اليوم 11
ما لم تكن مُلماً بروايتك ذاتها، فلتبدأ بالكتابة عمّا تعرفه منها، شيئاً حول المكان أو شخضيات الكتاب. فمن الأسهل كثيراً أن تبدأ العمل على كتابك إذا كنت تكتب عن أشخاص وأماكن وأشياء أنت مُطلع عليها مُسبقاً.
اليوم 12
اختر شخصياتك أولاً، ذلك أن اختيارها أصعب من اختيار إحدى القصص.
عند الكتابة، قد تتغير الحبكة وقد لا تتغير، ولكن الشخصيات سوف تنمو وتكتسب حياتها الخاصة. وإذ تنمو شخصياتك ستتخذ سمات وطبيعة مميزة لها، وكما تعرف أصدقائك المقربين ستعرف أيضاً ما يمكن أن تفعله إحدى الشخصيات في موقف محدد وما لا يمكن أن تفعله.
يقول كاتب روايات الألغاز أوكلاي هال أن على أي كاتب “أن يُنصت لمتطلبات شخصياته، فحين تنبعث إلى الحياة قد تصر على مصيرٍ ما غير ذلك الذي أُعطي لها.”
اليوم 13
جهز رزمة من بطاقات الورق المقوى، مقاس 5 × 7، واكتب اسم كل شخصية أعلى البطاقات. ثم فكر في الدور الذي ستعلبه كل شخصية في قصتك، وما طبيعة هذا الشخص: السن، التعليم، محل الميلاد، وما إذا كان انفعالياً، مرحاً، بديناً، قبيحاً. ما هي سماته الغريبة؟ هل يغسل يديه 500 مرة يومياً؟ هل يسمع أصواتاً في رأسه؟ هل كان من نوعية الأطفال الذين يحبون تعذيب القطط؟ اكتب هذا كله، اكتب كثيراً حتى تتوصل في نهاية الأمر إلى معرفة تلك الشخصيات معرفة حميمة. كان آلفريد هيتشكوك يكتب مشاهده على بطاقات الورق المقوى، كل مشهد على بطاقة. وكان يقول إنه بهذه الطريقة عندما يحين وقت تصوير الفيلم يكون قد صوّره مسبقاً.
ستكون بعض الشخصيات رئيسية، تدور القصة حولهم؛ وآخرون سيلعبون أدواراً ثانوية، ولكن لا غنى عنهم أيضاً، بما أنه لا بدّ من سبب لوجود كل لاعب في اللعبة. إن كان وجودهم في روايتك بلا سبب فسوف يبطئ من تقدم القصة، والبطء يجلب الملل للقاريء.
اليوم 14
تتم كتابة أغلب الروايات وفقاً لصيغة جاهزة مسبقاً، وخاصةً تلك التي تحقق أفضل المبيعات. على سبيل المثال، جون بالدوين، المؤلف المشارك في رواية الطاعون الحادي عشر: رواية رعب طبي، وضع صيغة بسيطة استعان بها لبناء روايته.
وصيغته المكونة من عشر خطوات هي:
1.البطل خبير [متخصص في مجالٍ ما].
2.الشرير خبير [متخصص في مجالٍ ما].
3.لا بدّ أن نرى كل النذالة والخسة فوف كتف الشرير.
4.البطل يقف وراءه فريق من الخبراء في مجالات متنوعة.
5.شخصان أو أكثر من فريقه لا بد أن يطوّروا علاقة حب.
6.شخصان أو أكثر من فريقه لا بد أن يموتوا.
7.لا بدّ أن يحوّل الشرير اهتمامه من هدفه الأصلي إلى الفريق نفسه.
8.لا بدّ أن يظل البطل الخيّر والشرير على قيد الحياة ليتمكنا من الدخول في معركة في التتمة.
9.لا بدّ من تقديم حالات الموت من وجهة نظر فردية ثم الانطلاق للمجموعة: أي، إياك والقول إن القنبلة انفجرت وصُرع عدد 15 ألف شخص. ابدأ ب “كان جيمي وسوزي يتنزهان في الحديقة العامة مع جدتهما عندما انشقت الأرض.”
10.إذا عجزت عن التقدم في قصتك، ما عليك إلا أن تقتل شخصاً ما.
هناك المزيد حول الصيغة الجاهزة. حين بدأ إرنست هيمنجواي عمله كمراسل صحافي شاب لجريدة كانساس سيتي ستار، تم تسليمه صفحة بتعليمات الأسلوب عليها أربعة قواعد محددة، وهي:
استخدم جملاً قصيرة.
استخدم فقرات قصيرة.
استخدم لغة حيوية.
استخدم صيغ الإثبات، لا النفي أبداً.
وعند سؤال هيمنجواي بعدها بسنوات عن تلك القواعد قال: “كانت تلك هي أفضل قواعد تعلمتها على الإطلاق في مجال الكتابة. ولم أنسها بالمرة. ولا يوجد أحد يمتلك أدنى الموهبة، ويشعر ويكتب بصدق عما يحاول أن يقوله، يمكنه أن يخفق في كتابته إذا ما التزم بتلك القواعد.”
اليوم 15
طوّر شخصياتك وحبكتك جنباً إلى جنب. فلا يمكنك أن تشكل إحداها جيداً بمعزل عن الأخرى. شخصياتك ليسوا مخلوقات خشبية سقطت من السماء مكتملة بفعل السحر. بل هي عناصر لا غنى عنها للدراما التي تخلقها. عليهم أن يفعلوا شيئاً منطقياً أو غير منطقي (وهو ما يعني الحبكة) ليضيفوا إلى القصة وينتقلوا بها نحو ذروتها القصوى. لا تفصل أبداً الشخصيات عن الحبكة.
اليوم 16
على قارئك أن يُصدق أن شخصياتك موجودة أو يمكن أن توجد – ولا بدّ أن تكون جذابة بصورة فريدة. ولا شيء أفضل لتحديد طبيعة شخصياتك من أفعالها، وأهدافها في الحياة. قد يكون الهدف خيراً أو شراً، لا يهم، المهم أن يرى القراء أفعالها وأهدافها، ويؤمن بهم، ويبقى على اهتمامه بهم باستمرار.
لا تكتب قصة تزدحم بآلاف الشخصيات. فلتكن حكايتك عن شخص أو اثنين أو ثلاثة فقط، ولكن لا يمكن نسيانهم، وجميعهم ممتلئون بالأهداف والمقاصد.
اليوم 17
إنك بحاجة إلى بطلٍ قوي. يجد أغلب الكتّاب مشكلة في رسم شخصية بطل أكبر من الحياة، تامة النضج، ومتماسكة.
تذكر أن بطلك هو الشخصية الرئيسية لقصتك. إنه الشخص الذي سيتوحد به قارئك، إنك تريد من القراء أن يولعوا ببطلك. هو – أو هي – صديقك الحميم الجديد.
اليوم 18
اكتشف مَن الذي تحتاج إليهم في قصتك، وماذا يفعلون معاً أو لبعضهم البعض، وما الذي تفعله بهم القصة ذاتها. هل ينجرّون جميعاً في اتجاه واحد؟ أم يمضون في ست اتجاهات مختلفة. اسأل نفسك السؤال الحاسم: أي شيء سيكون أكثر جاذبية للقاريء؟ ذلك هو الاختبار الحاسم لنمو الشخصية وللحبكة. هل سيكون القاريء شغوفاً بهذا؟ هل سيكترث؟
لتحرز نجاحاً في تنمية الشخصية والحبكة، عليك أن تتخذ قرارات صعبة. عليك ألا تأخذك الشفقة بشخصياتك وقصتك. مَن يبقى ومن يُستبعَد؟ ماذا يبقى وماذا يُستبعَد؟
وبصراحة، هذا هو الموضع الذي يتوقف فيه كثيرون ممن يكبتون روايتهم الأولى، فهم لا يستطيعون أن يحسموا اختيارهم. فإن الاحتمالات العديدة تفتن عقولهم، أو تصيبهم بشللٍ تام.
لا تغامر بهذا، كن قاسياً صارماً. جرب خيارات مختلفة بالطبع، ولكن لا بدّ أن تحرّك القصة إلى الأمام حدثاً بعد حدث، جاذباً معك كل شخصية. وكلما تكشّف حدثٌ ما لا بدّ أن يكون لكل شخصية رد فعلها عليه. تماماً كما تجري الأمور في الحياة الواقعية.
إذا صدمت سيارة أحد الأطفال فصرعته في الحال، فإن حياة سائق السيارة تتغير إلى الأبد، وكذلك حياة والدي الطفل، وكذلك حياة أشقائه وشقيقاته وأصدقائه وحتى شرطي المرور وعابري الطريق لحظتها. عليك أن تقرر ما هي تلك التغييرات. عليك أن تقرر. هذه فرصتك لتلعب دور الآلهة – وإذا كنت تنوي أن تكتب سرداً فعليك أن تلعب ذلك الدور. الآلهة تكمن في التفاصيل، الآلهة تقرر مسار الرواية.
اليوم 19
واصل طرح سؤال “لماذا؟” بينما تصل إلى نهاية الأسبوع الثاني من تحديد شخصياتك، سيكون لديك كومة من بطاقات الشخصيات بمقاس 5×7 التي توضح تفاصيل الحياة الخاصة لكل شخصية في قصتك على حدة، نزولاً إلى مقاس خصورهم ولونهم المفضل. كان الروائي فلاديمير نابوكوف [صاحب لوليتا] يؤلّف كل رواياته على بطاقات الورق المقوّى.
اليوم 20
“صوتك” هو صوتك أنت، و”أسلوبك”، هو أسلوبك أنت. لا تحاول أن “تبدو مثل” أحد الكتاب المشاهير. كثيرٌ من الكتاب المبتدئين يشعرون أن عليهم إضافة شيء ما إلى “صوتهم” الخاص على الصفحة المطبوعة. من تكونه على الصفحة هو من تكونه في الحياة، بنفس قدر تمرسك وبنفس قدر خبرتك بالحياة والناس، أو بنفس قدر انعدام التمرس وافتقار الخبرة. لا يهم، واصل الكتابة وواصل استبعاد الأجراء المرتبكة التي تتسلل إلى كتابتك. كن على طبيعتك. فكما كتب الروائي الفرنسي، فرانسوا رينيه دي شاتوبريان: “الكاتب الأصيل ليس هو من يحاكي أي شخص، بل هو من لا يستطيع أي شخص أن يحاكيه.”
مواقع النشر (المفضلة)