بسم الله الرحمن الرحيم

قصيدة احمد مطر حالات , اشعار احمد مطر , شعر حالات , ابيات من كلمات الشاعر احمد مطر

بالتمادي
يصبح اللص بأوربا
مديرا للنوادي .
وبأمريكا
زعيما للعصابات وأوكار الفساد .
وبإوطاني التي
من شرعها قطع الأيادي
يصبح اللص
.. رئيسا للبلاد !

إضراب
الورد في البستان
ممالك مترفة، طرية الجدران
تيجانها تسبح في برد الندى
والنور والعطور
في ساعة البكور
وتستوي كسلى على عروشها .
وتحت ظلمة الثرى
والبؤس والهوان
تسافر الجذور في أحزانها
كي تضحك التيجان !
**
الورد في البستان
ممالك مترفة تسبح في الغرور
بذكرها تسبح الطيور
ويسبح الفراش في رحيقها
وتسبح الجذور
في ظلمة النسيان
**
الورد في البستان
أصبح .. ثم كان
في غفلة تهدلت رؤوسه
وخرت السيقان
إلى الثرى
ثم هوت من فوقها التيجان !
**
مرت فراشتان
ورددت إحداهما :
قد أعلنت إضرابها الجذور !
**
ما أجبن الإنسان
ما أجبن الإنسان
ما أجبن الإنسان !

إعتذار
صحت من قسوة حالي :
فوق نعلي
كل أصحاب المعالي !
قيل لي : عيب
فكررت مقالي .
قيل لي : عيب
وكررت مقالي .
ثم لما قيل لي : عيب
تنبهت إلى سوء عباراتي
وخففت انفعالي .
ثم قدمت اعتذارا
.. لنعالي !

صندوق العجائب
في صغري
فتحت صندوق اللعب .
أخرجت كرسيا موشى بالذهب
قامت عليه دمية من الخشب
في يدها سيف قصب
خفضت رأس دميتي
رفعت رأس دميتي
خلعتها .
نصبتها .
خلعتها .. نصبتها
حتى شعرت بالتعب
فما اشتكت من اختلاف رغبتي
ولا أحست بالغضب !
ومثلها الكرسي تحت راحتي
مزوق بالمجد .. وهو مستلب .
فإن نصبته انتصب
وإن قلبته انقلب !
أمتعني المشهد،
لكن أبي
حين رأى المشهد خاف واضطرب
وخبأ اللعبة في صندوقها
وشد أذني .. وانسحب !
**
وعشت عمري غارقا في دهشتي .
وعندما كبرت أدركت السبب
أدركت أن لعبتي
قد جسدت
كل سلاطين العرب !

التكفير والثورة
كفرت بالأقلام والدفاتر .
كفرت بالفصحى التي
تحبل وهي عاقر .
كفرت بالشعر الذي
لا يوقف الظلم ولا يحرك الضمائر .
لعنت كل كلمة
لم تنطلق من بعدها مسيره
ولم يخط الشعب في آثارها مصيره .
لعنت كل شاعر
ينام فوق الجمل الندية الوثيره
وشعبه ينام في المقابر .
لعنت كل شاعر
يستلهم الدمعة خمرا
والأسى صبابة
والموت قشعريره .
لعنت كل شاعر
يغازل الشفاه والأثداء والضفائر
في زمن الكلاب والمخافر
ولا يرى فوهة بندقية
حين يرى الشفاه مستجيره !
ولا يرى رمانة ناسفة
حين يرى الأثداء مستديره !
ولا يرى مشنقة
حين يرى الضفيره !
**
في زمن الآتين للحكم
على دبابة أجيره
أو ناقة العشيره
لعنت كل شاعر
لا يقتنى قنبلة
كي يكتب القصيدة الأخيره !

مأساة أعواد الثقاب
أوطاني علبة كبريت
والعلبة محكمة الغلق
وأنا في داخلها
عود محكوم بالخنق .
فإذا ما فتحتها الأيدي
فلكي تحرق جلدي
فالعلبة لا تفتح دوما
إلا للغرب أو الشرق
إما للحرق، أو الحرق
**
يا فاتح علبتنا الآتي
حاول أن تأتي بالفرق
الفتح الراهن لا يجدي
الفتح الراهن مرسوم ضدي
ما دام لحرق أو حرق .
إسحق علبتنا، وانثرنا
لا تأبه لو مات قليل منا
عند السحق .
يكفي أن يحيا أغلبنا حرا
في أرض بالغة الرفق .
الأسوار عليها عشب
.. والأبواب هواء طلق!

هذه الأرض لنا
قوت عيالنا هنا
يهدره جلالة الحمار
في صالة القمار .
وكل حقه به
أن بعير جده
قد مر قبل غيره
بهذه الآبار !
يا شرفاء
هذه الآرض لنا.
الزرع فوقها لنا
والنفط تحتها لنا
وكل ما فيها بماضيها وآتيها لنا .
فما لنا
في البرد لا نلبس إلا عرينا ؟
وما لنا
في الجوع لا نأكل إلا جوعنا ؟
وما لنا نغرق وسط القار
في هذه الآبار
لكي نصوغ فقرنا
دفئا، وزادا، وغنى
من أجل أولاد الزنى ؟!

أحرقي في غربتي سفني
ألأنني
أقصيت عن أهلي وعن وطني
وجرعت كأس الذل والمحن
وتناهبت قلبي الشجون
فذبت من شجني
ألأنني
أبحرت رغم الريح
أبحث في ديار السحر عن زمني
وأرد نار القهر عن زهري
وعن فنني
عطلت أحلامي
وأحرقت اللقاء بموقد المنن ؟!
ما ساءني أن أقطع الفلوات
محمولا على كفني
مستوحشا في حومة الإملاق والشجن
ما ساءني لثم الردى
ويسوؤني
أن أشتري شهد الحياة
بعلقم التسليم للوثن
**
ومن البلية أن أجود بما أحس
فلا يحس بما أجود
وتظل تنثال الحدود على مناي
بلا حدود
وكأنني إذ جئت أقطع عن يدي
على يديك يد القيود
أوسعت صلصلة القيود !
ولقد خطبت يد الفراق
بمهر صبري، كي أعود
ثملا بنشوة صبحي الآتي
فأرخيت الأعنة : لن تعود
فطفا على صدري النشيج
وذاب في شفتي النشيد !
**
أطلقت أشرعة الدموع
على بحار السر والعلن :
أنا لن أعود
فأحرقي في غربتي سفني
وارمي القلوع
وسمري فوق اللقاء عقارب الزمن
وخذي فؤادي
إن رضيت بقلة الثمن !
لكن لي وطنا
تعفر وجهه بدم الرفاق
فضاع في الدنيا
وضيعني
وفؤاد أم مثقلا بالهم والحزن
كانت تودعني
وكان الدمع يخذلها
فيخذلني .
ويشدني
ويشدني
ويشدني
لكن موتي في البقاء
وما رضيت لقلبها أن يرتدي كفني
**
أنا يا حبيبة
ريشة في عاصف المحن
أهفو إلى وطني
وتردني عيناك .. يا وطني
فأحار بينكما
أأرحل من حمى عدن إلى عدن ؟
كم أشتهي ، حين الرحيل
غداة تحملني
ريح البكور إلى هناك
فأرتدي بدني
أن تصبحي وطنا لقلبي
داخل الوطن !

نهاية المشروع
أحضر سله
ضع فيها " أربع تسعات "
ضع صحفا منحله .
ضع مذياعا
ضع بوقا، ضع طبله .
ضع شمعا أحمر،
ضع حبلا،
ضع سكينا ،
ضع قفلا .. وتذكر قفله .
ضع كلبا يعقر بالجمله
يسبق ظله
يلمح حتى اللاأشياء
ويسمع ضحك النمله !
واخلط هذا كله
وتأكد من غلق السله .
ثم اسحب كرسيا واقعد
فلقد صارت عندك
.. دوله !

هوية
في مطار أجنبي
حدق الشرطي بي
- قبل أن يطلب أوراقي -
ولما لم يجد عندي لسانا أو شفه
زم عينيه وأبدى أسفه
قائلا : أهلا وسهلا
.. يا صديقي العربي !

شؤون داخلية
وطني ثوب مرقع
كل جزء فيه مصنوع بمصنع
وعلى الثوب نقوش دمويه
فرقت أشكالها الأهواء
لكن
وحدت ما بينها نفس الهويه :
عفة واسعة تشقى
وعهر يتمتع !
**
وطني : عشرون جزارا
يسوقون إلى المسلخ
قطعان خراف آدميه !
وإذا القطعان راحت تتضرع
لم تجد عينا ترى
أو أذنا من خارج المسلخ .. تسمع
فطقوس الذبح شأن داخلي
والأصول الدوليه
تمنع المس بأوضاع البلاد الداخليه .
إنما تسمح أن تدخل أمريكا علينا
في شؤون السلم والحرب
وفي السلب وفي النهب
وفي البيت وفي الدرب
وفي الكتب
وفي النوم وفي الأكل وفي الشرب
وحتى في الثياب الداخليه !
فإذا ما ظلت التيجان تلمع
وإذا ظلت جياع الكوخ
تستجدي بأثداء عذاراها لتدفع
وكلاب القصر تبلع
وإذا لم يبق من كل أراضينا
سوى متر مربع
يسع الكرسي والوالي
فإن الوضع في خير ..
وأمريكا سخيه !
**
فرقتنا وحدة الصف
على طبل ودف
وتوحدنا بتقبيل الأيادي الأجنبيه .
عرب نحن .. ولكن
أرضنا عادت بلا أرض
وعدنا فوقها دون هويه .
فبحق ( البيت )
.. والبيت المقنع
وبجاه التبعيه
أعطنا يارب جنسية أمريكا
لكي نحيا كراما
في البلاد العربيه !

حوار على باب المنفى
* لماذا الشعر يا مطر ؟
- أتسألني
لماذا يبزغ القمر ؟
لماذا يهطل المطر ؟
لماذا العطر ينتشر ؟
أتسألني : لماذا ينزل القدر ؟!
أنا نبت الطبيعة
طائر حر،
نسيم بارد ،حرر
محار .. دمعه درر !
أنا الشجر
تمد الجذر من جوع
وفوق جبينها الثمر !
أنا الأزهار
في وجناتها عطر
وفي أجسادها إبر !
أنا الأرض التي تعطي كما تعطى
فإن أطعمتها زهرا
ستزدهر .
وإن أطعمتها نارا
سيأكل ثوبك الشرر .
فليت ( اللات ) يعتبر
ويكسر قيد أنفاسي
ويطلب عفو إحساسي
ويعتذر !
* لقد جاوزت حد القول يا مطر
ألا تدري بأنك شاعر بطر
تصوغ الحرف سكينا
وبالسكين تنتحر ؟!
- أجل أدري
بأني في حساب الخانعين، اليوم،
منتحر
ولكن .. أيهم حي
وهم في دورهم قبروا ؟
فلا كف لهم تبدو
ولا قدم لهم تعدو
ولا صوت، ولا سمع، ولا بصر .
خراف ربهم علف
يقال بأنهم بشر !
* شبابك ضائع هدرا
وجهدك كله هدر .
برمل الشعر تبني قلعة
والمد منحسر
فإن وافت خيول الموج
لا تبقي ولا تذر !
- هراء ..
ذاك أن الحرف قبل الموت ينتصر
وعند الموت ينتصر
وبعد الموت ينتصر
وان السيف مهما طال ينكسر
ويصدأ .. ثم يندثر
ولولا الحرف لا يبقى له ذكر
لدى الدنيا ولا خبر !
* وماذا من وراء الصدق تنتظر ؟
سيأكل عمرك المنفى
وتلقى القهر والعسفا
وترقب ساعة الميلاد يوميا
وفي الميلاد تحتضر !
- وما الضرر ؟
فكل الناس محكومون بالإعدام
إن سكتوا، وإن جهروا
وإن صبروا، وإن ثأروا
وإن شكروا، وإن كفروا
ولكني بصدقي
أنتقي موتا نقيا
والذي بالكذب يحيا
ميت أيضا
ولكن موته قذر !
* وماذا بعد يا مطر ؟
- إذا أودى بي الضجر
ولم أسمع صدى صوتي
ولم ألمح صدى دمعي
برعد أو بطوفان
سأحشد كل أحزاني
وأحشد كل نيراني
وأحشد كل قافية
من البارود
في أعماق وجداني
وأصعد من أساس الظلم للأعلى
صعود سحابة ثكلى
وأجعل كل ما في القلب
يستعر
وأحضنه .. وأنفجر !