::



الاعتراف بالذنب دليل الإيمان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله
وأصحابه الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، ثم أما بعــد:
فهذا اعتراف مذنب: كنت قد كتبت لأخي رسالة قبل أيام عاتبته فيها على شطحات وهفوات،
وتحدثت عن مشاعر وأحاسيس في نفسي، فظن هذا الأخ الكريم أني أعنيه بشخصه وأقصده بذاته،
فكتب إلي متبرماً متنصلاً وقال: إن سياط عتابك أوجعتني، وكلماتك آلمتني، والحق أني ما قصدته بذاته.
بل أنا لا أعرفه لا باسمه ولا برسمه، ولكني أتحدث عن أعمال وأقوال وأحوال ربما كان يلابسها الكثير منا،
-إن لم يكن كلنا؛ فجلنا- فما منا إلا وهو ذلك المخطئ المذنب، وفي سنن الترمذي بسند صحيح
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون}
فكلنا ذلك الخطَّاء، وكلنا ذلك المذنب. بل وفي حديث آخر عند الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه -
وسنده صحيح أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة، أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا،
أي إن المؤمن خلق مفتناً، تواباً، نسياً، إذا ذكر }.
فحديثي لم يكن إلى ذلك الأخ الكريم بعينه، ولقد سمعت عدداً من الإخوة يقول: أنا المقصود لولا أنني
لا أفعل كذا، وأنا المراد لولا أني لم أقل كذا، وأظن أن الخطاب لي لولا أنني ما وقعت في كذا.
إن اعتراف الإنسان بذنبه؛ هو دليل الإيمان، ودليل الشعور بالخوف من الله عز وجل،
ولهذا قال الله تعالى عن المؤمنين، بل عن المستقيمين
: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ
وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن أبي أمامة،
وهو حديث صحيح-: {إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك؛ فأنت مؤمن}.


::


::