~






الخـاتمـة


*****






بعد مرور عام . .

توقفتُ بسيارتى أمام ذلك المنزل الريفى ، ثم غادرتها وأتجهتُ لأفتح باب السيارة المجاور لى ، لتخرج منه دانة حاملة أبننا - صلاح الدين - الذى يبلغ من العمر شهر واحد ، والذى أصريتُ على تسميته بهذا الأسم ليكون مثل الناصر صلاح بإذن الله . .

" لستُ أدرى لِم أتيت بنا إلى هنا . . ألم يكن الأجدر بك أن تنتظر حتى ينتهى العمال منه ؟ "

لم أرد عليها ، وأشرتُ إليها بأن تتبعنى صامتة ، فما كان منها سوى أن زفرت بضيق وقالت متذمرة :
" أنت صعب المراس يا إياد . . وما تريده لن يستطيع أحدا ً أن يثنيك عنه . . لستُ أدرى أين كان عقلى حينما وافقتُ على الزواج منك ؟ ! "

ضحكتُ وقلتُ :
" بل السؤال المطلوب هو .. أين كان عقلى أنا حينما أحببتكِ أيتها الثرثارة السليطة اللسان ؟ "

ابتسمت دانة ابتسامة واسعة وقالت :
" كان عقلك فى أجازة كما هو دائما ً . "

بعد مُناقشة طويلة ، أخيرا ً أستطعتُ أن أقنع دانة بالدخول إلى المنزل على مضض . .
كنتُ أفتح باب المنزل الخارجى ودانة تقف خلفى تراقبنى فى ضجر حتى أنتهيتُ من ذلك ، فأفسحتُ لها المجال لتدلف هى إلى المنزل أولا ً ، ووقفتُ خلفها ووضعتُ يدى على عينيها و ....

" ماذا تفعل بربك يا إياد ؟ "

قالت دانة ذلك بصوتٍ حاد وهى تحاول أن تبعد يدى عن عينيها ، لكن لكونها تحمل صلاح ، فإنها لم تتمكن من ذلك ، ودلفت إلى المنزل وهى تتمتم ببعض الكلمات الغاضبة ..
دانة هى دانة .. لن تتغير أبدا ً !

دخلنا إلى المنزل ، وأغلقتُ الباب خلفى بقدمى ، ثم توقفتُ فى منتصف الردهة ، وأبعدتُ يدى ّ عن عينا دانة التى قالت بضيق :
" ما لزوم هذا الـ ...... ؟ "

ولم تتم جُملتها ، إنما راحت تحملق فيما حولها ، وقد حبست أنفاسها من شدة ذهولها . .

" ما رأيك ؟ أليست مفاجأة رائعة ؟ "

سألتُ دانة ، فألتفتت لتنظر إلىّ وقالت :
" متى فعلت كل هذا يا إياد ؟ "

ابتسمت وقلتُ :
" منذ فترة طويلة وأنا أرتب لهذا الأمر .. لكن ما رأيك ؟ أليست مفاجأة رائعة ؟ "

عادت دانة تحدق بالردهة التى تم طلاءها بألوان جميلة ، وإلى الأثاث الذى وضعته بها ، وهى لا تكاد تصدق نفسها ..
ثم قالت :
" إنها أجمل مفاجأة على الأطلاق . "

قلتُ :
" أنتظرى حتى ترى الطابق العلوى . . سيعجبك ِ كثيرا ً . "

أعطتنى دانة صلاح لأحمله عنها ، ثم راحت تدور فى أرجاء المنزل بسعادة بالغة . . فرحتُ أتبعها وأراقبها بصمت وهى تتجول فى المنزل ، حتى توقفت فجأة وألتفتت لتنظر إلى ّ ثم قالت بحيرة :
" لكن يا إياد . . ماذا عن المدرسة ؟ الطريق طويل جدا ً للوصول إليها من هنا ! "

قلتُ :
" هناك مدرسة جديدة أنشأت بالجوار تحتاج لمعلمين ، وسأقدم لكلا ً منا بها . "

قالت :
" لكن . . أليس هذا المنزل واسع علينا للغاية ؟ إننا لسنا سوى ثلاثة . . "

قلتُ :
" لن يكن كذلك بعد عدة أعوام . . فأنا أريدك أن تنجبى لى طفل كل عام . . "

رفعت دانة حاجبيها فى دهشه وقالت مُستنكرة :
" كل عام ! لا . . أنك قطعا ً تحلم ! "

قلتُ :
" الأحلام سهل تحقيقها . . ثم أننى أريد أن ننجب قطز وبيبرس و . . . . "

قاطعتنى دانة قائلة :
" كفى ! لا تحلم بذلك يا إياد . . "

قلتُ مُنفعلا ً :
" بل أنتِ التى لا تحلمى بغير ذلك . "

رفعت دانة حاجبيها وقالت بغضب :
" هكذا ! "

قلتُ :
" بلى . "

قالت :
" حسنا ً . . أعيدنى إلى منزل والداى يا إياد . "

قلتُ :
" هل تهددينى ؟ "

قالت :
" قلتُ أعيدنى إلى منزل والداى . "

قلتُ :
" حسنا ً يا دانة . . سأعيدك إلى هناك . "

وأتجهتُ نحو باب المنزل لأغادره ، فإذا بدانة تقول :
" صحيح . . هذا ما تتمناه بالطبع . . أن أترك لك المنزل لتفعل به ما تشاء . . لكن لا . . لن أترك لك المنزل وسأظل معك و . . . . "

قاطعتها قائلا ً :
" أوف . . ألا يرهقكِ لسانك هذا من كثرة الكلام ؟ "

قالت :
" لا . . لا يرهقنى أبدا ً. . وسأظل أتكلم وأتكلم وأتكلم حتى تصاب بالصداع . "

وفى الختام ، نصيحتى لأى شاب مُقبل على الزواج . .
أياك أن تقدم على هذه الخطوة . .
أياك !



*-*-*-*-*





تــمـــت