عادة جميلة تلك التي تمرست عليها عشرات الأسر المسلمة في قرية بير بيرن الواقعة على بعد ٣٠ كلم جنوبي العاصمة السويسرية بيرن منذ الإعلان عن دخول شهر رمضان المبارك.
فمع تأكيد رؤية الهلال، تتجه الأسر بأطفالها لمسجد الرحمن في قلب القرية الهادئة ذات الطبيعة الخلابة، وبعد تقديم التهاني يتسابقون على لوحة مخصصة لمواعيد الإفطار، حيث تتكفل كل أسرة مسلمة بتجهيز الإفطار ليوم واحد لعدد يتجاوز ٩٠ رجلاً أغلبهم من العزاب والمغتربين.

وتوضع اللوحة على المدخل، وبعد أن تكتمل الأسماء يتم وضعها في مكان بارز في المسجد الذي يتحول في رمضان إلى خلية نحل لا تهدأ طوال الشهر الكريم.

وتحرص كل عائلة في القرية حين يحين موعدها لتجهيز الإفطار على تجهيز كل ما لذ وطاب من المأكولات المتنوعة، حيث لا تخلو المائدة في الغالب من وجبات شهية كالكوسكس المغربي وكيك التفاح السويسرية اللذيذة وكيك الجبن التي يشتهرن بها سيدات سويسرا، وهي وجبات مغذية تساعد على تعويض الصائمين ما فقدوه خلال فترة صيام تمتد أحياناً لما يقارب الـ ١٩ ساعة يومياً.

ومع وصول الإفطار للمسجد عند التاسعة والنصف مساءً- قبل أذان المغرب بنصف ساعة- يتحلق عدد كبير من المسلمين على المائدة ويبدؤون في ترديد الدعاء لأنفسهم وللأسرة التي صنعت لهم الطعام، وقبل التهام الوجبات الثقيلة، يفضلون أولاً البدء بتناول التمر الذي يصلهم جواً من السعودية، ويبلون عروقهم بالماء وهم يتبادلون التهاني بالإفطار في منظر روحاني يجمع عشرات المسلمين على مائدة واحدة من جنسيات مختلفة بدءاً بالسويسرية والمغربية والتونسية ومروراً بالجنسيات الإفريقية وانتهاءً بأبناء الجالية البوسنية والألبانية والأتراك.

مسلمو "بير بيرن" لا يغادرون المسجد عادة إلا بعد أداء صلاة التراويح مع بعضهم بعضاً ثم يعودون لمنازلهم بعد أن يلقوا نظرة خاطفة على اللوحة المخصصة لترتيب العائلات في تجهيز الإفطار، وحناجرهم ترتفع بالدعاء لتلك الوقفات الإسلامية النبيلة.