(سعيد بن عامر الجُمحى- رضي الله عنه - )


هذا الصاحبى الجليل ولاه سيدنا عمر بن الخطاب على حمص ...

وبعد ذلك أتى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ديار الشام يتفقد أحوالها ، فلما نزل بحمص لقيه أهلها للسلام عليه

فقال : كيف وجدتم أميركم ؟

فشكوه إليه وذكروا أربعاً من أفعاله كل واحد منها أعظم من الآخر
.
قال عمر : فجمعت بينه وبينهم ، ودعوت الله ألا يُخيب ظنى فيه ، فقد كنت عظيم الثقة به .

فلما أصبحوا عندى هم وأميرهم ، قلت :
ما تشكون من أميركم ؟

قالوا : لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار .فقلت وما تقول فى ذلك ياسعيد ؟

فسكت قليلاً ،

ثم قال :
والله إنى كنت أكره أن أقول ذلك ، أما وأنه لابد فإنه ليس لأهلى خادم ، فأقوم فى كل صباح فأعجن لهم عجينهم ، ثم أتريث قليلاً حتى يختمر ، ثم أخبزه لهم ، ثم أتوضأ وأخرج للناس .

قال عمر : فقلت لهم : وما تشكون منه أيضاً ؟

قالوا " إنه لا يجيب أحداً بليل

قلت : وما تقول فى ذلك ياسعيد ؟

قال : إنى والله كنت أكره أن أعلن عن هذا أيضاً .......
فأنا قد جعلت النهار لهم ، والليل لله عز وجل .

قلت : وما تشكون منه أيضاً ؟

قالوا : إنه لا يخرج إلينا يوماً فى الشهر .قلت وما هذا ياسعيد ؟

قال : ليس لى خادم ياأمير المؤمنين ، وليس عندى ثياب غير التى عليّ ، فأنا أغسلها فى الشهر مرة وأنتظرها حتى تجف ، ثم أخرج إليهم فى آخر النهار.

ثم قلت : وما تشكون منه أيضاً ؟

قالوا : تصيبه من حين إلى أخر غشية فيتغيب عمن فى مجلسه .

فقلت وما هذا ياسعيد ؟
!
فقال : شهدت مصرع خبيب بن عدى وأنا مشرك ، ورأيت قريشاً تقطع جسده وهى تقول له : أتحب أن يكون محمد مكانك ؟

فيقول والله ما أحب أن أكون آمناً فى أهلى وولدى ، وأن محمداً تشوكه شوكة ... وإنى والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف أنى تركت نصرته إلا ظننت أن الله لا يغفر لى .......... وأصابتنى تلك الغشية .
عند ذلك قال عمر : الحمد لله الذى لم يخيب ظنى به


قدم الى امير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه بعض ممن يثق بهم من اهل حمص

فقال لهم اكتبوا لي اسماء فقرائكم حتى اسد حاجتهم فرفعوا كتابا فاذا فيه فلان وفلان وسعيد بن

عامر الجمحي

فقال ومن سعيد بن عامر

فقالوا اميرنا

قال اميركم فقير

قالوا نعم و والله انه ليمر عليه الايام الطوال ولا يوقد في بيته نار

فبكى عمر حتى بللت دموعه لحيته ثم عمد الى الف دينار فجعلها في صره

وقال اقرؤوا عليه السلام مني وقولوا له بعث اليك امير المؤمنين بهذا المال لتستعين به على قضاء
حاجتك

جاء الوفد لسعيد بالصرة فنظر اليها فاذا هي دنانير فجعل يبعدها

وهو يقول انا لله وانا اليه راجعون

فهبت زوجته وقالت ماشأنك ياسعيد امات امير المؤمنين

قال بل اعظم من ذلك

قالت أاصيب المسلمون في وقعه








قال بل اعظم من ذلك

قالت وما اعظم من ذلك

قال دخلت علي الدنيا لتفسد اخرتي وحلت الفتنه في بيتي

قالت تخلص منها

قال اوتعينيني على ذلك

قالت نعم

فأخذ الدنانير فجعلها في صرر ثم وزعها على فقراء المسلمين