كلمة خادم الحرمين الشريفين التي وجهها في اليوم الأول لعيد الأضحى لأبنائه من أفراد وضباط القوات المسلحة لحثهم على حماية أمن الوطن وسيادته، لم تكن كلمة فرضتها ظروف المناسبة (عيد الأضحى)، ولم تكن خطابا بروتوكوليا معدا سلفا ليملأ حيز الفراغات في الحدث الحالي.
فمن رفع رأسه بعد هذا الخطاب، واستدار بجسمه يمنة وشمالا، ورمى البصر على خطنا الحدودي في كل اتجاه من بلدنا، سوف يستشعر جيدا معنى كلمة خادم الحرمين الشريفين في هذا الوقت ... كل ما حولنا بلدان متغيرة تغيرا ينحدر بها إلى الأسفل، تغيرا جعل الشقيق يشعل النار بجسد شقيقه، والجار ينتهك حرمة جاره، والتلميذ يدوس على كل قيمة وطنية جعلت من بلده يوما ما رواية تُقرأ وتحترم في كل بلاد الدنيا، فالعراق مثلا، البلد الثقيل جداً بمنجزه الحضاري والتاريخي، أصبح اليوم من أبشع صور المأساة في العالم، وقل هذا عن اليمن ومصر.. وسورية التي جعلت من تاريخها الحافل بالإنجازات العظام فراغا ضبابيا يستعصي على أبنائه شده إلى حياتهم ومصيرهم، وكلما تذكر أبناء الشام حضارتهم السالفة زادت مأساتهم .
السيادة حصن الكرامة الوطنية، فلا كرامة لإنسان في أرضه بدون سيادة، فجيشنا السعودي البطل يستحق التقدير والإعلاء، جيش بنى عقيدته القتالية على عقيدة دينية سليمة، فلم يكن في يوم جيشاً لحزب أو فئة أو طائفة، بل هو جيش شعب آمن في عقيدته الإسلامية وانتصر بها ولها .. جيش وضع لبنته الأساسية موحد بلد شرع الله بشرع الله، ومن ذاك الزمان إلى هنا إلى أن يشاء الله أن يكون هناك، فالجيش السعودي جيش عقيدة وكرامة وأرض طاهرة، بناه عبدالعزيز ليحمي سيادة الأرض التي وحدها وبناها مع أبطال شجعان من أفراد شعبه المخلصين .
فخلف الجندي البطل الذي يقف شامخاً على الحدود يوجد ألف مسؤول ومسؤول من وزراء ومستشارين ومراتب مدنية عالية .. ولا عدو يخشى منه عليهم وعلى مسؤولياتهم أو يستطيع أن يهدم منجزنا الحضاري أو ينهب ما جمع من مال إلا ضمائرهم، فكل ضمير يغفل أو يطمع بإنجاز البلد فقد تعدى على سيادة الوطن.
فالكلمة التي يمكن أن يوجهها الجندي - الذي يقف بشجاعة على حدودنا الغالية - للمسؤولين الذين يحرسون منجزنا الحضاري : نحن بخير
ما دمتم تريدوننا أن نكون بخير.
د.مطلق سعود المطيري
جريدة الرياض