يشن "حزب الله" وحركة "أمل"، حملة عسكرية مستمرة، لم يسبق لها مثيل، على مخيمات اللجوء في مدينة "عرسال"؛ مستخدماً الصورايخ والمدفعيات الثقيلة التي لا تستثني أحداً في هذه المخيمات، والتي تسببت في حرق خيام النازحين في المخيم الرابع، ومقتل العشرات منهم، واعتقال العشرات من المدنيين النازحين؛ بحسب الناشط في الثورة السورية "هادي العبدالله" ومواقع ومصادر أخرى.
وأضاف "العبدالله": "أن هذه الأعمال للتغطية على خسائره الفادحة في سوريا، وفي أعمال لا تقل بشاعة عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وتحدث منذ يومين".

يُذكر أنه طالما انتقد "حزب الله" والإعلام الموالي له في لبنان مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان، ووصفها بأنها معسكرات تؤوي الإرهاب؛ خاصة المخيمات الواقعة في مدينة عرسال، والتي تضم ما يقارب 140 ألف لاجئ؛ متجاهلاً أن ميليشياته الإرهابية تساهم بشكل كبير في قتل الشعب السوري وتهجير الآلاف من منازلهم؛ بحجة المقاومة والممانعة, ومع كل تفجير وَقَعَ في الأشهر الماضية؛ مستهدفاً المناطق الخاضعة لـ"حزب الله" يرد "حزب الله" فوراً بقصف مخيمات اللجوء في عرسال؛ مستهدفاً الأطفال والمدنيين الهاربين من بطش نظام الأسد وميليشياته الشيعية المتطرفة.

وتأتي هذه التطورات بعد اندلاع اشتباكات عنيفة وقعت بين عناصر مسلحة من الجانب السوري وقوات الجيش اللبناني المدعومة بمسلحي "حزب الله" وحركة "أمل"، عقب اعتقال الجيش اللبناني عماد أحمد جمعة، القيادي في جبهة النصرة، أدت إلى قتل 16 جندياً من الجيش اللبناني، واختطاف 22 جندياً وجرح 86؛ بينما الخسائر من جانب المسلحين بالعشرات؛ بحسب عدة روايات من قِبَل الجيش اللبناني؛ لكن نشطاء سوريون تحدثوا عن أن معظم القتلى من اللاجئين السوريين المدنين الذين سقطوا في القصف العشوائي على مخيمات اللاجئين.

وتعرّض وفد الوساطة اللبنانية -المكوّن من أعضاء هيئة العلماء المسلمين- إلى إطلاق نار أثناء دخولهم إلى مدينة عرسال، أدت إلى إصابة المشايخ: (رئيس الهيئة سالم الرافعي، وجلال كلش، ونبيل الحلبي)؛ حيث تحدثت مصادر لـ"رويترز" عن أن إطلاق النار جاء من منطقة الجيش و"حزب الله".

وعقب انتشار أخبار إصابة وفد الوساطة، اضطر الجيش اللبناني إلى إغلاق الطريق الدولي التي تربط طرابلس وعكار؛ بسبب اندلاع مواجهات بين القوات الأمنية ومتظاهرين متضامنين مع أهالي عرسال.

وبحسب صور ومقاطع فيديو حصلت عليها "سبق" ونشرتها مواقع مقربة من "حزب الله"، يَظهر بوضوح قيام مسلحي "الحزب" بقصف عشوائي بالصواريخ والمدفعية الثقيلة على مدينة عرسال، مع إطلاق شعارات طائفية ورفع أعلام "الحزب" على الألبات العسكرية التابعة للجيش، والمتوجهة إلى مدينة عرسال السنية، الواقعة على بعد 130 كم شمال شرق بيروت، وسط منطقة تقطنها أكثرية شيعية.

وفي بيان رئاسي صدر بالإجماع، جدد مجلس الأمن دعمه الكامل للجيش والحكومة اللبنانية، في مواجهة المجموعات المتطرفة القادمة من سوريا، ودعا أعضاء المجلس كل الأطراف اللبنانية إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات زعزعة استقرار البلاد؛ مشددين على ضرورة أن يعمد جميع اللبنانيين إلى احترام سياسة لبنان في النأي بالنفس عن النزاع الدائر في سوريا، والامتناع عن أي تورط في الأزمة السورية؛ في إشارة إلى تدخل "حزب الله" في الصراع الدائر في سوريا.

وقال النائب أحمد فتفت لإحدى الصحف: "إن وصول النار السورية إلى لبنان سببها تدخل حزب الله في سوريا؛ مضيفاً بأنها مسؤولية الحكومة السابقة التي رفضت منذ 3 سنوات ونصف مطالب تيار المستقبل وقُوَى "14 آذار" انتشار الجيش على كل الحدود وتطبيق القرار الدولي رقم 1701، القاضي بانسحاب ميليشيات "حزب الله" من الحدود، وتسليمها للجيش اللبناني.

ووَصَف عضو كتلة "المستقبل" النائب خالد الظاهر، مشهد الأحداث بالقول: "إنه زمن الاستحقاق الرئاسي؛ معتبراً أن "حزب الله" نجح في استدراج الجيش إلى معركة عرسال التي بشّر بها رئيس بلدية اللبوة رامز أمهز قبل أيام قليلة من اندلاعها، تحت مسمى محاربة الإرهاب". واعتبر النائب أن المرشح للرئاسة قائد الجيش العماد جان قهوجي يخوض معركة عرسال نيابة عن "حزب الله"؛ تماماً مثلما خاضها نيابة عنه في "عبرا".

وأكد النائب أنه من غير الجائز أن تُقَدّم الدماء الزكية لعناصر الجيش اللبناني قرباناً على مذبح المشروع الإيراني الصفوي في المنطقة، والذي من أجل نجاحه يدفع "حزب الله" بخيرة شبابه إلى الموت كمرتزقة في شوراع سوريا.

وعلّق الكاتب في صحيفة "الشرق الأوسط" إياد أبو شقرا على التطورات الأخيرة في عرسال قائلاً: "ليت كلام قائد الجيش وحزمه في الدفاع عن الشرعية وكرامة المؤسسة العسكرية جاء قبل سنتين، كان التضامن سيكون بالإجماع".

وأضاف في تغريدة أخرى قائلاً: "في سياق دعم المناخ التعبوي بلبنان، دخلنا مرحلة الفرز التعصبي على أساس لبناني مقابل سوري"؛ مضيفاً أنه انزلاق خطر نحو الفاشية ليس في مصلحة أحد.