اعتاد الناس إقامة أبنية صغيرة يقذفون فيها كل ما شبعت عنه بطونهم ، ومجه الذوق والشهوة .. تلك هي (القمامة أو الزبالة) عفواً ، وهي ذات مصطلح آخر لا أذكره في هذا المجال.
الناظر داخل هذا البناء عند كل حي يمكنه أن يرى أخلاق البشر وأصنافهم وطباعهم ، وكل ما يمس شخصياتهم .. لأننا نجد صنوفاً من الأطعمة والمأكولات.
وهم لو لا امتلاء جربانهم لما تشجعوا أو قذفوا ببقاياهم إلى هذا المكان حيث تجري عملية إعدام بواسطة وزارة كاملة..!.
هؤلاء الذين يبعثون ببقايا مأكولاتهم إلى هنا يمثلون طبقة بشرية لا أود أن أصفها بصفات تشذ عن كونها إنسانية ، لأنهم يتصفون بما يؤذي كتاباتي هذه البرئية أن تقدم على ذكرها ..
أقول انهم طبقة لأني وجدت أناساً آخرين يقفون على بعد غير بعيد من هذه النفايات حتى يلقي الناس بفضلاتهم ، وحالتئذ يتسابقون شيوخاً وصبية ، مرضى وعجزة ، متوكئين ومسنودين ، مقودين وقائدين .. كلهم يتبارون إلى حيث قذف أجراءُ بعينهم بما جادت به فضلات بطونهم وامتلائها.
يتقاسمون ما يعثرون عليه .. هذا نصيبه علبة فارغة ، وتلك عثرت على قطعة رغيف ملطخة بمواد لم تشتم لها رائحة من ذي قبل ولم تذق لها طعماً ، وآخر يتناول في سرعة الصاعقة قطعة غارقة في حبيبات بيضاء ، فإذا هي قطعة لحم تعلقت بها أرزيات .. ثم ينصرفون إلى نفاية ثانية .. وثالثة .. و عاشرة .. ثم لم تزل بطونهم في عواء و أوعيتهم في خواء .. يجوبون هذه المسافات آملين مدفوعين .. ثم ينصرفون آخر النهار ، تاركين الأمر للخالق عزَّ و جلَّ أن يعيد نهاراً آخراً حتى يبدأوا الكفاح بعد أن غسلوا أوعيتهم الظاهرية والباطنية ، وحتى يتمكنوا من إجراء عملية التسابق والتباري ، يتحدون قاذفي البقايا وعمال وزارة الصحة بأنهم هم الصادقين فيما يعملون.