يعيش حوالى ستة ملايين مسلم في فرنسا، حالة من الحيرة شديدة في كل عام؛ جراء الاختلافات السنوية بخصوص تحديد دخول شهر رمضان؛ في ظل عدم قدرة المؤسسات الإسلامية الكبرى في الدولة على تحديد يوم الصوم الأول؛ إما لتبعيتها لبعض الدول أو المذاهب.
ومن المُنتظر أن يلتقي اليوم الجمعة وفد من تلك المؤسسات الإسلامية لتحديد موعد دخول شهر رمضان وفقاً للحساب الفلكي، مع الاتفاق على عدم تغييره.

وكشفت تجربة العام الماضي في فرنسا عن حجم معاناة المسلمين مع قضية الرؤية؛ حيث عُقِد اجتماع للمؤسسات الإسلامية الكبرى قبيل رمضان بفترة وجيزة في باريس، وتم الاتفاق على تحديد الحساب الفلكي لبدء الصيام، وكان حينها يوم العاشر من يوليو تحديداً.

وبعد ذلك خرج الجميع على هذا الاتفاق الذي تم إعلانه في المساجد والمراكز الإسلامية في أنحاء البلاد؛ حيث جاءت المفاجأة في منتصف أول يوم من رمضان، عندما أعلنت إحدى المؤسسات الإسلامية أنها أخطأت في حساب الشهر، وطلبت من المسلمين أن يُفطروا ذلك اليوم ويبدأوا صيامهم في اليوم التالي.

وساهم التلفاز الفرنسي في حالة الارتباك؛ حيث بث الخبر على شاشته؛ مما أدى إلى اختلاف مزعج ونظرة مخيبة للآمال تجاه مسلمي أوروبا في أوساط الشعب الفرنسي.

وعجز مجلس الإفتاء الأوروبي المكوّن من 47 عضواً من كبار العلماء المسلمين، برفقتهم العديد من علماء المسلمين في الدين وعلماء الفلك من مختلف بلدان العالم، في إنهاء الجدل بشأن ولادة الهلال؛ على الرغم من إمكانية ذلك حسابياً، ويمكن تحديدها بالساعة والدقيقة والثانية؛ مما يعني سهولة تحديد اليوم الأول للشهر الفضيل.

وقال خطيب الجمعة في أحد مساجد مولوز الفرنسية يُدعى أحمد عبدالسلام لـ"سبق": "معاناة المسلمين في فرنسا وبقية الدول الأوروبية بسبب هذه القضية، تتصاعد سنوياً، وسنحرص على حلها سريعاً حتى تستقيم أمورنا".

وأضاف: "الناس في بعض البلدان لا يستطيعون أخذ إجازة مدرسية لأبنائهم خلال نهار العيد؛ بسبب عدم تحديد وقت دقيق لتاريخه، وسبق أن طالب مسلمو هولندا وزيرَ التعليم بتخصيص يوم للعيد؛ فوافق مشترطاً تحديد تاريخه قبل بداية العام الدراسي؛ ولكنهم لم يتمكنوا بسبب قضية الرؤية؛ فتراجعوا عن مطالبهم".

وأردف "عبدالسلام": "لدينا معاناة في مولوز؛ لكنها من نوع آخر؛ فنحن نضطر إلى حجز قاعة ضخمة لأداء صلاة العيد؛ ليتمكن مسلمو المدينة من المشاركة؛ لكن عدم دقة المواعيد يُجبرنا على استئجارها ليومين متتاليين؛ مما يعني إهدار ميزانيات المؤسسات الإسلامية".

وقد عقد مسلمو أوروبا العزمَ على تبنّي الآلية التركية التي تُحَدّد مواعيد رمضان والعيد وفقاً للحساب الفلكي؛ وذلك لمدة تصل للعامين؛ الأمر الذي يُمكن أن يسهّل شؤون حياتهم في مختلف الجوانب.