إن حاجتنا لأدب الحوار ليست حاجة نظرية تجريدية، فالأديب المسلم داعية والداعية الناجح يتمسك بأسباب النجاح، ولا يخالفها، ومثلنا الأعلى القرآن الكريم والتطبيق العملي لأدب الحوار في السنة المطهرة.
والحديث عن آداب الحوار في القرآن الكريم والسنة المطهرة يحتاج إلى مؤلفات وكتب لا ندوات، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه!!




وأدب الحوار يعني أدب تجاذب الحديث عمومًا، أما معنى [تحاوروا]: تراجعوا الكلام بينهم. والمحاورة: الجواب ومراجعة النطق. وبالتأكيد فإن هناك فروقًا بينة بين الحوار والنقاش والجدل والمراء.




أهمية الحوارللحوار أهمية كبيرة فهو وسيلة
للتفاهم بين البشر على أن يكون الحوار حرًا لا حدود تقف في طريقه إلا حدود الشرع.

أما عوائق الحوار فهي كثيرة ومنها:
الخوف، الخجل، المجاملة، الثرثرة، الإطناب، اللف والدوران، التقعر، استخدام المصطلحات غير المفهومة مثل الإنجليزية، أو الفرنسية أو غيرها أمام محاور لا يفهم معانيها، رفع الصوت من غير موجب، الصراخ، التعصب، إظهار النفس، وعدم الرغبة في إظهار الحق.

ويقول الإمام الشافعي في هذا:
ما حاورت أحدًا إلا وتمنيت أن يكون الحق إلى جانبه.



أنواع الحوار
أ ـ الحوار من حيث الشكل قسمان:

ـ حوار هادئ عقلاني مبدئي.

ـ حوار متشنج يعتمد على الصراخ.

ب ـ من حيث المضمون:

1ـ الحوار المتفتح، وعكسه المتزمت وهو القائم على المهاترة لا الرغبة في الفائدة.

2ـ حوار العلماء وحوار طلاب الشهرة، وفرق كبير بينهما. وينتج من حوار العلماء فوائد عظيمة للناس لأنه يقوم على احترام الذات والآخرين وتقبل الرأي الآخر ما دام لا يمس الثوابت في العقيدة، والإدراك أن للحوار هدفًا يراد تحقيقه بعكس حوار طلاب الشهرة الذين يريدون الانتصار للذات.

جـ ـ الحوار من منظور الأشخاص ومنه:

1ـ الحوار بين العاقل والجاهل فلابد من حلم العاقل ليعلّم الجاهل.

2ـ الحوار بين الشيوخ والشباب، فينبغي مراعاة المراحل العمرية، واختلاف الأعراف، والعلاقة بين خبرة الحياة عند الشيوخ، وجدة علم الشباب.

3ـ الحوار بين المتخصصين وغير المتخصصين.

4ـ الحوار بين الحاكم والمحكوم، وينبغي فيه احترام عقول الآخرين، واحترام قدر الحكام دون التنازل عن الموضوعية وإخلاص النصيحة بين الطرفين.



قواعد الحوار ينبغي أن يكون للحوار بين جانبين منطلقات مشتركة ليكون مجديًا، وأهمها:

1ـ الاعتماد على أسس مشتركة للحوار
كالتحاكم إلى القرآن الكريم والسنة الشريفة عند المؤمنين بهما، أو التحاكم إلى قواعد المنطق والقياس عند غيرهم.

2ـ التسليم ببدهيات المعرفة، وبدهيات السلوك
فكيف نتحاور مع من لا يرى في الصدق فضيلة، وفي الكذب رذيلة مثلاً؟!

3ـ اللياقة، واحترام الحوار
وإن لم تحترم خصمك.

4ـ الرغبة في الوصول إلى الصواب والحق
لأن التفكير في الوصول إلى الغلبة يلقي بصاحبه في لجاجة الجدل العقيم.



* للمحاور صفات أهمها:
1ـ علمه بما يحاور.

2ـ قدرته على التعبير.

3ـ حلمه وسعة صدره.

4ـ سرعة البديهة، واستحضار الشواهد، والذكاء، ويجمعها: [الحكمة]: العلم والفهم والتعبير، ومثال ذلك حكمة نبي الله إبراهيم عليه السلام في حوار النمرود إذ ألزمه الحجة:
{قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}
[البقرة: 258].