبيعي !
هذه إحدى ملامح " الخصوصية السعودية " : تبتكر لك عبر اللغة كلمات جديدة لتمرير ما يُراد تمريره !..
وأحيانا يتم تغيير معنى بعض المصطلحات لتتناسب مع حاجات البعض :كتسمية( الواسطة الحميدة )بـ ( الشفاعة ).
" أجل واسطة حميدة " !! يعني كيف ؟!
الجهة المعنية في البلد بمحاربة الفساد تبتكر من الفعل الفاسد فعلاً غير فاسد ؟! .. بل وتقوم بتلميعه
ووصفه بالحميد !
ما هي أهم ملامح هذه ( الواسطة الحميدة ) ؟
هل عندما أتدخل لمساعدة أحدهم لكي يحصل لوالدته المريضة على سرير في مستشفى ، يعتبر هذا
الأمر واسطة حميدة ؟
.. ولكن هذا الأمر – بالمنطق والعقل والقانون – يعني أن المستشفى ، والعاملين به : فاسدون .. ويستحقون العقاب .
ثم أن ( واسطتي الحميدة ) لعلها أخذت السرير من أم أحدهم مرضها أشد من مرض أم صاحبي ،
وحاجتها إليه أكبر . ولماذا لا تحصل الاثنتان على سرير لكل منهما دون حاجة لواسطتي الحميدة ،
وهذا هو حقهما الطبيعي الذي لا يحتاج إلى واسطة .. أو استجداء من أي أحد .
الواسطة الحميدة جعلت قطاعاً معيّناً – ولفترة من الزمن – لا يعمل فيه سوى أبناء منطقة واحدة !
الواسطة الحميدة حرمت أحدهم من وظيفة بحجة نقص طوله 2 سم ومنحتها لآخر أقصر منه !
الواسطة الحميدة قامت بتعيين فرد واحد ، وآلاف من خريجي التخصصات الطبية ، وخريجي كليات التقنية
ينتظرون نظرة من " حميدة " !
للكاتب : محمد الرطيان
مواقع النشر (المفضلة)