الجزء الحادي والثلاثون
استيقظت بذلك الصباح بعد نومه بالفراش الوثير بالغطاء الدافئ
غسلت وجهها وسرحت شعرها كما يجب ثم ذهبت لغرفة الملابس واختارت الملابس بعناية فائقة
نزلت من درجات السلم للدور السفلي واستقبلتها جوان بابتسامة
ـ صباح الخير سيدة ورد
ـ صباح الخير جوان
ـ طعام الإفطار جاهز بحجرة الطعام
ـ أخبريهم أن ينقلونه للحديقة
ـ أمرك
تنفست الصعداء وابتسمت لقد اشتاقت لهذه السلطة والتأمر
اشتاقت لحياتها السابقة كثيرا
خرجت للحديقة الواسعة المترامية الأطراف
لقد جدد البستاني تصميمها وهذب أشجارها وزرع ألوان مختلفة من الزهور
ونصبت طاولة الطعام أمام النافورة المائية
سكبت جوان القهوة لها ووضعت علبة السجائر إلى جانبها
ابتسمت ورد وقالت : أنت تتعلمين بسرعة يا جوان
ـ لشرف لي أن أخدمك سيدتي
ـ ماذا سيعد الشيف لنا على العشاء
ـ أمرته أن يعد لك حساء ثمار البحر وكرات البطاطس إلى جانبه الماكسكان ستيك وبالإضافة للتيراميسو
ـ جيد يستحسن أن تكون مائدة جميلة لأن أمير سيتناول طعام العشاء معي الليلة
ـ أمرك سيدتي
تركتها جوان لتتناول طعام الإفطار
حدقت بحديقتها الجميلة والورود الزاهية
ما أجمل المال ..
المال يصنع السعادة ويصنع النفس الكريمة
ضحكت بسخرية
لا أصدق أني عشت تلك الكوابيس لا أصدق أني ذهبت لتلك الحانة وعملت بها
من هو جواد ليذلني بهذه الطريقة
قبضت على الكوب بغضب . . من هو ليرسم لي كيف أعيش حياتي
أنا قاهرة الرجال ومن تحديتهم في السوق وفي التجارة وفي الحياة كيف أسمح لحثالة أن يستولي على عقلي
أن يجعلني أذل بتلك الطريقة القذرة
رباه ما خطبي أفكر به كثيرا . . علي أن أنساه
وقفت وذهبت إلى السيارة حيث فتح لها السائق الباب
دخلت لشركتها بخطواتها الواثقة المتعالية
نزعت عنها معطفها الثمين ووضعته بالشماعة
ثم جلست على كرسيها الجلدي وباشرت العمل الذي لا ينتهي
طرق باب مكتبها سامي ثم دخل فورا
حدقت به وقالت : سامي ؟! كيف تدخل بدون إذن هكذا ما هذه الهمجية
وقف أمامها وقال مبتسما : مبارك لك سيدة ورد
ـ أشكرك
ـ ها قد عدت لسابق عهدك .. رباه كم تبدين جميلة وأنت على الكرسي وتباشرين بعملك
ـ أنصرف إذا سمحت لا أطيق رؤية وجهك
ـ أتيت لأبارك لك أيضا بالطلاق لقد أنتشر الخبر
ـ أشكرك
ـ هذا يعني أن المكان فارغ لي
ـ كلا أنا محجوزة لرجل يفوقك ذكاء وجمال ومال رجل بحق وحقيقة وليس مثلك
ـ أوه .. (قال بسخرية ) السيدة ورد عادت وبقوة
ـ أخرج من مكتبي إن كنت انتهيت من كلامك السخيف
ـ أتيت مرحبا فقط
ـ لا تظن بأني لا أعلم عن حقارتك..أنا على علم بكل ما فعلته لي يا سامي ولكنني لن أنتقم منك احتراما لكونك زوجي السابق
ـ بل لأنك ... تحبينني
ـ أخرج من المكتب فورا
ـ عموما أنا سأسافر للخارج حتى أبني تجارتي هناك من شركة طليقك المصون جواد
ـ شركة جواد ؟!
قال بسخرية : ألم يخبرك أنني طلبت منه الشركة كثمن سكوتي عن الجريمة البشعة التي ارتكبها بحق صوفيا
ـ لا يعنيني هذا الأمر أخرج من مكتبي فورا
ـ عمت صباحا سيدة ورد
تجاهلته وأكملت العمل
ما الذي يهذي به هذا المجنون هل أخذ شركة جواد حقا
رباه
لقد عانى جواد الكثير لأجلي (قطبت حاجبيها ) حتى أنا عانيت لأجله لقد أخذ كل منا جزاءه
هو أخذ جزاء إخفاء الحقائق عني وأنا أخذت جزاء خيانتي
حاولت أن تكمل عملها دون التفكير بجواد وبأمور جواد
يقولون أن الشخص الذي تبذل مجهودا لتنساه هو الشخص الذي تعشقه وبجنون
دخلت لقصرها الكبير بعد انتهاء الدوام واستقبلتها جوان
قالت : هل وصل أمير؟
ـ كلا سيدتي لم يصل بعد
ـ سأذهب لأرتدي ملابسي ريثما يصل
صعدت لغرفة نومها واختارت فستان قصير بسيطا وتركت شعرها منسدلا
ثم نزلت للأسفل وكان أمير بانتظارها
ابتسمت وقالت : متى وصلت
قبل يدها وقال : للتو
ـ كيف حالك
ـ بخير ما دمت أراك يا جميلتي
قربها إليه وقال : اشتقت لعينيك ولرمشها ولشفتيك ولنعومتها وليديك ولرقتها
ضحكت وقالت : كم أنت بارع في الغزل
ـ أنا أؤلف قصائد ولكنها تكتب وتألف خصيصا لك
ـ أحقا
ـ بالطبع
ـ هيا لنذهب ونتناول الطعام
حوط خصرها وذهب معها لحجرة الطعام
سحب الخادم كرسيهما وسكب لهم من شتى الأطباق ثم أمرت ورد جميع الخدم بالانصراف
قال أمير : تبدو الأطباق شهية جدا
تناولت ورد من كرات البطاطس ثم قالت : الشيف الخاص بي يعدها
ـ هل تحبين الطبخ
ـ أكرهه جدا
ضحك وقال : أنا أيضا
حدق بها برهة ثم قال : هل فكرت بأمر خطوبتنا ؟
رشفت من الحساء وقالت بهدوء : أنا موافقة
ابتسم ابتسامة واسعة ثم قال : هذا أجمل خبر سمعته اليوم
ـ إذا متى سنحدد موعد خطوبتنا
ـ ما رأيك أن تكون بالشهر المقبل
ـ موافقة
ـ سأحجز أفضل فندق لأقيم فيه حفل خطوبتنا ستكون حفلة يتحدث عنها الجميع أعدك بذلك
ابتسمت ولازمت الصمت
وضع يده على يدها وقال : هل أنت سعيدة ؟
ـ نعم
ـ أنا طائر من السعادة يا ورد الأرض كلها لا تكفيني لأصور حجم سعادتي
تنفست الصعداء ولازمت الصمت لمدة طويلة
لازمت الصمت طيلة تحضيرات الحفل
وقدم والديها من لندن التي قررا أن يستقران فيها أخيرا
عكفت ماجدة على تحضير الحفلة لتصبح حفلة يتكلم عنها الجميع
ورغم كل تجهيزات الحفل التي بذلت ماجدة جهودا فيها
إلا أن ورد لم تكن سعيدة كانت تشعر أن ثمة أمر ينقصها ولا تعلم ما هو
دخلت برفقة أمير للحفلة من مدخل الفندق وأنشغل الصحفيون بتصويرهما
بدا أمير بغاية الوسامة في الحفل وكذلك ورد
حوطها أمير بذراعه ووقف الاثنين أمام الكاميرات لتلتقط لهم صورة
ثم دخلا للحفل ليسلموا على الضيوف
وقفت مع أمير تسلم على الضيوف فيما همست بنفسها
" أشعر أني سأختنق .. لما لست سعيدة رغم كل هذا الجمال الذي حولي وذراعي ممسكة برجل يفوق كل الرجال في الجمال وحسن المظهر
رجل أنيق يعرف كيف يختار كلماته
لما لست سعيدة ؟ لماذا كم أريد أن أعرف سبب هذا الضيقة والاختناق الذي أشعر به
تكاد دموعي تنزل من شدة الضيقة
لا أعلم ولكنني أحتاج لرؤية جواد
كلا . .كلا لن أتصل عليه ولن أراه يجب أن أبتعد عنه تماما
قطعت مع أمير الكعكة وتناولتها
قبل أمير جبينها وقال مبتسما : أنا سعيد جدا
ابتسمت وقالت : أنا أيضا
أمسك أمير يدها بكل رقة وقبلها ثم وضع الخاتم بأصبعها وكذلك هي وضعت الخاتم بأصبعه
ضحكت بسخرية
رباه يا ورد كم خاتم لبست ولكم رجل خطبت ؟
ما هذه الحياة
رقصت مع أمير على أنغام الموسيقى بينما تحاشت النظر إليه
ودت لو تنتهي أجواء هذا الحفل بأسرع وقت تشعر بالاختناق
تشعر أن روحها ستصعد للسماء
حصلت بتلك الليلة على هدايا كثيرة من الأقارب والأصدقاء
وما إن انتهت الحفلة هربت بسرعة لمنزلها رغم أن أمير حاول الذهاب معها ليسهران سوية ولكنها أرادت الابتعاد عنه
دخلت لمنزلها ثم لجناح غرفة نومها و عزلت نفسها عن الجميع
لا تريد أن ترى أحدا من أصحاب الطبقة المخملية
لا تريد أن تسمع أحاديثهم ولا تريد أن تعيش جوهم الفاخر المليء بالترف والبذخ
لمعت الدموع بعينيها
ما الذي تريدينه يا ورد ؟!
ما الذي تشتهيه نفسك حتى ترتاحي
أ تشتهي حضن جواد
كلا البتة أنت لست ضعيفة
أنت ورد المرأة الحديدية
أ صحيح أني لا أستطيع العيش بدونك ؟
وأن قلبي ولد بحضنك
وأن روحي سترجع لجسدي
إن ارتميت بين ذراعيك
واستمعت لسيمفونية دقات قلبك
أ صحيح ذلك ؟
أم هو مجرد وهم لا أعلم
.
.
.
دخلت لباب شركتها بذاك الصباح
لم يتسنى لها تناول الطعام بالمنزل لأنها تأخرت
باشرت العمل فور جلوسها على الكرسي
لكنها لمحت خبر على الجريدة شدها لقراءته
أمسكت بالجريدة لتقرأ الخبر
" نقلة كبيرة لرجل الأعمال جواد "
رجل الأعمال طليق السيدة ورد خالد ينتقل نقلة عظيمة "
ضحكت بسخرية " هو مشغول بتطوير نفسه بينما أنا أفكر فيه هنئ لك يا جواد "
حاولت أن تكمل عملها وتتناساه
ارتكزت على الكرسي ورشفت من دخانها
فوجئت بطرقة على باب مكتبها وفوجئت أكثر عندما رأت جواد أمامها
وقفت وقالت بلهفة : جواد
أقترب بضع خطوات وقال : صباح الخير
ـ صباح الخير أهلا بك تفضل
ـ أتمنى ألا أكون قد عطلتك عن عملك
جلست مقابل له وقالت : كلا البتة تفضل
جلس وقال : جئت لأهنئك بمناسبة خطوبتك لقد خطبت لرجل جميل حسن المظهر ولديه أموال وثروة تفوق ثروتك
ارتكزت على الكرسي وقالت : أنا أيضا أهنئك لقد قرأت الخبر بالجريدة يبدو أن تجارتك توسعت وهذا ما يبدو على مظهرك
كان مرتديا بذلة فخمة جدا وبدا على مظهره الثراء
ابتسم وقال : نعم تحسن وضعي كثيرا
ـ يبدو أن الانفصال كان بصالحنا
حدق بعينيها وقال : لكنه لم يأتي لصالح قلوبنا
لازمت الصمت وتجنبت النظر إلى عينيه
وضع علبة على الطاولة وقال : هذه هدية مني بمناسبة خطوبتك
أمسكت بالعلبة المخملية وفتحتها كان خاتم زواجها من جواد
حدقت به وقالت : ما هذا؟ هل تمزح معي
ابتسم وقال : هذا خاتم زواجك.. احتفظي به إلى أن يحين وقت زواجنا لتضعيه بأصبعك مرة أخرى
وضعت العلبة على الطاولة وقالت : لما أنت واثق بأني سأعود لك
وقف من أريكته وجلس إلى جانبها وهو يحدق بعينيها
وضع يده على قلبها وابتسم ابتسامة واسعة
قال هامسا : ما زلت تحبيني ونبضات قلبك تشهد على ذلك
أبعدت يده وقالت : أبتعد عني رجاءً
ـ قلبك لي أنا أقسم بذلك
ـ لم يعد لك يا جواد
ـ ربما جسدك محرم علي أما قلبك فلا وألف لا
زاد اقترابه منها فيما قال وهو ينظر لعينيها
ـ أنت تحبيني ولا تستطيعين نسياني .. أرى ذلك بعينيك .. أرى فيهما رغبة شديدة في الاقتراب مني والارتماء بحضني .. دائما ترمين بهمومك بحضني وتشكين لي . . تبكي على صدري وأمسح على رأسك بكل حنان
وقفت وقالت : رجاء أنصرف
ـ لماذا ؟ لأني أخبرتك بحقيقة مشاعرك
نظرت إليه وقالت : أنا لا أريد حبا .. أريد حياة كريمة فحسب
وقف وقال : ها قد أصبحت غنيا وسأسعدك
ـ لا أريد حبك لأنه مذلة يا جواد
ابتسم وقال : ستعودين لي يا ورد أقسم بالرب أنك ستعودين أنا أرى ذلك بعينيك
مواقع النشر (المفضلة)