(اين الواجب يا هذا )

كلمة واحدة أسكتت صفاً بأكمله ذلك الأستاذ القوي الشديد الذي يدخل الرعب والخوف في قلوب الطلبة , مشى بخطواته البطيئة المرعبة ليقترب من ذلك الطالب الجالس في المقعد الأول انحنى نحوه وقال أين الواجب ؟ وبيدين مرتجفتين اخرج الطالب دفتره قائلا : ها هو يا أستاذ . رسم الأستاذ على وجهه ابتسامة صغيرة ومضى يفتش على حل الواجب في دفتر كل طالب إلى أن وصل إلى طالب يجلس في أخر مقعد في الصف وجن جنونه عندما رأى أن الطالب لا يضع أمامه كتاب أو دفتر صرخ به : أين كتابك يا هذا وأين الواجب الذي طلبته منك ؟! بقي الطالب صامتاً وجالسا في مكانه ولم يستطع الإجابة على السؤال و بصوت أعلى صرخ الأستاذ ثانية : اخبرني أين كتابك ودفترك حالا ! حاول الطالب أن يمتلك المزيد من الشجاعة و بصوت منخفض : لم أنجزه يا أستاذي رفع الأستاذ حاجبيه مستغربا وقال لماذا ؟ أجاب الطالب ودموعه توشك على السقوط كان لدي موعد في المستشفى فأنا مريض ! ...صرخ الأستاذ مهمل وتكذب أيضا .
نظر الطالب في عيني الأستاذ وقال بتردد : أستاذي أخبرتك ان .... وقبل أن يكمل قاطعه الأستاذ : لا تقل شيء واجبك وعليك أن تنجزه فهمت وألان هيا اخرج إلى السبورة لتلقى جزائك . بقي الطالب ساكناً !! وهذه ما جعل الأستاذ يغضب أكثر صرخ به مرة أخرى : لماذا لا تسمع كلامي ؟.. وكرر كلامه مشيراً بإصبعه إلى السبورة اخرج هيا أيها الغبي ثم امسكه من سترته و سحبه خارج مقعده ليقع الطالب أرضا وهو عاجز عن الحركة رفع رأسه إلى أستاذه ودموعه تملأ عينيه : قلت لك يا أستاذي ... وبنبرة الحزن على صوته : قلت لك أني مريض مريض اذهب للمشفى كل يوم لعل الله يكتب لي العلاج لا أريد إن يعلم احد أني مشلول , أبي يدخلني باكرا إلى المدرسة واجلس في الصف وحيدا ..أكل في صفي كلهم يخرجون للفسحة ألا أنا كلهم يلعبون إلا أنا ليتك تعلم يا أستاذي كم أتمنى أن أرى مرافق المدرسة أن أرى المسرح و المرسم والمكتبة ولكني عاااااااجز نعم أؤمن بقدر الله ولكن الطبيب اخبرنا بوجود أمل أن أتعافى وأنا طوال هذه الفترة أخفيت الأمر لا أريد أن يعلم احد و بفضلك ألان صرت حديث المدرسة ... بفضلك بفضلك!! وأجهش بالبكاء فورا ... دموع سالت على خديه وصرخة خرجت من قلبه واعتلت آثار الصدمة وجه الأستاذ ووقف ينظر إليه لا يعلم ماذا يفعل ركض الطلاب نحو زميلهم ورفعوه إلى مقعده و أستاذهم يقف لا يستطيع الحراك ثم قال بصوت مرتجف أسف ..يا بني لم أكن .... ولم يستطع الإكمال خوفا من إن تفضحه دموعه
في اليوم التالي رن جرس منزل الطالب المسكين وعندما فتح والده الباب وجد الأستاذ يقف وبيده كرسي بعجلات قالها والبسمة على وجهه : أيمكنني أن اصطحب ابنك معي إلى المدرسة اليوم أعدك بان اعتني به جيدا . وافق الأب باستغراب واستأذن المعلم لدقائق ثم عاد حاملا ابنه وأجلسه على الكرسي الذي احضره الأستاذ .. دفع الأستاذ الطالب إلى الأمام وسار به نحو السيارة ثم خاطبه قائلا : أتمانع أن تجلس مع ابني في السيارة أجابه الطالب بخجل : لا يا أستاذ فتح المعلم باب السيارة وحمل الطالب وادخله إليها وتفاجئ الطالب عندما سلم على ابن الأستاذ انه يعاني من مرضه نفسه !!
(النهاية )